أمسية ثقافية بحيفا حول “أدب السجون “
تاريخ النشر: 24/11/16 | 19:19بأمسية ثقافية عز نظيرها، حضرها جمهور غفير من المثقفين وأهل القلم من حيفا وخارجها، احتفى نادي حيفا الثقافي يوم الخميس الفائت بالباحثة الدكتورة لينا الشيخ حشمة ابنة مدينة شفاعمرو وذلك بإشهار بحثها الأكاديمي الذي أجرته لأطروحة الدكتوراة لقسم اللغة العربية وآدابها في جامعة حيفا، عنوانه ” أدب السجون في مصر سوريا والعراق- الحرية والرقيب” . رحب بداية رئيس نادي حيفا الثقافي، المحامي فؤاد مقيد نقارة بالحضور والمشاركين عارضا برامج النادي المقبلة واستنكر محاولة منع الآذان في المساجد ومحاولة السلطة كبت الحريّات ودعا بعدها الكاتبة الواعدة خلود فوراني سرية لإدارة الأمسية.بدايةً، استعرضت العريفة خلود بمهنيّة ومهارة مُمَيزة سيرة موجزة عن المحتفى بها وعن سيرتها وبحثها واصفة إياه بأنه بحث ذو عمق وشمولية، ودراسة جريئة مميزة لم يسبق إليها أحد، تعكس أزمة حرية حقيقية تسود الدول العربية وأنظمتها وأجهزة رقابتها المطاطية الضبابية، فيجد فيها الكاتب نفسه إزاء ثالوث المسلمات المقدس: السياسة، الدين والجنس، حيث تعتبر الدولة صوت المثقف المعارض، صوتا محرضا ضدها فتلاحقه وتصادر كتبه وقد يتعرض للاعتقال والسجن، ولم تُستثن المرأة طبعا من تلك الملاحقات. أضافت خلود أن أدب السجون هو نوع من الأدب الذي استطاع أن يكتبه أولئك الذين عانوا السجن والتعذيب خلال فترة سجنهم أو بعدها. أو كتبه من رصدوا تجارب سجناء عرفوهم مثل رواية “تلك العتمة الباهرة” لطاهر بن جلون. وأضافت، يعتمد أدب السجون على الفن الروائي وفن السيرة الذاتية، وفيه مزج بين المادة الروائية والمكون التخيّلي فهو إذا صح التعبير، رواية السيرة الذاتية. وتطرّقت إلى الروائي السوري مصطفى خليفة في روايتة “القوقعة” و الروائي الأردني أيمن العتوم في روايته “يا صاحبيّ السجن” .
وفي باب المداخلات قدم د. محمد صفوري مداخلة قيّمة مثرية تناول فيها وصف البحث من عنوانه، تركيبته، فصوله، مضامينه انتهاء بالإجمال والمراجع التي اعتمدتها الباحثة في بحثها.
وفي تقييمه للبحث يرى د. صفوري أنه يرتقي لمستوى رفيع جدا بكل مقوماته، تطلعنا فيه الباحثة على ما يدور في الدول العربية من إزهاق لحرية الانسان عامة والحرية الإبداعية خاصة. متبعة في بحثها منهجية أكاديمية علمية تنسحب على كل فصول البحث وأنواعه. فجاء بحثها شاملا وصفيا وتحليليا، توخت فيه التفصيل الكثير مدعمة الفكرة والمعلومة بآراء الدارسين وذوي العلم بالأمر، غير مكتفية برأي واحد يتيم، لتثبت الفكرة مرة أو تنفيها مرة أخرى دون أن تغفل عن تضمين رأيها في الموضوع.أما في زاوية القانون والسجون فكانت المداخلة للمحامية عبير بكر، تطرقت فيها إلى موضوع المساجين في السجون الاسرائيلية وكبت حرياّتهم الشخصيّة وانتهاك حقوقهم الأساسيّة وخصوصيّتهم مقارنةً بموضوع البحث، فكانت مداخلتها حقوقية قانونيّة ولم تتطرق للبحث والكتاب من الناحية الأدبية وأثنت على ريادته ومهنيّته.
تلتها في النهاية كلمة المحتفى بها فقدمت أولا شكرها لنادي حيفا الثقافيّ والمركز الملّيّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ، والقيّمين عليهما، وخصّت بالذّكر المحاميَين فؤاد نقّارة وحسن عبادي وتلتها بكلمة شكر مؤثّرة لوالديها وعائلتها وكل من ساندها ووقف لجنبها ، ثم سلطت بعدها الضوء على جوانب في بحثها موضحة بعض الأمور مركّزة على اختيارها عالمَ السّجون رغم قسوته، والتحديّات التي واجهتها من المحيط الذكوريّ مما زادها إصرارًا وعزيمة ورفضت التواطؤ في تثبيت نظرة استعلائيّة ترى بالمرأة عنصرًا قاصرًا وضعيفًا فقبلت التحدي لتطرق موضوع جريء وغير ُمطروق، والأوّل من نوعه في العالم العربيّ والعالم بأسره لما حمله من فكرة وشموليّة وعمق واتّساع، رغم شُحّ المصادر، وصعوبة الوصول إليها، وعوائق البحث. إذ واجهت عناءً شديدًا في الوصول الى المصادر والمراجع، وعالجت ما هو ممنوعٌ من النشر أصلًا، وما يقع تحت قهرِ الرقابة والمصادرة إذا نُشِر ثانيًا ، حيث يعيش المبدع العربيّ تحت وطأة قمع السّلطة ورقابات الثالوث المقدّس: السياسة، الدّين والجنس، ويصبح هامشُ الحريّة المتاحُ له ضيّقًا جدًّا. ولا غرابةَ في أن قال الكاتبُ يوسف إدريس: “إنّ الحريّة الموجودة في كلّ العالم العربي لا تكفي لكاتب واحد”. أكدت د. لينا على حريصا على منهجيّة موضوعيّة وفق ما يتطلّبه البحث الأكاديميّ، وحريصا على توثيق الآراء والحقائق وتسجيلها وتأريخها بمنتهى الدّقّة والمصداقيّة، ولم تتوانَ عن الإتيان بالرأي المؤيّد والرأي المعارض.
وفي الختام شكرت العريفة الحضور والمشاركين ثم دعت لالتقاط الصور والتوقيع.
إعداد: خلود فوراني سرية