جولة لغوية مع أحرف التفسير
تاريخ النشر: 03/01/17 | 19:03مع أحرف التفسير أيْ، (أنْ) ، (إذا).
(أيْ) موضوعة لتفسير ما قبلها، سواءٌ أكانت مفردًا، أم جملة.
ما قبلها مفرد نحو: ركبت جوادًا أيْ حصانًا، فيكون ما بعد (أيْ) عطف بيان أو بدلاً، ومثل ذلك: نزل غيثٌ أيْ مطرٌ.
ما قبل (أي) جملة، نحو: يده طويلة أي هو سارق.
يقول الشاعر:
وترمينني بالطرْف أيْ أنتَ مذنبٌ *** وتقلينني لكنَّ إياكِ لا أقْلي
جملة (أنت مذنب) تفسيرية لا محل لها في الإعراب.
(أنْ) المفسرة تكون لتفسير الجمل فقط، فتكون بعد جملة فيها معنى القول دون لفظه، نحو الفعل أوحى، نادى:
{فأوحينا إليه أنِ اصنعِ الفُلكَ..}- النحل، 68.
{ونودوا أنْ تلكم الجنةُ..}- الأعراف، 43.
كتبت إليه أنِ اجتهدْ.
يشترط ألا يسبق (أن) التفسيرية حرف جر، فإذا قلت: كتبت إليه بأن يجتهد، فعندها تكون (أن) مصدرية ناصبة.
يشترط ثانيًا أن يكون قبلها جملة مفيدة، فإذا قلنا: {وآخر دعواهم أنِ الحمدُ لله}- يونس، 10 كانت (أن) مخففة من الثقيلة.
يشترط ثالثًا أن يكون بعد (أن) جملة، فلا يصح أن أقول مثلاً: أوحيت إليه كَـلَمًا أن خطابًا، فكلمة (أنْ) لا تأتي إلا قبل جملة، فهنا نستعمل (أي)- أوحيت إليه كَلَمًا أي خطابًا.
نعود إلى الآية في سورة النحل:
نلاحظ أن معنى (أوحينا إليه= معنى اصنع الفلك) فكانت زيادة الثانية توضيحًا للأولى، وأن “أوحينا” فيها معنى القول لا لفظه، ولم تقترن (أن) بحرف جر ظاهر، وهي بمعنى “أيْ”.
من الجدير بالذكر أن الفخر الرازي قال: “إننا لا نسلّم بأنها (أنْ – في الآية بعد كلمة أوحى) مفسرة، وقد انتفى شرط التفسير، لأن الوحي هنا إلهام باتفاق، وليس في الإلهام معنى القول، وإنما هي مصدرية أي- باتخاذ الجبال بيوتًا”.
وعلى ذلك يصح إعراب: أن مصدرية، والمصدر المؤول من (أن والفعل) وتقديره= اتخاذ في محل نصب بنزع الخافض…
في جملة “أشرت إليه أنْ لا تسافر” هناك أكثر من إمكان للإعراب:
أنْ لا تسافرُ= أنْ- مفسرة، لا – حرف نفي، تسافرُ- مضارع مرفوع…إلخ
أن لا تسافِرْ= أنْ مفسرة، لا ناهية وجازمة، تسافرْ- مضارع مجزوم بلا…. إلخ
أنْ لا تسافرَ= أنْ حرف نصب مصدري، لا- حرف نفي، تسافرَ- مضارع منصوب بأن…إلخ
في جملة “أشرت إليه أن يسافرَُ” جاز في المضارع رفعه على اعتبار (أن) مفسرة، وجاز نصبه على اعتبار (أن) ناصبة. أما الجزم فلا يجوز هنا، فليس في الجملة ما يدعو للجزم.
عدّ بعض اللغويين (إذا) حرف تفسير في نحو:
ازدردتُ الطعامَ إذا ابتلعتَـه.
هنا تكون تاء الفاعل في (ابتلعت) مفتوحة لأن التفسير للمخاطب، وهذا خلاف قولنا الجملة مع (أي):
ازدردت الطعامَ أيِ ابتلعتُه (هنا التاء مضمومة).
للتوسع:
علي رضا: المرجع في اللغة العربية، ج3، ص 196.
الأمير أمين ناصر الدين (دقائق العربية)، ص 144.
محيي الدين درويش: إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج4، ص 272.
إميل يعقوب: معجم الإعراب والإملاء، ص 50، 88، 104.
محمد إسبر ، بلال الجندي: الشامل –معجم في علوم اللغة العربية، ص 208، 220.
ب.فاروق مواسي