مواطنون تحت الإحتقار
تاريخ النشر: 18/12/16 | 5:44إنّ أحوال الطّقس التي اجتاحت بلادنا، خلال الفترة الأخيرة، المُحرِقَةُ منها والمُغرِقة، أظهرت إغفال واستهتار الدّولة “الأفضل”، ووهن وضعف أجهزتها ومؤسّساتها بالتّعامل مع أبسط التّغييرات الطّبيعيّة الّتي تحمل معها الأمطار الخيّرة، تمامًا كرُعبها وجُبنها ووهنها بالتّعامل مع الأحداث السّياسيّة الّتي تشعل السّاحة، فتُلهبها وتحرقها.
إنّ العواصف الّتي ضربت البلاد، والأمطار الّتي غمرتها، خلال اليومين المنصرمين، أدّت إلى فيضانات وانهيارات وانقطاعات للتّيار الكهربائيّ، فانهارت الجدران وسقطت الأعمدة والأشجار، وفاضت المياه.. و.. و.. وقضى مسنّ بعد أن “غاص” ومركبته لسبب الفيضانات تحت جسر في مدينة حيفا، فتحوّل المكان “الآمن” الّذي تواجد فيه إلى مَكمن، لرداءة البُنى التّحتيّة والإهمال والتّقصير، وغيرها من المساوئ. فراح ضحيّة العواصف والأمطار، بل ضحيّة الحكومة وسياستها، هذه الحكومة الغارقة في بحر من المياه الموحلة..!
يدفع مواطنو هذه الدّولة، كلّ فترة وجيزة، ثمن سياسة الحكومة وأحوال الطّقس المتغيّرة والأوضاع المتّقدة واحتكار وفساد كبرى الشِّركات والمؤسّسات الحكوميّة والخاصّة؛ فلا يحصل المواطن على ما يستحقّه من دولة تعتبر نفسها أفضل دول المِنطقة، بل العالم بأسره(!!). ليتحوّلَ وجود المواطن فيها حافلًا بالمخاطر الّتي تهدّد حياته وتنغّص عليه عيشه؛ حيث تَستَوِط الأمور في هذه الدّولة يومًا بعد يوم.
عناوين قد تتصّدر الأخبار يومًا أو يومين، لتعود الأمور إلى مجاريها وطبيعتها الأولى، وكأنّ شيئًا لم يكُن. إنّها البَلادة واللّامبالاة بعينها في هذه الدّولة، وإنّه الفساد المستشري.. حادث تلوَ الآخر يعصِف بدولة إسرائيل – طبيعيّـًا ومجتمعيّـًا وسياسيّـًا واقتصاديّـًا وأخلاقيّـًا، من دون مراقب أو محاسب!
وعلى أثر الخسائر الفادحة الّتي لحقت بالدّولة، مؤخّرًا، من جرّاء الحرائق الّتي اجتاحتها، تأتينا الأمطار الشّتويّة الأولى – والآتي أعظم – لتكشف لنا فضائح وفساد وضُعف قدرات طواقم هذه الدّولة، وعدم استعدادها وجَهازيّتها الفوريّة لأيّ طارئ!! فالواقع أثبت ويثبت، أنّ هذه الدّولة – بخلاف ما تروّج له – لا تزال غير مُهيّأة وغير قادرة على مواجهة أبسط المشاكل!
هذه هي الدّولة ذاتها الّتي يهزأ، كبارها وصغارها، من بدائيّة دول العالم الثّالث وتخلّف الدّول العربيّة، لتثبت لنا أنّها لا ترقى، هي الأخرى، حتّى لمستوى دول العالم الثّالث في علاجها لأتفه المشاكل وأبسطها، أحيانًا عدّة.
كيف لدولة غارقة في وحل من الفساد والعنصريّة والكراهيَة، والتّطرّف والبطش والعنف، أن يحتلّ سلّم أولويّاتها المواطن العاديّ الّذي يقبع تحت احتكار واحتقار شِركات ومؤسّسات ووزارات هذه الدّولة وفسادها؟!
كيف لدولة يمينيّة بعقليّة حربيّة محتلّة، تأتينا بغوّاصة حربيّة من أعماق البحار لتزيد الأرض اتّقادًا والأجواء لهيبًا، وتهبط علينا من السّماء بأحدث وأهلَك طائرات F35 القتاليّة الفتّاكة، أن يتصدّر سلّم أولويّاتها الرّفاه والأمن والاستقرار والسّلام؟!
كيف؟!
مطانس فرح