التقليد الأعمى للعادات الإجتماعية الغربية
تاريخ النشر: 30/12/16 | 6:42أصبحنا ناكل أنفسنا :واستنادا إلى بارسونز:” في نظرية الوظيفية البنائية أن المجتمع له نسق اجتماعية و اقتصادية وكل نظام له وظيفة ” ، من مقولة بارسونز اتخذ رايي بتأييده فنحن نفتقر لهذه الوظائف ولا نسعى لصالح مجتمعنا ، فكل فرد فاقد وظيفته اتجاه المجتمع.
استنادا إلى تومس بقوله: ” إن البشر بطبيعتهم أنانيون” وحسب بارسونز وداهرندوف : “على السلطة والقوه الحفاظ على النظام وان تكون مصدر وحدة لانهاء الصراع” ولكن في مجتمعنا يفسرون هذا بشكل خاطئ فأحيانا تكون القوة مصدر صراع ونحن نعيش في صراع ثقافات دائم داخل المجتمع والبحث عن هويتنا وما وظيفتنا تجاه المجتمع وما دور الدولة في المجتمع ، فكل فرد له دور يساعد على نهوض فكري واقتصادي وسياسي ولكن للأسف نحن نفتقد لادوارنا داخل المجتمع في الأسرة وفي الشارع والأماكن العامة فنحن نشبه آلات صنعها الغرب واعطى لها ادوار حسب درايته، فحسب نظرية التوسير(نظرية موت الذات) “شعورنا اننا صانعوا أفعالنا شعور مضلل” وهذا ينم على اننا في سبات تام ، والكارثة اننا لا نعترف بدورنا في الوقت الذي فيه لنا ادوار تنتظرنا في كل مكان وبهذا فاني ارى ان ذاتنا هي فعلا ذات ميتة .
من أجل نهضة فكرية ، اقتصادية وسياسية للتخلص من دور الغرب في تلاشي ذاتنا وذوبان الذات الفلسطينية في الثقافة الغربية واخذ كل الادوار من قبل العقول الغربية فاننا نحتاج إلى العلم والمعرفة الحقيقية بالتالي فانه يجب علينا أن نبحث عن المعرفة، واستنادا على نظرية التوسير (نظرية العلمية) ” الحقيقة لا تقدم دفعة واحده وانما على مراحل”. بالتالي يجب علينا ان نستعد لالتماس الحقيقة والمعرفة استعدادا نفسيا تاما فمن المحتمل ان يتطلب هذا الامر وقتا طويلا بعض الشيء هذا لان تلقي المعرفة على مراحل ليس بالامر الهيّن.
☻ حياتنا مختصره بين العرض والطلب :
ان مجتمعنا الفلسطيني يضع الاقتصاد في خانة الاولويات فيعتبره الغاية الكبرى ، كل شيء عباره عن عرض وطلب فنحن قد نستعد للتخلي عن كل شيء واي شيء مقابل المال، وتحدث عن ذألك الماركسين التقليدين حيث قالوا “الاقتصاد هو المحرك الرئيسي داخل المجتمع” وانتقدت هذه نظرية من قبل التوسير حيث قال:” ان الاقتصاد والسياسة والأيديولوجية يشكلون البنيه الاجتماعية ويوجد بينهم ترابط سببي وكل واحد منهم مستقل عن الآخر” ولكن في هذا العصر المحرك الرئيسي للمجتمع هو الاقتصاد بحيث ساهم في تطور التكنولوجيا والتي أثرت سلبيا على الثقافة.
نستطيع ان نرى في ايامنا هذه ان الاقتصاد هو الذي يحرك السياسه في الدول المتقدمة والتي تتحكم بالعالم الثالث وتؤثر على ثقافته ونستطيع برهنة ذلك باننا أصبحنا نفتقد للعادات والتقاليد التي نشأنا عليها فاصبحت مدموجة بالغرب بشكل كبير.
☻ نظام رأس مالي يلعب بنا:
أصبحنا دمى للنظام الرأس مالي والذي سيطرعلى عقولنا فقد ذكرت بالبداية انه وللتحرر من النظم الغربية وهيمنتها على المجتمع الفلسطيني فانه يجب على كل فرد من افراد المجتمع ان يبحث عن العلم والمعرفة الحقيقة لذاته كون الفرد اساس المجتمع ، وتحرر الفرد يفيد تحرر المجتمع باكمله ، ولكن في ظل النظام الراس مالي فانه يفرض على الفرد الالتفات لطلب الرزق والعمل لكسب لقمة العيش متجاهلا العلم لضيق الوقت وتفضيل الانصياع كاولوية للحياة .
نستطيع ان نلمس تبني المجتمع الفلسطيني لمثل هذا النظام فنراه قد انقسم لقسمين ؛ أقلية تملك ولا تعمل وغالبيه تعمل ولا تملك فاصبحنا كاللعبة التي يلعب بها طفل ، خلال مراحل تطور الإنسان كان الفكر هو العنصر السائد بين المجتمع فكان البحث عن المعرفة شيء ضروري ولكن وبعد ظهور النظام الرأس مالي عند المجتمعات المتطورة نراه قد سيطر على عقولنا جميعنا وأصبحت الاتكالية للطبقة البرجوازية – الاقلية التي تملك ولا تعمل – رمز لحياتها فنرى ان لا حاجة للاجتهاد الشخصي للحصور على الطلبات والاحتياجات الخاصة.
فقدنا ذاتنا فاستنادا إلى (مرحلة المرآة) حسب لاكان :” شعور الإنسان بالذاتية واندماج الفرد داخل المجتمع وان الطفل يكون صوره انعكاس الوالدين من العادات وتقاليد في مرحلة تكوين ذات” ولكن الطفل أصبح صوره انعكاس الثقافات المختلفة إثر تطور العالم فقد أصبح يتعلم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعية والتلفزيون دون مراقبة من قبل الاهل فاصبح يكتسب ثقافات وعادات غير ثقافة مجتمعه.
☻ نحن في عصر مظلم:
في هذا العصر وفي هذا اليوم اذا كنت انسان سطحي متكل تكون فخور جدا وجملة شائعة ” كل شي جاهز لليش أغلب حالي ”
لا نريد أن نبحث عن المعرفة لا نريد أن نكون منتجين نحن فقط نستهلك ، ارى ان الاجتهاد بمعرفة حقيقة الذات في مجتمعنا وادراك حقيقة المجتمع قد يقود الفرد الى حالة من الارهاق النفسي كون مجتمعه قد وصل الى هذه الحال ، ولكن لا نستطيع الانكار بان المعرفة والادراك سينتقل الفرد بقفزة نوعية من عالم الجهل والانصياع إلى عالم مختلف فمن يمتلك المعرفة يمتلك القوه ، ولكن في عصرنا الحديث وتبنة مثل هذه النظم الغريبة ونشوّه العادات والتقاليد في مجتمعنا ومع كل هذه السلبيات المكتسبة ، ثمة سؤال قد يطرح من يمتلك هذة القوه ؟
غير ذالك فقد أصبحنا نتلقى العادات والتقاليد عن طريق سرد القصص الخيالية من أجل الفهم وهنا لا يوجد اي اجتهاد ذاتي من أجل تعلمها واتقانها والمحافظة عليها وعلى هويتنا .
☻ فقدنا كل صله بعالمنا الأصلي
احترام الآخرين ، الاحترام داخل الأسرة المتكاملة ، احترام الناس في الشارع ، في المدرسة ، تقدير المعلم ، حب جار، إزالة الأذى عن طريق أين اصبحنا من كل هذه الثقافات التي ميّزتنا وميّزت هوتنا وذاتنا يوما ! ان المحافظة على حقوقنا وواجباتنا تتلاشى يوما بعد يوم، وان ما يحدث لنا اليوم في هذا العالم ما هو الا عقاب لفقداننا هويتنا والانصياع ، فنحن ننتقل بالتقليد من ثقافة الى اخرى وكأننا مصنع لتقليد الثقافات الاخرى أو مثل كرة قدم بين ارجل العالم الحديث.
ان جهلنا وتسليم ذاتنا سلب منا ثقافتنا التي علّمت المجتمعات الاخرى على مر التاريخ والتي كانت حضارة خصبة يوما من الايام.
صحيح اننا نندمج بثقافات وعادات مختلفة فان هذا امر طبيعي ولكن الخطأ اننا نأخذ الاوجه السلبية ونطبقها بدلا من اخذ الجوانب الايجابية ، فللأسف فاننا ننجذب للامور السطحية الخالية من القيمة ونطبقها دون إدراك ومعرفة الاثار السلبية العائدة علينا ، ارى اننا بحاجة إلى نهضة فكرية تزلزل عقولنا وتعيدها الى رشدها.
في الماضي الخصب بالتقاليد ، كان كل شيء ذو معنى فكان حتى الابتسام بوجه شخص ذو معنى ، كان طعامنا ورزقنا انتاجٌ لما تشقه ايدينا فكان حتى طعامنا وطريقة تحضيره جزء من ثقافتنا أما ليوم نحن نفتقد لكل هذه القيم فلا يوجد شيء كما كان حتى قيمه الإنسان تلاشت فقد اصبح مجرد مستهلك ، نحن بحاجة الى عصر جديد ،عصر تنوير من أجل نهضة الأمة بعد ان هوَت ومعرفة نفسها وذاتها التي سًلبت منها.
كما هو معلوم فان المعرفة مقسومة الى نوعين فيوجد معرفة مطلقه اي وهي (1+1=2 ) وهناك معرفة نسبية تختلف من فرد إلى اخر وكما قال لوكاش “ما كان غير مقبول في الماضي اليوم مقبول ” لأننا ابتعدنا كل البعد عن ثقافتنا وعن هوية مجتمعنا فأصبح اليوم ايذاء الجار شيء مقبول، واصبح عقوق الوالدين يعتبر رجولة ، كما ان عدم احترام الناس في الأماكن العامة و أكل حق العامل اصبح امرا مباحا فاصبحنا نبعد عن الانسانية بعد المشرق عن المغرب .
وباختصار شديد اصبحنا اليوم منساقين وخاضعين لرغبات واحتياجات الغرب واصبحت افعالنا قالب لأوامرهم لمسح ثقافتنا بشكل غير مباشر، ويؤكد مصطلح “الهيمنة ” على حسب مار كوزة هذا الامر. فاستطيع الانتهاء بالقول بانها حرب فكرية على ثقافة شعبنا .
بقلم/ طالب علم الاجتماع – علي عبد الكريم محاميد