الملائكة وأهل الإيمان
تاريخ النشر: 20/02/17 | 6:38الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ,, وبعد الملائكة خلق من خلق الله , وجند من جنوده جل وعز , “فهُمْ أَجْسامٌ نُورانِيَّةٌ لَطِيفَةٌ ذَوُو أَرْواحٍ مُشَرَّفَةٍ , عِبادٌ مُكْرَمُونَ عِنْدَ اللهِ ، لَيْسُوا ذُكُورًا ولا إِناثًا ، لا يَأْكُلُونَ ولا يَشْرَبُونَ ولا يَنامُونَ ولا يَتْعَبُونَ ولا يَتَوالَدُونَ وهُمْ عِبادٌ مُكَلَّفُونَ لا يَعْصُونَ اللهَ تَعالى ما أَمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُون” .
“وهُمْ عِبادُ اللهِ مُكَلَّفُونَ مُوَكَّلُونَ بِأَعْمالٍ شَتَّى ، فَمِنْهُمْ مَنْ هُمْ مُوَكَّلُونَ بِالْمَطَرِ والنَّباتِ ، ومِنْهُمْ مُوَكَّلُونَ بِكِتابَةِ أَعْمالِ بَنِي آدَمَ ، وبَعْضُهُمْ مُوَكَّلُونَ بِتَوَفِّي الأَرْواحِ ، وبَعْضُهُمْ مُوَكَّلُونَ بِحِفْظِ بَنِي آدم ، يَحْفَظُونَهُمْ مِنْ تَلاعُبِ الجِنِّ بِهِمْ إِلاّ أَنَّهُمْ لا يَمْنَعُونَ وُقُوعَ الْمُقَدَّر ، فَما شاءَ اللهُ كانَ وما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ، ومِنْهُمْ مُوَكَّلُونَ بِتَبْلِيغِ السَّلامِ إِلى الرَّسُولِ الأَعْظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ أُمَّتِهِ ومِنْهُمْ مُوَكَّلُونَ بِكِتابَةِ ما يَسْقُطُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَر” .
والإيمان بهم واجب قال تعالى : ” آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ” البقرة 285 , ومن أنكر وجودهم فقد كفر , قال تعالى : ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ النساء 136
ولهم علاقة وثيقة مع أهل الإيمان , وارتباط دائم بهم , بيّن ذلك ما جاء في مواضع عدة في القرآن العظيم وفي سنة المصطفى الكريم عليه من ربه أفضل صلاة وأزكى تسليم , ومنها : –
أولاً : محبتهم للمؤمنين :
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا أحب الله عبداً نادى جبريل : إن الله يحب فلاناً فأحببه ، فيحبه جبريل . فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحبّ فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثمّ يوضع له القبول في الأرض ”
ثانياً : تسديدهم للمؤمن:
روى البخاري في صحيحه عن حسّان بن ثابت : ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له ، فقال: اللهمّ أيده بروح القدس ”
ثالثاً : صلاتهم على المؤمنين:
قال تعالى : ” هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا “ الأحزاب: 43 , وروى الترمذي في سننه عن أبي أمامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ” إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت ، ليصلون على معلم الناس الخير ” وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه ، تقول : اللهمّ اغفر له ، اللهم ارحمه , ما لم يحدث , وروى أبو داود عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ما من رجل يعود مريضاً ممسياً ، إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح ، وكان له خريف في الجنّة ، ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك ، يستغفرون له حتى يمسي ، وكان له خريف في الجنة ”
رابعاً : التأمين على دعاء المؤمنين :
روى مسلم في صحيحه وابن ماجة في سننه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه ملك ، كلما دعا له بخير قال الملك الموكل به : آمين ، ولك بمثل ”
خامساً : استغفارهم للمؤمنين:
قال تعالى : “ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ” الشورى: 5 , وقال تعالى : “ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ” غافر7-9
سادساً : شهودهم مجالس العلم , وحلق الذكر , وحفهم أهلها بأجنحتهم:
في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” إن لله ملائكة يطوفون في الطرق ، يلتمسون أهل الذكر ، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا : هلموا إلى حاجتكم “قال : فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا ” وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفّتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ” وفي سنن الترمذي عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع ” أي تتواضع له.
سابعاً : تسجيل الملائكة الذين يحضرون الجمعة :
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول ، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم ، وجلسوا يستمعون الذكر” متفق عليه
ثامناً : تعاقب الملائكة في المؤمنين :
ففي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ربهم ، وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون ”
تاسعاً : يبلّغون الرسول صلى الله عليه وسلم عن أمته السلام :
روى النسائي والدارمي عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام ”
عاشراً : تبشيرهم المؤمنين :
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إنّ رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى ، فأرصد الله له على مدرجته – طريقه – ملكاً ، فلما أتى عليه ، قال : أين تريد ؟ قال : أريد أخاً لي في هذه القرية ، قال : هل لك عليه من نعمة تربّها ؟ قال : لا ، غير أني أحببته في الله عزّ وجلّ ، قال : فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ”
الحادي عشر : يقاتلون مع المؤمنين ويثبتونهم في حروبهم :
قال تعالى ” إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ ” الأنفال: 9 , وقال تعالى ” وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ * بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ “ آل عمران: 123-125 وفي صحيح البخاري عن ابن عباس : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في يوم بدر : هذا جبريل آخذ برأس فرسه، عليه أداة حرب ”
الثاني عشر : شهود الملائكة لجنازة الصالحين من المؤمنين :
روى النسائي عن ابن عمر أنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم في سعد بن معاذ : ” هذا الذي تحرّك له العرش ، وفتحت له أبواب السماء ، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة ، لقد ضُمّ ضمة ، ثمّ فرّج عنه” .