تلازم الإسم والصفة
تاريخ النشر: 27/12/16 | 17:18نجد في اللغة صفة واسمًا متلازمين، وذلك للتدليل على المبالغة، بالإضافة إلى الإيقاع في الناحية الصوتية التي تضفي موسيقا الكلمات، حيث اعتبرها البعض نوعًا من التجنيس.
كذلك نجد في بعض هذه التعابير المجاز العقلي، وهو إسناد الكلمة إلى غير ما هو لها، لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة الإسناد الحقيقي، فإذا قلنا “جدّ جِدّ فلان”، فقد أسندنا الفعل (جدّ) إلى مصدره، ولم يُسند إلى فاعله الحقيقي.
لنأت على نماذج منها، ولا بأس من الاستشهاد بالشعر:
جُهد جاهد- أي كثير
ابن الرومي:
ولله لطْف في العزاء لعبده *** وإن مسّه جهدٌ من الحزن جاهدُ
أبو تمّام:
عياشُ زُفّ إليك جهدٌ جاهدُ *** واحتلّ ساحتَك البلاءُ الراكدُ
حِرز حريز– وقاية منيعة
أبو بكر الصولي:
فهو بالله في محل أمانٍ *** تحت حِرزٍ من القضاء حريزِ
لسان الدين بن الخطيب:
ولست بواجدٍ حرًّا كريمًا *** أكون لديه في حرز حريز
شغل شاغل- كثير جدًا-
يقول امرؤ القيس:
حلّت لي الخمر وكنت امرأً *** عن شربهم في شغُلٍ شاغلِ
أبو العتاهية:
ولا تلوموا في اتباع الهوى *** فإنني في شغل شاغل
صديق صدوق: حميم ومخلص
قال الخُوارِزمي:
تغرّبتُ أسأل مَن عنَّ لي *** من الناس هل من صديق صدوقِ
ابن الوَردي:
كم من صديق صدوق الود تحسبه *** في راحة ولديه الهمّ والنكدُ
…
ظل ظليل= وارف، دائم
قال تعالى: {وندخلهم ظلاً ظليلاً}- النساء، 57
وفي الشعر-
أبو حيّة النمري:
ورحت إلى ظل ظليل ومنظر *** أنيق وما يهواه لاهٍ وطاعمُ
حسان بن ثابت:
فصار المؤمنون بدار خُلدٍ *** أقام لها بها ظلٌّ ظليلُ
ليلة ليلاء- أي شديدة الظلمة
يقول غلام البكري:
أحبِبْ بها من ليلة ليلاء *** تُجنى بها اللذاتُ فوق الماءِ
ولآخر:
وأسهرتنيَ في ليلٍ وفي شَعَرٍ *** في ليلة من ليالي الحبِّ ليلاءِ
مكان مكين- أي قوي ثابت
يقول قيس بن الخَطيم الأنصاري:
يكون له عندي إذا ما ائتمنته *** مكان بسوداء الفؤاد مكينُ
ابن الزَّقّاق الأندلسي:
فليهنأ المجد الذي حُزْتهُ *** إنك منه في مكانٍ مكينْ
يوم أيوم- طويل شديد
يقول ابن الرومي:
فظل لنا يوم من اللهو ممتعٌ *** وظل لها يوم من الشر أيومُ
الشريف الرضيّ:
ينزو به الفزع الكذوب ويتّقي *** مرَّ الحديث بكل يوم أيومِ
يرى ثعلب أن معنى (أيوم) آخر يوم في الشهر، ومعنى (ليلة ليلاء)= ليلة الثلاثين من الشهر.
(مجالس ثعلب، ج1، ص 79)
إنها تعابيرفيها تنغيم، فقالوا كذلك دهر الدهارير (شديد الدهاء)، وكثرة كاثرة، العظمة العظيمة، الجهالة الجهلاء، الوِرد الوارد ، والشعر الشاعر، والحصن الحصين، وفيها التجنيس، كما أن معظمها مجاز عقلي بعلاقات متباينة، الأمر الذي يدعو إلى الإيحاء حتى ندرك المعنى المقصود.
ب.فاروق مواسي