وقل ربي زدني علما
تاريخ النشر: 02/01/17 | 0:00الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : القرآن الكريم يدعو إلى العلم في آيات كثيرة وبأساليب متعددة ففي هذه الآية الكريمة والتي تبين أمر الله سبحانه وتعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وللمسلمين إلى أن تقوم الساعة بأن يتضرعوا إلى الله سبحانه بأن يزيد كل طالب علم علما ولا يمكن ان تكون الزيادة بالدعاء وحده بل لابد له ان يكون مجداً مثابراً ومحباً للعلم ويتخذ الأساليب المتنوعة واهمها أن يسأل المعلم عن المعلومة الغامضة بالنسبة له ليرشده الى سبيل المعرفة
فقد مدح الله تبارك وتعالى أهل العلم واثنى عليهم فقال { قٍلً هّلً يّسًتّوٌي الّذٌينّ يّعًلّمٍونّ والَّذٌينّ لا يّعًلّمٍونّ } الزمر(9) ، ويقول جلا وعلا { يّرًفّعٌ اللَّهٍ الذٌينّ آمّنٍوا مٌنكٍمً والَّذٌينّ أٍوتٍوا العٌلًمّ دّرّجّاتُ } المجادلة (11)، ويقول صلى الله عليه وسلم ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) أخرجه البخاري ومسلم
ويقول صلى الله عليه وسلم: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة . ومن يسر على معسر ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة . ومن ستر مسلما ، ستره الله في الدنيا والآخرة . والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه . ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة . وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده . ومن بطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه ). غير أن حديث أبي أسامة ليس فيه ذكر التيسير على المعسر .رواه مسلم
ولقد خص الله العلماء بالخشية فقال { إنَّمّا يّخًشّى اللَّهّ مٌنً عٌبّادٌهٌ العٍلّمّاءٍ إنَّ اللَّهّ عّزٌيزِ غّفٍورِ } فاطر (28) ، لأنهم اعرف الناس بالله ، فكلما كان العبد بربه أعرف كان له أرجى منه وأخوف فإن أردت أن تزداد الخشية من الله في قلبك فتعلم وازدد على علمك علماً. قال ابن القيم رحمه الله في فضل العلم : كل ما كان في القرآن من مدح للعبد فهو ثمرة العلم وكل ما كان فيه ذم للعبد فهو من ثمرة الجهل.
“وتنبه الآية إلى التعليم المستمر والذي يسمى التعليم لمدى الحياة و في الآية ربط بين آخر الآية وأولها حيث يقول سبحانه }فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقران من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما{ فلابد لطالب العلم أن يبحث في القرآن وان يكون له منطلقا يسترشد به ونبراسا يضيء له الطريق وعليه أن يقرأ القرآن قراءة فهم واستيعاب وتطبيق ومنهج حياة وعندما يزداد الطالب علما فإنه ينتقل من الصفة الذميمة التي وصف الله سبحانه المقلدين تقليدا أعمى }بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون{ الزخرف(22) وهي الجمود الفكري إلى مرحلة التفتح العقلي فهو لا يأخذ المعلومة على علاتها فيكون مجرد ناقلا للمعلومة دون أن يقلبها على جوانب المعرفة المختلفة بل يكون طالبا فاهما يستطيع أن يصل إلى مرحلة النقد البناء الهادف والقدرة على التحليل والاستنباط وكل هذه الجوانب لا يمكن أن يزداد الطالب علما الا اذا كانت القراءة و الاطلاع همه فبدون القراءة لا يمكن ان يرتقي بمعرفته.
وفي النص القرآني }وقل ربي زدني علما{جوانب كثيرة فلطالب أن يستنبطها وهذا ما استطعت أن استخلصه بجهدي البسيط نسأل الله أن يزودنا بالعلم النافع وان ينفعنا بما علمنا وان نقتدي بهدي رسولنا الكريم عندما أمره الله تعالى بالدعاء }وقل رب زدني علما{” (سليمان العلوي)بتصرف بسيط
حاجتنا الى العلم أكثر من حاجتنا إلى أي شيء آخر
وفي قصة عطاء ابن راباح لنا عبرة فقد كان عطاء-أفطس الأنف – وأشل وأعور وكان لا يحسن اي شيء يعمله لكثرة مابه من العلل فأعتقه سيده فذهب عطاء الى امه يبكي فقالت له أمه : تريد عز الدنيا والآخرة قال: نعم قالت: اذهب واطلب العلم فذهب وطلب العلم حتى جاء ذلك اليوم الذي احتاجه الخليفه هارون الرشيد اشد الحاجه فقد كان في الحج واشكلت عليه مسألة فسأل العلماء فلم يعلم احدٌ جواب مسألته فقالوا له : ما يحلها لك الا عطاء فذهب الى عطاء خادم الخليفة قال له قم معي فأبى فلما جائه الخليفة تفرق الناس عنه فجاء عطاء فقال له عطاء: ارجع إلى الصف فرجع الخليفة وانتظر .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كلمة توجيهية: فإن الشباب في هذه الأيام مقبلون على الإجازة الصيفية التي يتفرغون فيها من الدروس النظامية ، ولكن لا ينبغي أن تكون هذه الإجازة عطلة كما يسميها بعض الناس ، بل ينبغي أن تكون مشحونة بطلب العلم على المشايخ الموثوقين وأهل العلم والإيمان وألا تمضي هذه الإجازة بالقيل والقال والسب والشتم والعداوة والتحزب فإن ذلك خلاف المنهج الصحيح الذي كان عليه السلف الصالح
قال الإمام الشافعي : ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم فهو يهتدي به الحائر .
قال أبو الأسود : ليس شيء أعز من العلم ، الملوك حكام الناس والعلماء حكام الملوك.
قيل لمالك : لو بقي من عمرك ساعة فماذا تصنع ؟ قال : اصرفها بطلب العلم .
يا طالب العلم : احذر تزكية النفس, والتعذر بكثرة الأشغال, وعدم العمل بالعلم, والإفتاء بغير علم, والكبر ففي الآية يبين الله سبحانه وتعالى أن طالب العلم مهما بلغ من ذكائه وتفوقه على أقرانه فهو محتاج إلى زيادة ولابد هنا أن يعلم طالب العلم أن علمه لا يساوي شيء أمام علم الله يقول سبحانه:}وفوق كل ذي علم عليم{ وتدبر هذه الآية }وما أوتيتم من العلم إلا قليلا{
فوائد:
المذاكرة نوعان : مذاكرة مع النفس ومذاكرة مع الغير .
الحفظ نوعان : غريزي و كسبي .
زكاة العلم في أربعة أمور: نشر العلم ، العمل بالعلم ، الصدع بالحق ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
من يدرس العلم لم تدرس مفاخره العلم أنفس شيء أنت ذاخره
فأول العلم إقبال وآخره أقبل على العلم واستقبل مقاصده
في العلم ألا عند أهل العلم التعلم تعلم إذا ما كنت لست بعالم
من الحلة الحسناء عند التكلم تعلم فإن العلم أزين للفتى
أنصح نفسي وأنصحكم بتخصيص وقت يومي لطلب العلم أيا كان هذا العلم –دنيوي أو شرعي- المهم هو الاجتهاد في طلب العلم و الأمر أصبح ميسر جداً افتح الجوال واقرأ فيه عن أي موضوع تعتقد أنه سيزيدك علما وينفعك دنياً أو آخرةً أو استمع أو اقرأ أو شاهد في التلفاز برنامجاً علمياً وتابعه
نختم بهذا الحديث العظيم :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت قال : كذبت و لكنك قاتلت ليقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار و رجل تعلم العلم و علمه و قرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته و قرأت فيك القرآن قال : كذبت و لكنك تعلمت العلم ليقال عالم و قرأت القرآن ليقال : هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه و أعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها؟ قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال : كذبت و لكنك فعلت ليقال : هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار) المصدر: صحيح الجامع