فوائد في شكل الحروف
تاريخ النشر: 09/01/17 | 15:34من مآثر الخليل بن أحمد الفراهيدي* أنه وضع علامات الشكل، فالضمة اعتمدها من الواو، والفتحة من الألف ثم جعلها أفقية ” َ “(لتمييزها عن الألف القصيرة في نحو هٰذا)، والكسرة أخذها من الياء (المتوسطة بدون نقطتين، وبدون رأس)، وهكذا.
سُمّي الضمُّ رَفعًا لأن الضمة من الواو، ومخرج الواو من الشفتين، وهما أرفع من الفم.
وأما لفظة (الضمّة) فلأننا نضم الشفتين عند نطقها.
سمي الفتح نصبًا لأن الفتحة من الألف، والألف حرف منتصب يمتد إلى أعلى الحنك.
وأما لفظة (الفتحة) فلأننا نفتح الشفتين، وجرب أن تلفظ (قَرَأَ) مثلاً وسيتبين لك ابتعاد الفكين بعضهما عن بعض.
سمي الكسر جرًا لأنه من الياء التي تهوي عند النطق بها سُفلاً، فكأنه مأخوذ من جَـرِّ الجبل، وهو سفحه.
نلاحظ أن هناك من يسمي الجرّ الخَفْض، وهو النزول والانحدار في صوت الياء.
والخفض- انخفاض الفك السفلي عند النطق بالحرف المكسور.
يقول الإمام أحمد الطيبي المتوفّى سنة 979 هـ:
وَكُـلُّ مَضْمُـومٍ فَلَـنْ يَتِـمَّا *** إِلَّا بِـضَـمِّ الشَّفَتَـيْنِ ضَـمَّـا
وَذُو انْخِفَاضٍ بِانْخِفَاضٍ لِلْفَـمِ *** يَتِـمُّ وَالْمَفْتُوحُ بِالْفَتْـحِ افْهَـمِ
سمي الجزم جزمًا لأنه يقطع الحركة، فالفعل جزم= قطع.
والسكون من معنى انقطاع الحركة، ولا عمل للفم فيه.
حدثني أبي أنه كان يتعلم في الكُتّاب، وكانوا يسمون الحركات: رَفْعة، نَصبَة، خَفْضة (بدل الضمة، الفتحة، الكسرة)، وأما السكون فكانوا يسمونه (لا شيء عليه)، ولم يكونوا يلفظون همزة “شيء”= شي.
كثيرًا ما أستمع إلى أطفالنا وحتى بعض شعرائنا يمدّون الضمة أو الفتحة أو الكسرة في قراءاتهم، فيكسرون البيت إذا كان موزونًا، ويسببون الإزعاج في هذا التمطيط غير المسوَّغ.
من جهة أخرى يجب إشباع حروف المد= الألف والواو والياء وعدم اختزالها أو اختلاسها.
على ذكر القراءة:
لا أعرف سبب قراءة الشكل عند الوقف، فما أكثر ما سمعت العنوان يقرأه المعلمون مشكولاً حتى الحرف الأخير: المدرســةُ! الكلبُ والحمامةُ!
يجدر بنا أن نقف ونشكل اللفظ بالسكون في آخر المدرسه، الحمامه، فهل سمعتم أحدًا يقرأ:
{قل هوَ الله أحدٌ}- بتنوين “أحدٌ؟
للتعريف:
* الخَلِيل بن احمد، (100 هـ- 170 هـ – 718م 786م):
الخليل بن أحمد الفراهيدي من أئمة اللغة والأدب، هو واضع علم العَروض، أخذه من الموسيقا، وكان عارفًا بها. ودرس لدى عبد الله بن أبي إسحاق الحَضْرمي، وعلى علماء البصرة مثل أبي عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر الثقفي وغيرهم.
كان الخليل أستاذ سيبويه، والأصمعي وغيرهما. ولد في عُمان ومات في البصرة، وعاش فقيرًا صابرًا. وصف بأنه كان شعث الرأس، شاحب اللون، متمزق الثياب، مغمورًا في الناس وكأنه لا يُعرف. ولكن ما يهمنا أنه جمع تقوى وزهدًا وورعًا، فأشغل نفسه بالعلم والعبادة. وقد فُتحت له مغاليق أبواب العلوم، فهو عالم اللغة والنحو والعروض والموسيقا، وكذلك كان شاعرًا.
عن وفاته قال الذهبي في سببها- في كتاب “تاريخ الإسلام”:
“يقال: كان سبب وفاة الخليل أنّه قال أريد أن أعمل نوعًا من الحساب تمضي به الجارية إلى الفامي (البائع)، فلا يمكنه أن يظلمها، فدخل المسجد وهو يعمل فكره، فصدمتهُ سارية وهو غافل، فلاقى مصرعه. وقيل: بل صدمته الّسارية وتوفي بعدها، وهو يقطِّع بحرًا من العروض”.
(ابن خَلِّكان، وفيات الأعيان، ج2، ص 248).
من مؤلفاته: معجم العين، كتاب العَروض، كتاب النقط والشكل، كتاب الإيقاع، كتاب معاني الحروف.
ب.فاروق مواسي