الأسرة الناجحة على الصعيد التربوي
تاريخ النشر: 25/01/17 | 2:37التربية هي ثقافة مرتبطة بنمط العيش بين مختلف الفئات، إن كانت بيئية أو نفسية، يتبعها الأهل ليضمنوا لطفلهم شخصية متزنة وناجحة. ليس هناك من طفل مثالي على الإطلاق، إذ يوجد تربية صحيحة وتربية غير صحيحة، فإذا ما أراد الوالدان تربية طفلهم فما عليهم سوى اتباع تربية كاملة وناضجة، وفقاً للبيئة والمجتمع اللذين يمنعان الطفل من الوقوع في مأزق التربية الناقصة. إن الطفل بحاجة دائماً إلى الحنان، وعلى الأهل إعطاءه كماً هائلاً منه، وعدم المزايدة في إرشاده بطريقة التوبيخ أو الأمر، فهناك أسلوب عليهم مراعاته بعدم فرض العقاب المباشر، وعليهم معرفة كيفية التوفيق بين استعداداتهم وبين احتياجات طفلهم في الصراعات التي يمكن أن تكون في الحياة الأسرية دون صراخ أو اللجوء إلى الضرب. إن حياة الطفل وتربيته مرتبطة بتعامل الوالدين مع بعضهما البعض، فإذا كان أسلوبهم هادئ ومتماسك وقادرين على ضبط النفس، فستنعكس التربية إيجاباً على حياة طفلهم، وإذا ما كان وضع الأسرة مستقراً ذات ترابط عاطفي متين لا يعرف المشاجرات والمشادات الكلامية بين الأبوين، بقدر ما يتمتع الطفل بصحة نفسية سوية سيكون لها الأثر الأكبر على سلوكه وتربيته، ناهيك عن ما يمكن إكتسابه من عادات سيئة، كالسب، والشتم، والخروج من دائرة الإحترام للآخرين. إن التعاليم الأخلاقية المتبعة لدى الأهل تمنع وقوع الطفل في بحر التشتت والكراهية، وبذلك يضعون مبادئ سلوكية على شكل قوانين تتعلق بالسلوك، وبالتالي تصبح الأخلاق بالنسبة للطفل هي القدرة على تمييز السلوك الصحيح عن الخاطئ ثم التصرف إنطلاقاً من هذا التمييز المرهون بالمستوى الثقافي والتعليمي للأهل يصاحبه حسن الإدراك والوعي اللذين يكتسبهما من مدرسة الحياة. “إن الشكل الصحيح والسليم لتربية الطفل تربية كاملة وناضجة هو اللجوء إلى الإرشاد التربوي، بغض النظر عن العادات والتقاليد، لأن العادات والتقاليد يكسبها من خلال والديه لا شعورياً، نظراً لتصرفاتهم اليومية تجاه بعضهم”. وهذا يتطلب وضع أسس وركائز تربوية متينة، أساسها الفضيلة تمنع تأثره بموجات الفساد التي تدمر الإنسان داخل الطفل لتختزن بذور رذيلة تتشعب في المراهقة والشباب، حين يصبح من الصعب تصحيح ما فسد، إذ يصبح انغماسه بالبيئات المنحرفة اشبه بالإدمان، يشعره بالنقص إذا ما وجد نفسه في وسط نظيف متمايز بمسلكيات سوية. وتعليم الطفل وفق هذه الركائز لابدّ وأن يحضر لها ببرنامج تربوي توضع خطواته وفقاً لما يتناسب مع استعداده للتلقي والفهم، وهذا يجب أن يحضر له أيضاً بانفتاح واعٍ، بعيداً عن الاستبداد والتعنت وقول كلمة (لا) دون تقديم المبرر على ذلك، حتى يفهم ويدرك الطفل أن هذا المنع إنما هو ناتج عن رغبة الأم في تجنيبه الخطر والوقوع في الخطأ. فكل طفل يشب وفي ذاكرته صورة مثالية عن أبويه، لذا يفترض تحليهما بثقافة واعية وانفتاح يبرز بالمسلكيات الحميدة التي يرغبون بتطبيع الطفل عليها. فالتوازن في تمثيل الأدوار داخل الأسرة، الأم هي الأم منبع العاطفة، والأب هو الأب، المتميز بالوقار والاحترام والسلطة الأسرية، سيؤسس لأسرة فيها كافة مقومات الأسرة الناجحة على الصعيد التربوي التي تشكل أساس الاستقرار النفسي للطفل.