يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ

تاريخ النشر: 08/02/14 | 3:00

إن الألفة والمحبة نور يضعه الله سبحانه وتعالى في قلوب المؤمنين، ولا يستطيع أحد أن يفرضها بالأموال والقوة والرجال لقوله تعالى (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (الأنفال: 63).

ولعظم المحبة والأخوة بين المؤمنين وأهميتها، فقد دعا إليها الله جل وعلا في كتابه المبين، ونبه إليها النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: 10)، وقال سبحانه: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (التوبة: 71).

وفي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

فهذه الآيات والأحاديث، كلها دلائل واضحة، وبراهين قاطعة على عِظَم الأخوة بين المؤمنين، وقوة الرابطة بين المسلمين، ولقد أجلت نظري في حال المسلمين اليوم في أنحاء الأرض، وتأملت العلاقة التي يمارسها بعضهم مع إخوانهم الآخرين، فوجدت أن تلك الرابطة الإيمانية، والأخوة الإسلامية التي أرسى دعائمها كتاب ربنا، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا قد بدأت اليوم للأسف الشديد تضعف بشكل يُنذِر بخطر كبير، وشر عريض، ما لم يَصْحُ المؤمنون من هذه الغفلة التي وقعوا فيها.

ولا شك أن لوجود هذه الظاهرة السيئة أسبابًا وعللاً لمن تأمل واقع المسلمين هذه الأيام، ولعل من أُبرز الاسباب التنازع والاختلاف حول أمور دنيوية، فإن الإنسان قد يجد رجلين على صلاح ومحبة وأخوة، فتفتح الدنيا على أحدهما، فترتقي درجته ومرتبته، فيفسد قلبه على أخيه والعياذ بالله ولربما كان أحدهم مع أخيه على أحسن ما يكون، فتقع بينهما خصومة على أرض أو دار أو نحوهما من أمور الدنيا، فتقطع الأخوة في الله بسبب تلك الدار أو الأرض التي اختصما عليها. ولذلك كم من قلوب تفرقت، وأرحام تقطعت، ودماءٍ سُفكت، وأرواح أُزهقت بسبب اختلاف وقع على شيء مادي حقير، حتى نُسيت بذلك الأخوة، وتبدلت بغضاء وحقدًا.

فلا بد لنا أن نتدبر ونفكرجيدًا قبل ان نقدم على فعل أي شيء يكون سببًا قويًا لخسارة الدنيا والاخرة، ويجب علينا أن نكون مثل الأطفال، لا نعرف للحقد مكان، نحب بسهولة ونعبر عن حبنا بسهولة، ونناضل من أجل حبنا بلا وجل ولا خجل وبكل قوة وكل براءة وبكل صدق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة