وجوه وملامح (18)
تاريخ النشر: 05/11/16 | 12:18لقد تركت المرآة المسلمة عبر صفحات التاريخ صفحات مشرقة حافلة بالمواقف الرائعة التي تظهر فيها معاني هامة تحتاج المسلمة المعاصرة التعرف عليها من خلال نساء دخلن التاريخ من أبواب شتى ، وسأستعرض من خلال هذه السلسلة بعض المواقف سريعة التأثير في القلوب مواقف نستعرض من خلالها ملامح كل شخصية عبر التاريخ .
ربح البيع يا أبا الدحداح …
ومن النساء الاتي سطر لهن التاريخ مواقف مشرقة يشهد بفضلهن ومكانتهن عبر التاريخ ، السيدة أم الدحداح وهي زوجة ابن الدحداح ؛ وهي من صحابيات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ورد ذكرها في حديث أبي الدحداح وصدقته بالحائط :
روى ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية : { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } [البقرة : 245] قال أبو الدحداح الانصاري : ” يا رسول الله ، وإن الله ليريد منا القرض ؟ ” قال : ” نعم يا أبا الدحداح ” . قال : ” أرني يدك يا رسول الله . قال : فناوله يده ، قال : ” فإني قد أقرضت ربي حائطي ” وله حائط فيه ستمائة نخلة .
وأم الدحداح فيه وعيالها قال : فجاء أبو الدحداح فناداها : ” يا أم الدحداح قالت : لبيك قال : اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل ” . وفي رواية أنها قالت له : ” ربح بيعك يا أبا الدحداح ونقلت منه متاعها وصبيانها وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح ” .
تأملي أختاه تلك المرأة المسلمة التي عاونت زوجها على الخير الذي أراده في رضا ورغبة فيما عند الله فلم تقل له دعه لصغارنا أو لماذا فعلت هذا ألم تستطع إخراج بعضه وترك بعضه لنا .
لم تفعل بل زادت من قوته على العمل الصالح وبشرته بأن ما قام به إنما هو بيعة رابحة ، وما البيع الرابح إذن إلا ما بيع لله { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [النحل:96] .
فهل لك يا أختاه في أم الدحداح قدوة فتحثي زوجك على بذل ماله لله وفي سبيل الله ؟ وهل لك فيها من أسوة حسنة فتبيعي الدنيا على يقين بما أعده الله لك في الجنة قال تعالى : { مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ } [الرعد:35] ، وقال تعالى : { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الحديد:21] .
بقلم: محمود عبد السلام ياسين