مئذنة المجادلة في عكا حجارة تحكي تاريخ
تاريخ النشر: 04/02/14 | 4:33المجادلة؛ مسجد عكيّ له تاريخ أصيل، شُيّد على يد علي وعبد الله باشا بأمر من الوالي العثماني سليمان باشا العادل يوم كان واليا على عكا في عام 1810 ميلادية، واشتق المسجد اسما له من قرية المجدل التي نزح أهلها الى مدينة عكا، فسكنوا في حي المجادلة فيها وجاوروا الأسوار العتيقة وبحرها الساحر.
ولمسجد المجادلة مئذنة لها حكاية معمارية الى جانب الحكاية التاريخية؛ فبينما هي ظلّت صامدة سنين طويلة تحتضن الأرض وتعانق السماء؛ تعرضت الى تشققات وتصدعات كبيرة على طول عمودها المركزي من الداخل، الأمر الذي بات يهددها بخطر الانهيار والتسبب بوقوع أضرار بحق أهالي الحي والمصلين.
وعلى اثر ذلك علمت "مؤسسة الاقصى للوقف والتراث" بحال المئذنة، فهرعت اليها لتعاين الوضع الذي آلت اليه بعد أن استعانت بمختصين في مجال البناء الأثري وقف على رٍأسهم المختص مروان حمّاد؛ خلُص الجميع الى وجوب تفكيك المئذنة حجرا حجرا وإعادة بنائها من جديد، شريطة أن تتم المحافظة على نمط بنائها المعماري وطابعها التاريخي الذي يحكي قصة قوم، عمروا البلاد ورحلوا مخلّفين وراءهم ارثٌ عظيم ما زال العكيّون والفلسطينيون، ينعمون به حتى يومنا هذا.
مئذنة الارقام
تفكيك حجارة المئذنة مشروعٌ لم يكن بالأمر السهل القبول به نظرا لضخامته، خاصة وأنه يعتبر الأول من نوعه على صعيد مآذن فلسطين كلها، غير أن المحافظة على الإرث الاسلامي والحضارة العربية الاصيلة تخطت كل العراقيل، وبدأ العمل بترقيم كل حجارة المئذنة حتى يتم اعادة استعمال الصالح منها من جديد وقد استغرق ذلك وقتا طويلا، ثم جاءت مرحلة التفكيك بواسطة معدات خاصة وأيدٍ حرفية بجودة عالية، وهنا عاش هؤلاء قصة انتماء مع حجارة حملت تاريخا وبنت فيه صرحا من الصمود والثبات.
ويقول محمد مرعي منفذ بناء المئذنة " إن المشروع مر بمرحلتين؛ الاولى تفكيك الحجارة وهذه العملية كانت محفوفة بالمخاطرة خاصة وان العمل تم على مئذنة بارتفاع 35 مترا، وكنا نُنزل حجرا حجرا عن هذا الارتفاع من رافعة خاصة وهذه العملية لوحدها استغرقت منا قرابة شهرين وفي النهاية استطعنا أن ننجز العمل على أكمل وجه".
وتابع "بعد ذلك كانت مرحلة البناء التي واجهتنا خلالها صعوبة في توفير حجارة ملائمة لتلك القديمة التي كانت، خاصة وان غالبيتها كان قد تلِف ما اضطرنا للاستغناء عنها، لكن في النهاية تغلبنا على ذلك ولم يكن فارق كبير بين الحجارة القديمة والجديدة".
عمل تاريخي
ويرى المهندس امير خطيب مدير مؤسسة الاقصى ببناء المئذنة عمل تاريخي، خاصة وأنها المرة الاولى التي يتم خلالها تفكيك مئذنة بالكامل واعادة بنائها من جديد في فلسطين، والحديث يدور هنا عن مئذنة يزيد عمرها على المائة عام ونحن بحمد الله وبدعم جمعية ميراثنا التركية جزاها الله عنا وعن المسلمين كل خير، قمنا باعادة البناء والحفاظ عليها وعلى طرازها العثماني في مدة زمنية فاقت الستة أشهر وقد تزينت بصنوبرة خضراء نحاسية مطابقة للتي كانت في السابق مع هلال شامخ يشهد باسلامية عكا وتاريخها المشرق.
ولم يقتصر عمل مؤسسة الاقصى في عكا على مسجد المجادلة، حيث سبقه مسجدي الزيتونة والرمل الذين خضعا هما أيضا لأعمال ترميم واسعة بالاضافة الى مسجد سنان باشا (الميناء) ومستقبلا سيتم الشروع باعمال ترميم في مسجد الظاهر عمر وكلها مساجد تاريخية ترميمها يعني الحفاظ على الهوية والتاريخ الاسلامي والعربي.
مرافق المسجد
وتبلغ مساحة المسجد نحو 449 مترا مربعا تشمل قاعة للصلاة مع ساحة داخلية، والمدخل، وروضة أطفال، ومراحيض ومخزن، وتحتوي قاعة الصلاة على قبة ضخمة يبلغ قطرها نحو 6.6 أمتار وارتفاعها 3.69 أمتار، بالإضافة إلى ثلاث قباب خارج القاعة في ساحة المدخل ترتكز على أعمدة دائرية الشكل، وأقواس داخلية أيضا.