عزة المسلم
تاريخ النشر: 21/01/17 | 4:36لا شك أن العزة معنى ينشده كل سوي من بني البشر، وقد تمدح الناس بها وبالسعي لتحصيلها منذ القدم،
ومن أبيات أبي فراس،
ونحـن أناس لا توسط بيننا لنا الصـدر دون العالمين أو القبرُ،،،،،،،،،تَهُونُ عَلَيْنَا فِي المَعالِي نُفُوسنَا وَمَنْ خَطَبَ الحَسْناء لَمْ يُغْلِهَا المَهْرُ
أعزُّ بني الدنيا وأعلى ذوي العُلا،،،،،، وأكرم من فوق التراب ولا فخر
فما هي هذه العزة، وبماذا تكون،
العزة في اللغة، فمأخوذة من العز،وهو، ضد الذل، تقول،يعز عزاً فهو عزيز، أي،قوي، والعزيز من صفات الله عز وجل،هو القوي الغالب على كل شيء،
ومن أسمائه، العزيز، وهو الذي يهب العز لمن يشاء من عباده(تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) آل عمران،
والعزة ،تنبثق منهما أقوال وأفعال تدل على الشعور بالفخر والاستعلاء،وصدق الانتماء لهذا الدين مع تواضع ورحمة بالمؤمنين،
والأمة اليوم أحوج ما تكون إلى الالتزام بالعزة والأخذ بمقوماتها،والاعتزاز بالدين من أقوى ما نواجه به أعداءنا في زمن تداعت فيه الأمم علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فهلم إلى طريق العزة والمجد والخلود،
مقومات العزة،
الإيمان المطلق بأن الله هو العزيز، وأنه هو وحده مصدر العزة وواهبها، وأنه لا أحد يملك العزة أو يهبها سواه (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً)فاطر،
اليقين بأن عزة الظالمين إلى زوال، وأنهم لايملكون دوامها فضلاً عن أن يهبوها غيرهم(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا)النساء
وعندما أثبت بعض الضالين لنفسه عزة زائفة(يقولون لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) قال الله(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ولكن المنافقين لايعلمون)المنافقون،
صدق الانتماء لهذا الدين، وإن صاحبه هو العزيز، وغيره هو الذليل، كما قال الله(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(آل عمران،
أما الكافر وإن كان عزيزاً في الدنيا فمآله(فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ)السجدة،
عدم الانخداع بما عليه الكفار من قوة مادية أو عسكرية، فإنها لاتعني في موازين العزة الحقيقية شيئاً(لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)آل عمران،
وعز الآخرة وبؤسها لايقارن بما يكون في الدنيا، لا في حجمه أو نوعه أو مدته، ولا مرحباً بعز محدود يعقبه ذل ممدود، ومع هذا فإن الدنيا دار مدافعة يرفع الله فيها أقوماً ويخفض آخرين، ومن سنته أن جعل أيامها دولاً، ثم إن العاقبة للتقوى،
كيف نحقق العزة في المجتمع المسلم،
الأخذ بمقومات العزة،والالتزام بها،وتربية أبناء المسلمين على العزة وصدق الانتماء، وتجريد الولاء لله ولرسوله، والبراءة من المشركين،وإقامة المنابر التي تبث في الأمة روح العزة والكرامة والاستعلاء، والاستغناء عن الآخرين،
شعور المسلم بالعزة،وتعامله بها يجعله يعيش حياة فيها الانشراح والسعادة والغبطة،وليس من العزة التكبر على المؤمنين والاستعلاء عليهم، فهذه عزة مذمومة،
قال صلى الله عليه وسلم،فيما يرويه عن ربه(العز إزاري، والكبر ردائي، فمن ينازعني فيهما عذبته)
بل إن من كمال عزة المسلم تواضعه للمسلمين، وهذا لاينقصه بل يزيده، فما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، ومن تواضع لله رفعه، وقد أثنى الله على المؤمنين بأنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين،
وليس من عزة المسلم ظلم الآخرين والتعدي عليهم في مال أو عرض أو دماء ولو كانوا كفاراً إلا بحق،ومن تمام عزة المسلم،حسن الخلق حتى مع الكفار، وحسن الخلق لايعني الضعف والذلة والمسكنة، وإنما العدل والإنصاف وتحري الحق (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)المائدة،
لاينافي العزة الشرعية هداية الكفار عند دعوتهم بالكلام الطيب أو مجادلتهم بالتي هي أحسن،فقد قال الله(وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
العنكبوت،
والعزة الحقيقة تقتضي التقيد بضوابط الشرع في معاملتنا لبعضنا،وفي تعاملنا مع غيرنا، من أهل الملل الأخرى،وإذا نص شرعنا على عدم بدئهم بالسلام فلا نبدؤهم بذلك، وإذا سلموا رددنا عليهم السلام، وهكذا نتبع شرعنا في كل ما يحكم علاقة المسلم بغيره،بالاستقامة على الدين، ولنتفاءل فالعاقبة للمتقين.