العالم العربي: فوضى إعلامية مدمرة

تاريخ النشر: 16/01/14 | 3:46

العالم العربي هو هذا العالم الكبير والواسع والشاسع جغرافيا والممتد من المحيط الى الخليج ومن المغرب الى المشرق العربي وهو العالم ذاته ونفسه التي تعصف به اليوم الاحداث وتطيح به كيانا ودولا ومجتمعات تعايشت فيها الطوائف والاديان والاعراق على مدى قرون تحت مظلة العروبة او الشعب الواحد او الدولة الواحدة او الامبراطورية الواحدة او الامة الواحده التي طالما اشتكت من اثار الاستكبار الغربي و سايكس بيكو وإذ بها تتدحرج في غضون عدة اعوام الى هاوية سحيقة اخطر بكثير من سايكس بيكو وعملية تقسيم العالم العربي في القرن الماضي الى دويلات وكيانات من جهة والحيلولة دون وحدته جغرافيا وديموغرافيا واقتصاديا من جهة ثانية وبالتالي ماهو جاري اليوم هو تسونامي مدمر اكتسح ويكتسح دول عربية كاملة ويدمر نسيجها الاجتماعي وتركيبتها الجغرافية والديموغرافيه…سوريا.. العر اق.. ليبيا..مصر.. تونس.. اليمن.. لبنان الخ من دول عربية مضطربة تحولت فيها الثورات الشعبية على الطغاة الى كوارث وطنية و انسانية مدمرة والمؤسف في هذه الحالة الحرجة هو دور الاعلام العربي او المستعرب في نشر الفوضى والكراهية والطائفية داخل العالم العربي!!

من هنا وعندما نلقي نظرة تفحصية على اشكال الاعلام العربي فسنجده اما اعلام انظمة او اعلام " مضلل" تابع لهذه الانظمة او اعلام بترودولار ونفط او اعلام طائفي او اعلام طائفي مبطن يزعم الموضوعية والمصداقية وهو بعيد عنها بُعد السماء عن الارض وبالتالي من المؤسف القول ان الاعلام العربي بكل اشكاله وعلى راسها المراي والفضائي والالكتروني هو اعلام في اكثريته عديم المسؤولية اعلاميا ووطنيا لا بل انه يشكل معول هدم لكل القيم الانسانية والمعطيات الوطنيه، فبدلا من ترسيخ الهوية والقيم الوطنية في وجدان الشعوب وغرس معنى الانتماء الى الوطن بتراثه وحضارته والعيش المشترك بين جميع مركبات الشعب والمجتمع، تقوم كثير من الفضائيات والوسائل الاعلامية العربية بزرع الفتنة والشقاق وإشعال الحرائق والحروب الاهلية المدمرة التي حصدت مئات الالوف من الارواح وشردت ملايين العرب من ديارهم وما الجاري في العراق وسوريا من حرب ودمار وتشريد الا الدليل الصادم والملموس على الكارثة الحاصلة والمدعومة باجندة اعلامية وفتاوي دينية تهدر دم الاخر لمجرد انه من طائفه اخرى او عرق اخر!!

بالذات الجاري في سوريا والعراق يعكس نفسه رايا وإختلافا وصداما على كامل الوطن العربي وينسحب على كامل وسائل الاعلام التي تتناول هذا الشان، لكن الصادم في هذه القضية هو كيفية تناول الفضائيات على وجه التحديد الشأن العراقي والسوري والى حد ما اللبناني والصادم هنا هو التعبئة الطائفية والتحشيد الشعبي للحرب الاهلية الجارية للمثال في سوريا والعراق وهو التحشيد اللذي يرافقه زرع العداء السافر والخطير بين الطوائف والمذاهب والاديان الى حد بث الرعب والارهاب من خلال وسائل الاعلام بوجود مركبات مفخخة تجول وتصول في لبنان وفي بيروت بالذات باحثة عن اهداف مفترضة لهذه الطائفة او تلك.. لكم ان تتصوروا ان هذه الاشاعات تبث في الاعلام مع نوع السيارة المفترضة والمفخخة ورقمها وهدفها حتى ينتشر الذعر بين الناس والاطفال والعائلات ومن ثم يتحدث البعض عن الاخلاق الاعلامية والدينية والسياسية المزعومة… البشر في سوريا والعراق تٌذبح وتقطع رؤوسها وتشوه جثثها على الهوية الطائفية ومن ثم يقوم المجرمون بنشر وبث جريمتهم وساديتهم على الملا في وسائـل الاعلام وهذا الامر ليست جنوح انساني فقط لا بل جنوح وطني وديني واخلاقي خطير زرع ويزرع الحقد والكراهية بين مركبات الشعب الواحد والامة الواحدة وحتى الدين الواحد وهنالك قوى كثيرة تستغل هذا الظرف لتأجيج الصراع، لكن اخطر هذه القوى هي وسائل الاعلام العدمية والطائفية اللتي تروج الاكاذيب والترهيب وزرع الفوضى من خلال فوضى اعلامية تفرض نفسها ووجودها بشكل اجرامي في العالم العربي…. فضائيات الخراب والدمار والطائفية وغياب الموضوعية الاعلامية والمسؤولية الوطنية!!

التعبئة والتحشيد والتضليل الجاري والذي نراه يوميا عبر وعلى الشاشات الفضائية هو امر خطير ومتعمد مع سابق الاصرار على استمرار القتل والدمار في العالم العربي لابل انه اصرار سافر على خلق بؤر توتر جديدة في العالم العربي الى حد ان بعض فضائيات القبائل العربية الخليجية تحرض على الانقسام والانشطار في مصر الدولة العربية الكبرى من جهه وتأجج الصراع الطائفي والميليشي في دول عربية اخرى من جهه ثانية وبالتالي ماهو جاري مسلكية اجرامية اعلامية تستغل السطوة الاعلامية على عقول الناس من اجل تحريضهم اسميا وموضوعيا على قتل بعضهم البعض بحجة "الشرعيه" او "الانقلاب" او "النظام" الخ من مصطلحات وحجج تستعملها هذه الفضائيات لتأجيج الوضع واشعال الحرائق والحروب والسؤال المطروح هنا: لماذا تصر فضائية الجزيرة التابعة للنظام القطري القبلي، تصر على تأجيج الوضع في مصر بدلا من محاولة المساهمة في تقريب وجهات النظر؟ والسؤال الاخر هو حول دور هذه الفضائية نفسها في دمار سوريا وليبيا؟.. وفي المقابل نرى الكذبة الاعلاميةالتاريخية التي اطلقت على نفسها اسم "الميادين" تيمنا بميادين التحرير والثورات العربيه، وإذ بها تظهر على حقيقتها هي ومؤسسها ومنتسبيها كفضائية داعمة للنظامين السوري والعراقي من جهة وداعمة للطائفية من جهة ثانية وبالتالي واضح ان فضائية "الميادين" ترفع شعارات فلسطين والقضية الفلسطينية حتى تغطي على طائفيتها وانحيازها للنظام السوري وحزب الله في الحرب الدموية الدائرة في سوريا.. يكحلون الاخبار والتقارير بالقضية الفلسطينية حتى يسترون عورتهم الطائفية وانحيازهم لانظمة عربية فاشية تقمع شعوبها كالنظامين السوري والعراقي وحتى لا يحسبنا احدا على احد الاطراف او يتهمنا بالانحياز الى هذه الطائفة او تلك نقول ان حسني مبارك والقذافي وعلي صالح وبن علي كانوا طغاة كماهو حال الاسد والمالكي وحكام دول الخليج، بمعنى ان الفاشية والطغاة ينحدرون من كل الطوائف والاديان!.. إذا: لماذا تنحاز وسيلة اعلام مثل فضائية الجزيرة او فضائية الميادين الى هذا النظام او تلك الحركة او الطائفه؟؟.. الجواب: هو ان هذه الفضائيات غير مسؤولة وطنيا وتاريخيا وتنحاز لصالح زرع الفوضى والدمار في العالم العربي من خلال انحيازها الطائفي والسياسي.. فضائية العربية وغيرها تاخذ دور اكثر تدميري وفوضوي لانها تخدم مصالح نظام رجعي يستفيد من الفوضى الجارية ويساهم عمدا في تأجيج القتل والدمار..!!

فضائيات الفوضى والدمار تلاحق موضوعيا واسميا الناس في بيوتها وعقولها لتحقيق اهداف سياسية وطائفية دون مراعاة اي قيم اعلامية او واجبات وطنية لابل ان هذه الواجبات لا توخز ضمير من يدير هذه الفضائيات ويمولها ولا تثنيها عن المتاجرةه بالتاجيج والتصادم والعنف المتبادل والمدمر الجاري في العالم العربي وهي تستثمر المواجهات من اجل تحقيق اهداف اثبتت الوقائع انها كلها مدمرة ولا علاقة لها لامن قريب ولامن بعيد بالثورية والعدالة والديموقراطية ولا بتحقيق الحرية والعدل والكرامه.. لاحظوا وانظروا: ماذا يجري في سوريا؟:قنل وذبح ودمار وتشريد وميليشيات غير ديموقراطية تقاتل نظام فاشي ودموي والجهتين سواء المعارضة او النظام لهما اذرعة اعلام وفضائيات تؤيدهما وهذا التاييد اخذ بعد طائفي وقاتل ومدمر في سوريا؟.. لا ادري اذا كانت وجوه مذيعي ومذيعات الجزيرة والميادين مثلا مكونة من حجر " الصوان" او من دم ولحم؟ وهم يساهمون في التأجيج والتحشيد القاتل.. الاسد.. المالكي.. النصرة.. داعش..الحر.. هؤلاء جميعا يجلسون على جثث واشجان ملايين من البشر!…عن القنوات ووسائل الاعلام الدينية فحدث بلا حرج فهي بؤر واضحة للفتنة الطائفية وتقوم بنفث ونشر التطرف الطائفي والمذهبي بين الشعوب العربية التي تعايشت سلميا افرادا وجماعات على مدى قرون رغم تباين او إختلاف انتماءاتها الدينية والمذهبية والعرقيه.. القنوات والفضائيات الدينية وخاصة المذهبية اخطر من خطيرة ومحرضة على العنف والتفرقة في المجتمعات العربيه..ترفع شعارات الدفاع عن الدين، لكنها تتاجر بدماء عباد الله وتحرضهم على قتل احدهم الاخر..!!

نحن كنا وما زلنا دوما مع حرية الاعلام والتعبير وإحترام حقوق الانسان، لكن نحن مع الاعلام المسؤول وطنيا ودينيا واخلاقيا وليس مع اعلام فوضوي ودموي وهذا الاعلام الفوضوي والدموي يجب محاربته ولجمه وكف شره عن الشعوب العربية والبشرية جمعاء..تداعيات ونتائج اعلام دكاكين الفضائيات ووسائل الاعلام الغير مسؤوله، هي تداعيات ونتائج مدمرة وملموسة و كارثية في سوريا والعراق وليبيا مع تفاوت حالات الدمار والتشرذم في باقي الدول العربيه… الزاعمون بانهم فضائيات حماة الديموقراطية وحماة المذاهب ماهم الا ثلل من الاعلام الفوضوي والمجرم الذي يحرض على الكراهية والتمييز الطائفي والعرقي في الوطن العربي الواحد…نعم لحرية الاعلام والتعبير لكن في اطر المسؤولية الانسانية والاجتماعية والاخلاقية والوطنيه وهذه كلها غائبة عن ومن وجدان فضائيات ووسائل اعلام الفوضى والدمار!!

كما اكدنا اعلاه نؤكد مجددا على ضرورة احترام حرية التعبير لكن ضمن تشريعات انسانية وديموقراطية تحترم حقوق الانسان بمافيها دينه وعرقه ومذهبه، لكن في المقابل نحن نطالب بوجوب تشريع قوانين عربية واسلامية لمنع قنوات التحريض من بث سموم الكراهية ونشر ثقافة القتل وتدمير الاوطان والمجتمعات العربيه.. ببساطة واختصار: قنوات التحريض دمرت معنى واهداف الثورات العربية وسارت في الاتجاه المعاكس وهو الهدم والخراب بدلا من البناء والوئام الوطني.. العالم العربي: فوضى إعلامية مدمرة لابد من وقفها ولجمها..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة