أمسية لإشهار كتاب “حيفا وأدب السجون”
تاريخ النشر: 20/11/16 | 7:24برعاية المجلس الملي الأرثوذكسي الوطني في حيفا، أقام نادي حيفا الثقافيّ أمسية ثقافيّة نوعيّة، احتفاءً بالباحثة د. لينا الشيخ حشمة، وإشهار بحثها الأكاديميّ “أدب السجون في مصر سوريا والعراق”، وذلك في قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسية الحيفاوية، ووسط حضور كبير من المثقفين والأقرباء والأصدقاء، وقد رحّب المحامي فؤاد نقارة بالحضور والمشاركين وعرض برنامج النادي للقاءات القريبة، ثم تولت عرافة الأمسية خلود فوراني، وتحدث عن أدب السجون كلّ من: د. محمد صفوري، والمحامية عبير بكر، وأنهت اللقاء بكلمة شكر وتوضيح المحتفى بها، وتمّ التقاط الصور التذكارية أثناء توقيع البحث.
مداخلة د. محمد صفوري بعنوان: حشمة تتويجٌ للبحوث الأكاديميّة الراقية: إنّ المحتفى بها هي الدّكتورة لينا الشيخ- حشمة، تربطني بها علاقات متنوّعة، فهي أوّلًا طالبتي، ثمّ قريبتي، وزميلتي في العمل، وفوق كلّ ذلك لأنّي أعتبرها النّموذجَ الحيَّ للمرأة العربيّة العصاميّة التي تعقد العزم على الوصول إلى هدفها، مهما تجشّمت من العقبات والصّعاب. يقول الدّكتور غازي القصيبيّ في روايته “العصفوريّة”: “النقّاد والحلّاقون يجمعهم حبُّ الثرثرة والارتزاق من رؤوس الآخرين”. ويضيف البروفيسور إبراهيم طه: “النقد لا يورث إلّا الجوعَ والفقرَ، ليس هذا فحسب، بل يورث العداوةَ أيضًا”. قد أتّفق مع كليهما إلى درجة كبيرة، لكنّي أرى أنّ ثرثرة الناقد إذا كانت موضوعيّةً وفي صميم العمل تعود على العمل وصاحبه وقرّائه بالنّفع الكثير، دون أن يبالي بما يلحق به من عداوة غير مبرّرة، عندما يأتي النقد صريحًا وبعيدًا عن العلاقات الشّخصيّة.أقول قولي هذا معلنا أنّ ما سأقوله عن هذا البحث لا يمتّ بأيّ صلة لعلاقتي بمنتجته، إنّما هو نتيجة ما ينضحُ به البحث، كما أنّني لا أخشى العداوة، لمعرفتي بحلم الباحثة ومقدرتها على التّمييز بين ما هو موضوعيّ وما هو شخصيّ، فاسمحوا لي قبل الشروع في الحديث عن البحث أن أوجّه أعطرَ التحيات وأحرَّها لكلٍّ من مجمع القاسميّ للّغة العربيّة في باقة الغربيّة، ومكتبة كلّ شيء وصاحبها الأخ صالح عبّاسي على هذه الحُلّةِ القشيبةِ والإخراج الرّاقي للكتاب المنسحب على كلّ عناصر،ه وقد تآلفت معًا لتقدّم للقارئ هذه الدّرّة الثّمينة.
وصف البحث: وبعد، فقد حمل البحث اسم “أدب السجون في مصر، سوريّة، والعراق – الحرّيّة والرقيب”، تعرضُ فيه الباحثة لأدب السجون في هذه الأقطار العربيّة الثلاثة، منذ النصف الثّاني من القرن العشرين وحتّى نهاية العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين، وتجعله في ثلاثة فصول رئيسيّة؛ الأوّل نظريّ والآخران تطبيقيّان. في الفصل الأوّل تناقش الحرّيّة الإبداعيّة وعلاقتَها بالثّالوث المحرّم؛ السياسة، الدين والجنس، متطرّقةً لسلطة الرقيب في هذه المجالات الثّلاثة، والآليّات الرقابية المختلفة التي يمارسها؛ من ملاحقةِ الأدباء، سجنهم، منع نشر إبداعهم ونحو ذلك، ثمّ تعرّج للحديث عن أدب السجون الذي يُكتَبُ في السجن، أو عن السجن، ويصوّر ما يعانيه المظلومون تحت وطأة الظلم، الاعتقال، الأسر، النفي والتشريد. في الفصل الثّاني تعالج أبعاد أدب السجون خارج النصّ الأدبيّ، راصدة علاقة النظام السّائد في الدول المذكورة بالإنسان المثقّف، وتجارب الأدباء الشّخصيّة، وتتطرّق في مصر للحديث عن ثلاثة عهود؛ عبد الناصر، السّادات، ومبارك. وفي سوريّة تتناول عهد حافظ الأسد وابنه بشار، وتجعل حديثَها في العراق عن عهد صدّام حسين وما سبقه من استيلاء حزب البعث على الحكم في سنوات الستين من القرن العشرين. في هذا الفصل توضّح أساليب القمع والسجن مفصّلة سلطة الرقابة بأنواعها الثّلاثة؛ السياسيّة، الدّينيّة، والاجتماعيّة في الدّول الثلاث، وتخصّ المرأة بباب تتحدّث فيه عن المرأة وحرّيّتها الإبداعيّة في تلك الدول، وممّا يثير الاستهجان في هذا المقام هو حقيقة عدم مصادرة نتاج أي كاتبة عراقيّة، لماذا؟ لأنّها لم تجرؤ على الكتابة في العراق، وآثرت الهجرة والكتابة في المنفى، ومثلها فعلت الكاتبة السوريّة، لكن بنسبة أقلّ.
أمّا في الفصل الثّالث وهو لبُّ البحث، فتعالج مضامين أدب السجون وتقنيّاته الفنيّة، حسبما أفرزته النّصوص الأدبيّة المعتمدة في البحث، وعددها أربع وثلاثون بين رواية وسيرة ذاتيّة لمختلف الكتّاب والكاتبات من الدول المذكورة، وقد رصدت في هذا الفصل آليّات القمع والسجن كما تجلّت في النصوص الأدبيّة المدروسة، العلاقة بين السجان/ السجن والسجين، الشّخصيّات؛ الجلّاد، المحقّق، السجان، السجين، ثمّ صور التعذيب الجسديّ والنفسيّ، ثمّ تحوّلت لدراسة المستويات الفنيّة في أدب السجون وما يستخدمه من آليّات، كالتّناصّ، الميتا كتابة، اللا بطولة، الزمكانيّة، النهايات، اللغة والحوار ونحو ذلك، وعلى غرار ذلك تنهج في تناولها لأدب السجون الذي أنتجته المرأة العربيّة، وتنهي البحث بإجمال لما توصّلت إليه في بحثها، مثبتة قائمة جداول، تليها قائمة بالمصادر والمراجع المعتمدة في البحث.
نتائج البحث: توصّل البحثُ إلى نتائجَ حاسمةٍ جدًّا أبرزها؛ تأكيد سقوط مقولة “إنّ حرّيّة الكلمة هي المقدّمة الأولى للديموقراطيّة” التي طالما تغنّينا بها وردّدناها مع الرّئيس جمال عبد النّاصر ، إذ يؤكّد البحث غياب الحرّيّة بصورة عامّة، والحرّيّة الإبداعيّة بصورة خاصّة في كلٍّ من مصر، سوريّة، والعراق، ويضيف أنّه رغم قتامة الصّورة في هذه البلاد، تظهر مصر أكثر دولة ليبراليّة مقارنة بسوريّة والعراق، إذ يلاحَقُ فيهما الأدباء، يعذّبون، ويختفون، ويبقى مصيرُهم مجهولًا؛ نتيجةَ التفاوت في نظرة الحكّام. أمّا في مصر، فكثير من الكتّاب يبرِّئون ساحة عبد الناصر، ويَعزون سوء معاملة الكتّاب وملاحقتهم للنظام كلّه. أدّت مصادرة الحريّات في هذه الدول الثلاث إلى تغيير مفهوم مقولة “مصر تكتب، بيروت تنشر، وبغداد تقرأ”، وصار مفهومُها في الستينات: “أنّ ما يكتبه المصريّون يُنشر في بيروت، ويُقرأ في العراق”(ص22)، وفي هذا بيان واضح لطغيان الرقابة والقيود المرفوعة في وجه الكتّاب، ممّا جعل لويس عوض يطلق على هذه الظّاهرة “عمليّة الفرار الجماعيّ”.
أبرز أنواع الرقابة هي الرقابة السياسيّة، ثمّ الرقابة الاجتماعيّة، فالدّينيّة. أمّا العلاقة بين المثقّف والسلطة فمتوتّرة في الدول الثلاث، إذ يُعتبر المثقّفُ صوتًا محرِّضًا ضدّ السلطة، وعليه فهي تلاحقُه، تصادر كتبَه، تمنعه من النشر، تعتقله، تعذّبه وأفرادَ أسرتِه، ولا تتركُ أيَّ وسيلة لترويضه أو التّخلّصِ منه. نتيجة ذلك وجد المبدع نفسه أمام ثلاثةِ خيارات؛ إمّا مراضاةُ السلطة بتفعيل الرقيب الذّاتيّ، أو كبتُ الرقيب الذّاتي والكتابةُ بحرّيّة متحمّلًا عوائق رقابيّة، أمّا الخيار الثّالث فهو رفضُ الخضوع للسلطة والتمرّد عليها رغم ما يَنتجُ عن ذلك من ملاحقة، تشريد، سجن، ونحو ذلك. وتجدر الإشارة إ
من اَمال رضوان عواد