مع كتاب "المدخل إلى أدب مصطفى مرار" لمؤلفه طارق أبو حجله

تاريخ النشر: 11/01/14 | 4:45

"المدخل إلى أدب مصطفى مرار" هو عنوان كتاب صادر عن قسم الثقافة العربية في وزارة العلوم والثقافة، لمؤلفه طارق أبو حجله، مفتش اللواء للمدارس العربية في لواء المركز.

وهو غيض من فيض الرسائل وكلمات التكريم والتقريظ والإطراء والخواطر والهمسات الصادقة والمقالات والدراسات النقدية والتحليلية في أعمال الأديب والقاص اللامع مصطفى مرار، الذي يعتبر وبحق من أعلام وطلائع القصة الفلسطينية المعاصرة.

جاء الكتاب في (570) صفحة من الحجم الكبير، وأهداه مؤلفه إلى "روح والده، وإلى أبناء وبنات جيله أحياءً وأمواتاً، وإلى أولئك الذين عاشوا وعاصروا تلك الحقيقة التي صورها الكاتب مصطفى مرار في أدبه، وإلى الجيل الذي عاش أحداث الوطن منذ بدايات العشرينات من القرن الماضي".

يستهل أبو حجله كتابه بمقدمة يشير فيها بأنه لم يكتب في الأدب وإنما قارئ جيد، يقرأ الأدب ويتذوقه، ولربما كان إعجابه بشخصية وكتابات أستاذنا الأديب مصطفى مرار وقربه الروحي والمكاني من الأجواء التي يكتب عنها.. ومنها.. وفيها.. ولها، هو ما دفعه إلى الوقوف عند بوابة هذا الفن الرفيع، فن الأدب والكتابة. ثم يؤكد بان كل كلمة قرأها من إنتاج مصطفى مرار كانت زاداً أثرى ثقافة جيله وثقافتنا عامة، ويرجو بأن يكون قد وفق في تقديم هذا العمل، بل هذه الورشة التي تعرف القارئ العربي وتؤرخ لهذا الكنز الثقافي الأدبي الذي اسمه "مصطفى مرار".

ما يميز هذا الكتاب هو ذلك الجهد التجميعي الدائب الذي بذله مؤلفه طارق أبو حجله، فجاء الكتاب مدخلاً ومرجعاً هاماً نهتدي من خلاله إلى العديد من المقالات والدراسات المتناثرة في الصحف والمجلات والدوريات الأدبية المختلفة، التي تتناول تجربة مصطفى مرار الإبداعية والتحولات التي طرأت على قصصه ضمن مساره الأدبي القصصي.

يقسم أبو حجلة كتابه إلى ستة أبواب، الباب الأول: ويضم رسائل إلى الكاتب كان كتبها وأرسلها كتاب ومحاضرون ورؤساء ومؤسسات وطلاب ومديرو مدارس ومربون.

الباب الثاني: ويشتمل على مختارات من كلمات التكريم المنشورة في مجلات "الأسوار" و"الشرق" و"المواكب" التي كرمت الكاتب واحتفت بأدبه.

الباب الثالث: ويحوي حوارات أجريت مع مصطفى مرار وأدارها الأخوة "نبيل عوده، غدير جرايسي، أمل حسين، رياض بيدس، سامر خير، المرحوم محمد حمزة غنايم، رافع يحيى، سهاد مصاروه، إبراهيم موسى إبراهيم، أمل قعيق"، كما ويضم هذا الباب تأملات في أعمال مصطفى مرار الناجزة في مجال الأدب.

الباب الرابع، ويشتمل على مقدمات لبعض مؤلفات مصطفى مرار.

الباب الخامس : يشمل خمسة فصول وتتضمن الأبحاث التي تناولت القصة والأقصوصة في أدب مصطفى مرار وما قيل يوم بلوغه السبعين من عمره.

الباب السادس والأخير: وهو عبارة عن مختارات من قصص مصطفى مرار.

يلاحظ قارئ الكتاب أن الذين كتبوا عن مصطفى مرار وأدبه يتفقون ويجمعون على بساطته وإنسانيته وغزارة إنتاجه ومستواه الرفيع، وثورته عل مجتمعه التقليدي المتزمت،علاوة على توزيع همومه على قضايا وطنية واجتماعية وسياسية وتربوية، ومعالجة حياة المجتمع القروي الريفي بعمق كبير، وأسلوب قصصي رشيق، وحبكة متينة، وحيوية نابضة، وطابع رومانسي متكامل.

ويرى الباحث والناقد الفلسطيني عبد الرحمن عباد أن مصطفى مرار ليس الاستثناء، و لكن القاعدة وسيظل هكذا، بينما يرى المرحوم سالم جبران أن مصطفى مرار لا يمارس الضجيج ولا يجب الضجيج، ونادراً ما نسمعه يتكلم عن نفسه، وهو يمتاز بميله الراسخ والمثابرة إلى البساطة، ويجمع الكلمات بإناء وصبر وهدوء، ويرسم من الكلمات البسيطة لوحة جميلة صادقة عن الحياة. في حين يؤكد الشاعر شفيق حبيب أن مصطفى مرار مؤسسة ثقافية عامة، وفي إبداعاته تتمثل مسيرتنا الفلسطينية مع الأرض والإنسان بشمولية تثير الدهشة.

ويكتب الدكتور يحيى جبر رئيس قسم اللغة بجامعة النجاح الوطنية عن "مصطفى مرار وثورة الكلمة "مشيراً إلى أنه دقيق في لغته، وعلى درجة عالية من الضبط والترقيم، يعرف ما يريد ويعبر عنه بلفظ فصيح، فتأتي عبارته على بساطتها بليغة، ويسرد الأحداث في تلقائية رائعة. ويخلص إلى القول: "أن مصطفى مرار أسهم بحكاياته وكتاباته في المحافظة على الهوية الفلسطينية بأبعادها ومقوماتها المختلفة، على الرغم من رياح الغزو العاتية".

أما الشاعر والكاتب الفلسطيني محمد علوش فيلحظ بأن لمصطفى مرار خصوصية السردية والفلسفية، وله أبجديته الخاصة في عملية البناء والتراكيب اللغوية، وأنه يتقن اختزال النص ويعمل جاهداً للحفاظ على صدق فكرته وتطوير الحدث بأسلوبه البسيط المحبب والجذاب.

وهنالك كلمة تقريظ جميلة كتبها المربي والكاتب فتحي فوراني عن مصطفى مرار النبع الذي لا ينضب، يوضح فيها أن أبا نزار من الذين نكبر فيهم تواضعهم وعطاءهم الغزير الذي لم ينقطع على مدى خمسين عاماً، ولا يمكن أن نذكر القصة الفلسطينية وبداياتها دون أن نرى فيه واحداً من آبائها وواضعي اللبنة الأولى والشاهدين على ميلادها.

وفي الكتاب الكثير من الشهادات والآراء وكلمات الإطراء والتقريظ عن مصطفى مرار، الإنسان والموقف والكاتب الأصيل، الذي علمنا دروساً في عشق الكلمة، وغرس فينا القيم الحضارية والأخلاقية والجمالية والفرح الإنساني الكبير، واترك هذه الشهادات للقراء كي يستمتعوا فيها.

صفوة القول، هذا الكتاب يرسم شخصية مصطفى مرار التي أجمع حولها الدارسون، ويشكل مدخلاً للولوج إلى عالمه القصصي وفضائه الأدبي الخصيب والغني، وهو إضافة نقدية تثري أدبنا، ويمكن اعتباره مرجعية أدبية لمن يريد أن يعرف شيئاً عن واحد من رموز ثقافتنا العربية في هذه الديار. وإننا إذ نقدر الجهد الذي بذله المؤلف طارق أبو حجله في تجميع المواد، نتمنى له ولصديقنا الكاتب الرائع أبي نزار العمر المديد والعطاء الثر، وإلى اللقاء في كتب أخرى، وهي بلا شك قادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة