عن الفقر وإخطبوط الغلاء وصرخة أبو ذر الغفاري
تاريخ النشر: 29/01/14 | 22:58يعاني السواد الأعظم من أبناء شعبنا في هذه البلاد من الغلاء الفاحش والفقر المدقع، الذي لا ينفصل عن الواقع الاقتصادي والسياسي المتردي، واقع القهر والظلم والاستغلال والاحتلال. ولا شك أن جوهر سياسة النظام هو الذي يصنع الفقر ويضطهد الفقراء ويستغل الكادحين والعاملين في القطاعات المختلفة.
ولا يخفى على احد أن هنالك فجوة كبيرة طرأت على الفوارق الطبقية، وزيادة واسعة على أعداد الفقراء والمحتاجين في مجتمعنا العربي، وكذلك زيادة ملموسة في أسعار المواد التموينية والمعيشية الأساسية في السنوات الأخيرة، نلمس آثارها الواضحة على كل الفئات الضعيفة خصوصاً شرائح محدودي الدخل، الذين يضطرون إلى صرف معاشاتهم وأجورهم على الحاجات الضرورية كالأكل والشراب وشراء الملابس.
وفي الواقع أن الغلاء المستشري في البلاد ناجم عن السياسة الاحتلالية والاقتصادية لحكومة نتنياهو، التي تصرف ميزانية الدولة على المستوطنات والمستوطنين وعلى الاحتلال الكوليونالي في المناطق الفلسطينية، وتتغاضى عن الوضع الاجتماعي للشرائح الفقيرة، التي لا تجد قوت يومها في البيت.
فكيف يتدبر العاطلون عن العمل وأصحاب الاحتياجات الخاصة الذي يتلقون منحة شهرية شحيحة من التامين الوطني لا تكفي لسد الرمق، وفي كل فرصة مواتية تقوم حكومة اليمين العنصرية، حكومة اغناء الأغنياء وإفقار الفقراء، بتخفيض هذه المخصصات التي تدفعها لأصحاب العجز وضمان الدخل والبطالة. وكانت قبل فترة وجيزة قد خفضت تامين الأطفال وأصبح كل طفل يتقاضى مبلغ 140 شاقلاً.
في الماضي كانت هناك تحركات شعبية واسعة في الوسطين اليهودي والعربي بقيادة نقابة العمال العامة- الهستدروت، بعد كل موجة غلاء وفي أعقاب ارتفاع أسعار الخبز والاحتياجات الضرورية للمواطن، لكن من المؤلم والمؤسف أن الشعب في إسرائيل، عرباً ويهوداً، بات يتسم بالسلبية والعجز والاستسلام والتسليم بالأمر الواقع، فلا يحرك ساكناً، ولا يهب منتفضاً لكبح جماح غلاء الأسعار. فأين النضال العمالي البروليتاري؟ وأين الكفاح الطبقي الشعبي؟ وأين القوى السياسية والمنظمات العمالية، من مسائل الفقر المتفاقم والغلاء الفاحش، الذي يكوي النفوس ويفتك بجمهور الكادحين..!
إن الفقر يعمي البصر والبصيرة، ويؤول بالإنسان إلى مستوى معيشي وحياتي منخفض، ويدفعه إلى حالة من اليأس والقنوط والإحباط والسلوك العدواني. ولا يعرف الفقر، بكل ما يعكسه من ألم وبؤس وحرمان، إلا من يعيشه ويتجرع كؤوس مرارته، أفلم يقل الشاعر:
المال يرفع سقفاً لا عماد له والفقر يهدم بيت العز والشرف
وكم كان سيدنا علي ابن أبي طالب رضي اللـه عنه صادقاً في مقولته " لو كان الفقر رجلاً لقتلته ".
وأخيراً كم نحتاج إلى صرخة أبو ذر الغفاري في هذا الظرف الاقتصادي السيئ والعصيب: "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته لا يخرج شاهراً سيفه".