بيان وزاري غير منصف بعد 20 سنة على حظر إدخال مواد البناء
تاريخ النشر: 31/12/16 | 7:38اللافت بقرار حظر إدخال مواد البناء أنه يأتي في ظل تضاعف أعداد اللاجئين الفلسطينيين منذ نكبة فلسطين في العام 1948 إلى حوالي 400% حسب سجلات “الأونروا”، فقد ارتفع العدد في لبنان من حوالي 127 ألف لاجئ سنة 1948 إلى ما يقارب النصف مليون في العام 2016، ويأتي مع قرار من السلطات اللبنانية بمنع اللاجئ الفلسطيني من التمدد في البناء إلى خارج حدود المخيم المتفق عليها بين وكالة “الأونروا” والدولة اللبنانية، ويأتي مع حرمان اللاجئ من حقه في تملك منزل خارج حدود المخيم منذ آذار 2001، وهذا مخالف للمادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948 التي تنص على أن “لكل فرد الحق في التملك بمفرده أو بمشاركة الآخرين ولا يجوز حرمان أحد من حق التملك”، ويأتي كذلك على التوازي مع تراجع مستمر لخدمات “الأونروا” وفقاً للإحتياجات.
توحدت جميع القوى الفلسطينية السياسية والشعبية الوطنية والإسلامية ومعها الكثير من القوى والأحزاب والمرجعيات اللبنانية والمنظمات غير الحكومية المحلية والإقليمية والدولية والمتضامنين مع حقوق الشعب الفلسطيني على مطلب ضرورة إلغاء قرار منع إدخال مواد البناء لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين إلا بترخيص من الجيش اللبناني وبضوابط مشددة. اتُخِذ القرار في 1/1/1997، وشمل في البداية مخيمات الجنوب الخمسة “الرشيدية والبص والبرج الشمالي والمية ومية وعين الحلوة” ثم عاد وشمل مخيمات أخرى… حقق الحراك السلمي الضاغط نتائج محدودة، إذ تم إستئناف إدخال مواد البناء بتاريخ 23/11/2004 لكن بتاريخ 14/6/2005 تجدد قرار المنع.
وصل الحراك الشعبي الضاغط لإلغاء القرار إلى الذروة بلقاء وفود تُمثِّل مؤسسات وجمعيات ومنظمات غير حكومية مع الرئاسة اللبنانية، فقد استقبل رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود وفداً من منظمة “ثابت” لحق العودة في 14/5/2007، وبعدها استقبل الرئيس السابق ميشال سليمان وفد “ثابت” بتاريخ 25/6/2008 وجرى البحث في ضرورة توفير الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للاجئين الفلسطينيين مع ضرورة إلغاء قرار عدم إدخال مواد البناء غير المبرر، أبدى الرئيسيْن – كما الكثير من البرلمانيين اللبنانيين والسياسيين – تعاطفاً وتضامناً إنسانياً وسياسياً مع أوضاع اللاجئين إنطلاقاً من العلاقة الأخوية التي تربط الشعبين والحرص على الحفاظ على حق العودة والتأكيد على رفض التوطين والتهجير.. تلقى الوفد الوعود كما غيره من الوفود بالمتابعة لكن للأسف لم تتحقق المطالب من دون إبداء أية تبريرات مقنعة، وها قد مضى 20 سنة على القرار مخلفاً المزيد من المعاناة الإقتصادية والإجتماعية والإفرازات الأمنية غير المقبولة التي تهدد المخيمات واللاجئين والوسط اللبناني..
والمواد التي يشملها القرار ليس فقط مواد البناء من الحديد والإسمنت والرمل..، وانما كذلك القطع الكهربائية، والأدوات الصحية، وألواح الزجاج، وابواب الخشب والألمنيوم والبلاط ومواد طلي الجدران.. وكذلك مولدات الكهرباء، ويُمنع على الأجانب دخول المخيمات إلا بتصريح، والمقصود بالأجنبي أي شخص يحمل جنسية أخرى غير الفلسطينية واللبنانية؛ يعني من يحمل جنسية عربية أو غربية أو حتى من فسطينيي سوريا.. هو أجنبياً ويحتاج إلى تصريح لدخول المخيم.
شكَّل البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الدين الحريري مساء الإثنين 26/12/2016 مفاجأة بما تضمنه من مقاربة غير منصفة وغير مكتملة لأوضاع اللاجئين الفلسطينيين، وعلى أهمية ما ورد لجهة “رفض التوطين والتمسك بحق العودة ودعوة المجتمع الدولي لتمويل الأونروا الدائم وإعادة إعمار مخيم نهر البارد والدعوة الى الحوار اللبناني الفلسطيني لتجنيب المخيمات ما يحصل فيها من توترات واستخدام للسلاح..”، إلا أن البيان تجاهل ضرورة توفير الحقوق الإقتصادية والإجتماعية وهو أحد العوامل الرئيسية لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين للحد من المشاكل الإجتماعية والأمنية، ويمكِّن اللاجئ من العيش بكرامة إلى حين العودة، لا بل يعزز رؤية الحكومة اللبنانية واللاجئين الفلسطينيين برفض التوطين، وهذا يتطلب مراجعة جادة من أصحاب القرار في لبنان، مع ضرورة الضغط السياسي والشعبي للتراجع عن قرار غير موضوعي اتُخذ قبل عقدين.
علي هويدي- كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني