عراف بن علامه العبقري يعلم ابنه درسا في مفردات الوطن
تاريخ النشر: 06/02/14 | 0:40الدرس الاول :
يا بني: الوطن لا يباع ولا يشترى..!!!!
يا بني طفت في كل بلاد العرب والعجم….. وبلاد جزر القمر… وبلاد الشمس التي لا تغيب فلم اجد بائعا عارضا وطنه للبيع…. يا ولدي تستطيع ان تبيع قلبك… كليتك…. روحك….. ذمتك…. ضميرك….. تستطيع ان تبيعها للشيطان…. لمصاصي الدماء…..!! ولكنك لا تستطيع ان تبيع الوطن لانه، اهدي اليك بلا ثمن، ولكنه غاليا لدرجة ان لا يوجد على هذه الارض من يستطيع ان يدفع ثمنه….. حتى لو ثمن شبر منه…. او قبضه من ترابه…!!!
والوطن اذا بيع حقيقه، تحول الى حلم…. والحلم اغلى من الحقيقه…. واذا حاول احدا ان يبيع الحلم، فانه يكبر ويكبر حتى تعجز قدراتنا، على احتمال ثقله فينزل الى تراب الوطن مقاتلا، فاما الموت، او الرجوع الى حقيقته الاولى……
يا ولدي الوطن لا يبدل……
جدك سليمه بن مثقال العبقري، بدل فرسه الشهباء الذي ذاع صيتها في البلاد، بباروده انجليزيه، فاصاب الباروده الخراب… وفازت الشهباء بكل السباقات..!!، فمات تقتله الحسرات، تستطيع ان تبدل جلدك، حسب طلب اهل الذمه، ومزاج اصحاب كنوز الارض…. تستطيع ان تبدل دمك، اذا ما اصابه الهوان، واذا اردت ان تبدل لونه بالازرق او الاحمر الجنجي، ولكنك لا تستطيع -يا ولدي- ان تبدل الوطن….. فانك مثلا ان اردت ان تكتب اتفاقية التبديل، فانك تحتاج الى رقعه من الورق تساوي مساحة الوطن، ومدادا يساوي ماء نهر الاردن، منذ ان بدا جريانه، حتى يأخذه ويأخذنا خالقنا وخالقه الى جواره..!!!!
والوطن -يا ولدي- لا تستطيع ان ترميه من داخلك..!!!
فان لم تسكنه، فانه يسكنك، تستطيع ان تغادره، ولا تستطيع ان تجبره على مغادرتك. قد تعيش في بلاد الواق الواق، او سجن جوانتانمو، او جزر الاباما، ولكن ستأخذه معك….. قد تلعن الي اليوم الذي سكنت فيه، او سكن فيك… قد تكره ناسه، سهوله، جباله، ووديانه،ولكن سيبقى قابعا ملتصقا في اعماقك، في قلبك، في عقلك، في احساسك، يجري في دمك…!!
اذا نكبت فيه، ونفيت منه الى ديار المنافي والشتات، والضياع، فسيبقى هو البوصله التي تدلك على وجودك في نقطه محدده، على وجه الارض…. تعرف انك من هناك بدأت، ودائما تقف وترسم خطا مستقيما يربط رؤيتك به…!!
والوطن -يا ولدي- انت لا تملكه……….
فهو ملك لمحصلة: جهد، وماضي، وامل الامه….. فهو لا يجزأ، كي تأخذ حصتك منه، فهو غير قابل للقسمه، ولا تنطبق عليه قوانين الحساب، فهو غير قابل للطرح، او الجمع، او الضرب.
هو ميراث شعب، ولكن مستحيل ان يعمل في مجمله حصر ارث….. وذلك لاسباب كثيره اهمها: ان كل واحد في هذه الامه، يملك جزء من جبل الكرمل، وهضاب الروحه، وجبال الجليل، و السهل الساحلي، والنقب، والسامره، ونهر الاردن، واليركون، ونبعة اللجون، ونسيم بحر عكا، وعنفوان جبل الجرمق…. ولا يمكن تقسيم الذاكره التي كتيتها الاجيال على سفح جباله، وصفحات بحيرة طبريا، واسوار القدس، واجراسها… ولا تستطيع ان تفصل حلمك على الحلم الجماعي للامه، ففي أي مكان تريد ان تبني هذه الاحلام، فانها ستكون اما على جباله او على صفحات بحره، او سمائه…….
والوطن غير قابل للتفاوض……..
والتفاوض يا ولدي تعني، انه في نهايته سيكون تنازل من قبل احد الطرفين، او اثنيهما على بضاعه او ملك ما…. أي ان هذا الملك، قابل: للتقسيم، والتجزئه، والتسويه، والتنازل…. ولكنك تعرف -يا ولدي- ان هذا لا ينطبق على الوطن، فهو غير قابل: للتقسيم، او التجزئه، او التسويه، او التنازل.!!!
وانت تعرف -يا ولدي-، ان المفاوض يحب ان يكون مالكا للملك، الذي يفاوض عليه…. او ان يكون قد اوكل من قبل مالكه، كي يفاوض عنه.
والوطن كما تعرف -يا بني- لا يملكه احد بمفرده، وانك لا تستطيع، لا من الناحيه العمليه، ولا من الناحيه النظريه، جمع جميع مالكيه على طاولة المفاوضات، ولا يمكن جمعهم على رأي واحد، ولا ان تأخذ وكالتهم، في التصرف بهذا الوطن.. فأنك لا تستطيع، ان تتنازل او تفاوض على حلم واحد منهم…. فمثلا لا تستطيع ان تتنازل عن حلم شاب من الكفرين، يحلم بان يعود اليها، ويزرع فيها زيتونه في ارضه، ولا امرأه في الغيبات، بأن تحلم بأنها ستعود الى بلدها، وتملا جرتها من ماء نبعتها…. ولا تستطيع ان تتنازل عن حلم طفل من عسقلان، يريد ان يعود ليقرأ الفاتحه على قبرجده المقبور قي مقبرتها….. والامثله كثيره، كعدد اوراق زيتون الوطن، وحبات قمحه، وقطرات مياه ينابيعه، وحجاره السنابل، المرسومه على سفوح جباله…. وقطرات الدم التي جبلت ترابه…
ولذلك يا ولدي…. ارفع صوتك عاليا…. كهدير امواج بحر عكا… وتكبيرات مآذن القدس، واجراس كنائس الناصره…..
وقل:
للبائعين والمشترين، والمبدلين، المفاوضين، ان يرفعوا ايديهم والسنتهم، ونواياهم، ويأسهم عن الوطن……!!!