ماذا قال الشعراء- متى تعزف المرأة عن الرجل؟
تاريخ النشر: 06/12/16 | 8:54كثيرة هي الأشعار التي تصف تغيّر موقف المرأة من الرجل، وذلك بعد أن مسّه الكِبَر، أو ساءت به الحال.
قال عَلْقمة الفَحْل:
فإن تسألوني بالنساء فإنني *** بصير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قلَّ ماله *** فليس له في ودّهن نصيب
يُردن ثراء المال حيث علمنه *** وشرْخ الشباب عندهن عجيب
هذه الأبيات كثيرًا ما تُردد في كتب الأدب، وعند الحديث عن أخبار النساء وطبائعهن، فالشاعر يؤكد أنه طبيب وخبير بأدواء النساء- أي بكل داء أو عيب فيهن.
الأبيات من قصيدة عَلْقَـمة قالها في مدح الحارث بن أبي شَمِر الغسّاني، ومطلع قصيدته:
طَحَا بِكَ قَلْبٌ في الحِسَانِ طَـروبُ … بُعَيْدَ الشَّبَابِ عَصْرَ حـانَ مَشِيـبُ
(معنى “طحا بك”- اتسع بك و ذهب كل مذهب).
من هو الشاعر علقمة الفحل ؟
هو الشاعر الجاهلي علقمة بن عَبْدة التميمي.
وسبب اللقب- “الفحل”- كما يقال إنه غلب امرأ القيس في وصف الحصان، فخلَفه على زوجته بعد تحاكمهما إليها، وامتداحها قصيدة علقمة.
تنظر القصة في: (الموشح) للمَرزُباني، ص 39- 41 “دار الكتب العلمية”.
كما نُسبت الأبيات في (المستطرَف في كل فن مستظرَف) إلى عمرو بن العلاء، حيث ذكر:
“وقال أبو عمرو بن العلاء، وكان أعلم الناس بالنساء”، ص 604- الباب الثالث والسبعون.
في هذا المعنى الخاص بالشيب ورد في شعر هارون بن علي المنجّم:
الغانيات عهودهنه *** إلى انصرام وانقضابِ
من شاب شُبْن له المودة بالخديعة والكِذابِ
فانعمْ بهن وزَند سنك في الشبيبة غير خابي
ما دمتَ في روقِ الصِّبا *** واخلعْ عِذارَك في التصابي
ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:
رأين الغواني الشيبَ لاحَ بمفرِقي (أو- بعارضي) *** فأعرضن عني بالخدود النواضر
وكنَّ إذ أبصرنني أو رأينني *** سعين فرقّّعن الكُوى بالمحاج
وعمر ينتبه إلى موقف المرأة التي تكثر من اتهام مثل هذا الرجل الذي ضعف أمامها:
ما بال عرسيَ قد طالت مطالبتي *** أمست تجنَّى عليّ الذنب والعللا
يقول ابن المعتز في مشيبه:
لما رأت شيبًا يلوح بعارضي *** صدّت صدود مغاضبٍ متجمّلِ
ما زلت أطلب وصلها بتذلّلٍ *** والشيب يغمزها بأن لا تفعلي!
الأنباري:
رأيت الشيب تكرهه الغواني*** ويحببن الشباب لِما هوينا
فهذا الشيب تخضبه سوادا *** فكيف لنا فنسترق السنينا
الحبيبة صارت تنادي:
يا أبي! يا عمي!
ثمة أبيات نسبت لأكثر من شاعر (أبي دلف وأبي تمام وابن المعتز) فيها تغير المرأة لهجة الخطاب:
قالت وقد راعها مشيبي *** كنت ابن عمٍّ فصرت عمّـا
واستهزأت بي، فقلت أيضًا *** قد كنتِ بنتًا فصرتِ أمّـا
من شاب أبصرنه الغواني *** بعين من قد عمِي وصمّـا
ورد في هذا المعنى من تغيير نظرة المرأة نحو الرجل، فغالبًا ما ينادينه (يا عم)، وذلك بعد كِبَره:
قال أبو بكر بن زُهر الأندلسي:
إني نظرت إلى المِرآة إذ جُليتْ *** فأنكرت مقلتاي كل ما رأتا
رأيت فيها شُييخًا لست أعرفه *** وكنت أعهده من قبل ذاك فتى
كانت سليمى تنادي يا أُخيَّ وقد *** صارت سليمى تنادي اليوم: يا أبتا
وقال شاعر آخر:
وإذا دعونك عمّهن فإنه *** نسب يزيدك عندهن خبالا
ولشاعر:
ولما رأين البيض شيبي تركنني *** ونادينني يا عمُّ والشيب يوذرُ
يظل الشعر في موضوع المرأة متباينًا، فلا يحمد السوق إلا من ربح، وقراءة في صفات النساء في كتاب (المستطرف) الذي أشرت إليه تريك هذا العالَم الجميل، وكيف يشع جماله من جهة، أو يغدو إلى ذم من هذا وذاك.
وأخيرًا وفي هذا السياق ثمة ما ينسب إلى الشافعي:
إن النساء شياطينٌ خُلقن لنا *** نعوذ بالله من كيد الشياطينِ
فردت عليه امرأة:
إن النساء رياحين خُلقن لنا وكلكمْ يشتهي شمّ الرياحينِ
من (طبقات الشافعية الكبرى) للسبكي ج1 ، ص 298.
ويبقى لكم الجواب: هل هن رياحين، أم شياطين؟
ب. فاروق مواسي