عن معنى السفر
تاريخ النشر: 14/01/14 | 23:03عندما سئلت في أكثر من لقاء إعلامي عن لفظة تلخص مسيرة حياتي أجبت:"السفر"، ثم أمضي مسترسلاً معللاً أو مسافرًا عبر الكلمات هذه المرة:
السفر عبر المكان، والسفر عبر الزمان، والسفر عبر الجمال.
أما الأول فيبدو في عشقي للتجول والسياحة والاكتشاف، وبها ومنها أكتسب طاقة أدبية، ومعرفية، ويبقى الخيال مواكبًا، فمثلاً لا تختفي معالم رحلتي إلى المغرب بمشاهد لا تنسى من جامع الفنا خاصة، وأرى أننا قصرنا إذ لا نكتب عن رحلاتنا وجولاتنا بباصرة وبصيرة مختلفتين. إن من لا يسافر في المكان شأنه شأن من قرأ بعجالة (قرأ؟؟) صفحة واحدة فقط.
وأما الثاني فيتأتى من خلال قراءاتي المستمرة، وإبحاري في عالم الكتب، وصحبتي للمؤلفين ومحاوراتي لهم إلى درجة تراوح بين العقل والجنون.
صدقوني أنني في مكتبتي الضخمة أشعر آنا بالصفرية وأخرى بالعملقة، وأسمع صوتًا لشاعر من الزمان يشجعني على المكان:
"سافر تجد عوضًا عمن تفارقه وانصب فإن لذيذ العيش في النصب"
وأما الثالث فينهل من جمال الطبيعة، أخص جمال المرأة ما وسعته الحيلة والحياة،
ويعجبني ما نسب للحديث القدسي:"الله جميل يحب الجمال"، ومن من الشعراء لا يردد ذلك؟!
وأنا كما وصفت:
أخافُ من الجمال ذرى ووهجًا ويرميني لقى في كل درب
حديثي عن السفر طويل، وقد أعود إليه بعد تدبر أكثر، فالسفر مع النفس أيضًا زمكاني وجمالي معًا، وما أحراها بالحرية التي تصحب، والشعور بما ترغب،
ثم إن فيها مسرحًا أو مدعاة لتفكير أو حلم،
فاعذروني على هذا الاقتضاب مختتمًا بقصيدة لي عن رفيقة السفر (ليس في كل رحلة؟؟!!) لأسافر بصحبتكم في ربوع فلسطين التي تحبون، ويا ليتنا نلتقي تحت سمائها لنسافر في رحلة روحية هذه المرة:
رفيقة السفر
تَعودُ لي رَفيقةُ السَّفَرْ
بِقِصَّةٍ طَريفةِ الخَبَرْ
وَأسْتَعيدُها تُعيدُها
فَيَرقُصُ القَمَرْ
تَقولُ لي رَفيقةُ السَّفَرْ
بِأَنّنا نُساجِلُ المَطَرْ :
قَصائِدًا-
أبْياتُها بِلادُنا
بِأنَّنا نُبادِلُ الوَتَرْ
مَلاحِنًا-
أنْغامُها بِلادُنا
وَنَرْسُمُ المُنى
في لَوْحةٍ-
ألْوانُها بِلادُنا
……………………………………………………………….
من "أقواس من سيرتي الذاتية"-ط 2. طولكرم- 2011، ص 286.