زعبي تقدّم تقريرا لمراقب الدولة
تاريخ النشر: 12/02/17 | 15:24قدمت النائبة حنين زعبي (التجمع، القائمة المشتركة) تقريراً لمراقب الدولة حول تعامل الشرطة مع ملفات الجريمة في الشارع العربي، وحول الدور ” الاجتماعي” للشرطة في الشارع العربي، وحول إصرارها على التعامل مع تجنيد الشباب العرب في صفوفها كأداة سيطرة وليس كأداة محاربة للجريمة والعنف.
يستند التقرير بالإضافة للأبحاث والإحصائيات العديدة والمعروفة في المجال، إلى تقارير الشرطة نفسها التي صدرت في السنوات العشر الأخيرة، وإلى شهادات حية وإلى مختلف محاضر الجلسات البرلمانية التي تناولت الموضوع.
ويدور التقرير حول 4 طروحات مركزية، أولها أننا لا نستطيع أن نفصل قضية تعامل الشرطة مع العنف والجريمة لدى العرب عن قضية عنف الشرطة ذاتها تجاه العرب، حيث قتلت شرطة إسرائيل 69 شابا عربيا منذ بدء الانتفاضة الثانية، وأن تعاملها العدائي معنا هو مؤشر نيتها وتوجهها الحقيقي تجاهنا.
والثاني أن الشرطة غير معنية بمحاربة الجريمة عندما يكون الضحية عربي، رغم أنها تملك الوسائل لذلك. ويسند التقرير هذا الادعاء في الأساس إلى عدم طرح الشرطة أي خطة عينية لمحاربة الجريمة، ابتداء بجمع السلاح مرورا بحل ملفات الجريمة المتراكمة والقبض على المجرمين، وبمحاربة عصابات الجريمة، وبمحاربة الأتاوة (الخاوة) إلى غير ذلك. كما يسنده إلى تقارير الشرطة التي تفاخر بنجاحاتها والتي تنشر دائماً معطيات تشير اإلى انخفاض نسبة الجريمة العامة، رغم أنها تعرف أن هذا الانخفاض يعود الى انخفاض حصري في الجريمة في الوسط اليهودي، ويخفي ارتفاعات منهجية ومستمرة في الجريمة في المجتمع العربي. كما يقوم التقرير في هذا السياق، بمقارنة معطيات حل الجريمة والقبض على المجرم، مع الوسط اليهودي، وبمقارنة قدرتها على القمع السياسي، وملاحقة تحركات النشطاء السياسيين، وبتوضيح أوجه عدم استنفاذ التحقيق في الجرائم العربية، وبتتبع معطيات وأسباب إغلاق الملفات، وبتتبع امتناع الشرطة عن جمع السلاح، وعلاقاتها القوية والودية مع عصابات الجريمة.
ويؤكد التقرير أن سياسات الشرطة مع عصابات الجريمة تركز فقط على عدم تسرب نفوذ الأخيرة وتأثيرها إلى الشارع اليهودي.
أمّا الطرح الثالث، فيرتبط بالمصطلحات والمعلومات المضللة التي تقوم الشرطة باستعمالها موارية وراءها أهم مصطلح لمحاربة العنف، باعترافها هي، ألا وهو مصطلح ” احتمال القبض على المجرم”، والذي يتعامل معه الباحثون كأهم معيار على نجاعة العمل البوليسي. أما الطرح الرابع فهو أن
الشرطة تتعامل معنا كإداة سيطرة وتطويع، بالتالي فهي تشدد على تحويل بعض المجرمين الى أدوات مخابراتية، وتحاول إسقاط الشباب ك” متعاونين” معها، ويذهب معظم مجهودها الى القمع والملاحقات السياسية، اما ما تبقى من مجهود فيذهب ل” تجنيد الشباب العرب”. وكلما طالبناها بأن تحارب الجريمة، تقول لنا ” تجندوا”، وكأن المشكلة في عدد أفراد الشرطة وليس في سياساتها ونهجها تجاهنا.
كما يفرد التقرير مساحة رئيسية لعلاقة الشرطة المشبوهة مع عصابات الجريمة، مؤكداً خطورة الأمر ليس فقط على عدم محاربة الجريمة، وعلى تقوية البعد الجنائي لعصابات الجريمة، بل على تقوية الدور الاجتماعي لتلك العصابات.
الفروقات بين ” احتمال القبض على المجرم” في المجتمعين يفسران الفرق بينهما في نسب الجريمة
يرصد التقرير المعطيات الخطيرة، وأهمها أن نسبة الجريمة في الشارع العربي هي 7.4 أضعاف نسبتها في الشارع اليهودي. ولعل أهم ما يدعيه التقرير هو أن نسبة مماثلة لذلك تعكس أيضاً الفرق بين ” احتمال القبض على المجرم” في المجتمعين، ويصل التقرير ربما لأهم نتائجه وهي أن ” احتمال القبض على المجرم” المنخفضة في المجتمع العربي هي ما يفسر ارتفاع نسبة الجريمة.
ويذكرنا التقرير أنّ 70% من عمليات القتل في الشارع العربي تتم من خلال الطلقات النارية، كما أن نسبة السلاح غير المرخص في الشارع العربي تصل الى 80% من المجمل العام، أي حوالي 320 ألف قطعة، وينوه التقرير الى معطى غاية في الخطورة، مفاده أنه تم رصد قطع من السلاح، عادت للتجارة في السوق السوداء بعد أن تمت مصادرتها من قبل الشرطة.
النائبة زعبي: المجتمع مسؤول عن تطوير مرجعية قيمية، لكن الشرطة هي المسؤولة عن عقاب من يتجاوز القانون، والحل ليس في التجنيد!
“أن التقرير يحاول دحض ادعاءات الشرطة بخصوص الحل، فالحل لا يكمن في تجنيد العرب للشرطة،علما بأن الزيادة في السنوات الاخيرة لعدد مراكز الشرطة وافرادهاالعرب لم يقلل نسبة الجريمة بل حتى لم يمنع ازديادها، فثقافة الشرطة ونهجها تجاه العرب يبقى أقوى تأثيراً من أي زيادة لأفراد الشرطة العرب. بالتالي يكمن الحل في وضع خطة طوارئ لمحاربة الجريمة مع أهداف رقمية، تعتمد على جمع السلاح، محاربة عصابات الجريمة، محاربة الخاوا، وإحداث تغيير جوهري في برنامج مدينة بلا عنف.
لم يهدف التقرير لإجراء حساب الذات العسير، فهو تقرير يركز في عمل الشرطة أو بالأحرى في تقاعسها. مع ذلك، علينا ألاّ نغفل المسؤولية الذاتية لمجتمعنا، في تعزيز مرجعية قيمية ونافذة. فالخط الأحمر لا يضعه القانون لوحده، بل يضعه الفرد لنفسه والمجتمع لأفراده عبر منظومة قيم رادعة. وهذه مسؤوليتنا جميعا.