عيد الحب على الطريقة السعودية
تاريخ النشر: 14/02/14 | 0:22في السعودية، يتبارى الأمير كما المواطن في نظم القصائد، ونشر الدواوين التي تتغزل بالحب، وتناجي الحبيب، لكن في نفس البلاد، تشن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حربا ضروسا ضد كل ما لونه أحمر… ورد أحمر، قميص أحمر، قبعة حمراء، بل حتى السيارات الحمراء يفضل أصحابها حجبها في هذا اليوم عن أعين المحتسبين.
فهل يعادي السعوديون الحب واقعا في حين يأملون أن يصيبهم بسهامه في قصائدهم الشعرية التي تقطر صبابة؟ وهل سيأتي يوم يشارك فيه السعوديون العالم في الاحتفال بعيد الحب؟ أم أن التوتر سيظل يتحكم في العلاقة بين المطالبين بالاحتفال بعيد الحب، والمناهضين له؟
يحل عيد الحب هذه السنة يوم الجمعة، اليوم الديني للمسلمين، واليوم الذي يتابع فيه الملايين خطبة الجمعة من مكة، ولا يعرف إن كان الخطيب سيتطرق فيها للحب في الإسلام، لكن الأكيد أن هيئة الأمر بالمعروف لا تنظر بعين الرضا لهذا العيد العالمي.
ففي كل سنة، وقبيل حلول عيد الحب يحظر على أصحاب المطاعم تخصيص عروض للاحتفال بهذا العيد، وتحذر أصحاب المتاجر من عرض أية بضاعة لونها أحمر، أو أي منتج يرمز للاحتفال بعيد الحب، بما فيها الورود الحمراء.
لكن في السنة الماضية استثنيت الورود الحمراء من مطاردة هيئة الأمر بالمعروف، إذ أصدر رئيسها في منطقة مكة الشيخ جابر الحكمي تعليماته بعدم استهداف الورود الحمراء التي تعرض في المتاجر، أو يحملها المواطنون، وهو القرار الذي أيده الشيخ علي محمد الحيان رئيس الهيئة في محافظة جدة حسب تصريحات صحافية قال فيها إن الحظر سيطال باقي رموز الاحتفال دون المساس بالورود الحمراء.
وكان الشيخ عبد العزيز المطلق وهو داعية وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية، قد أفتى بعدم جواز الاحتفال بعيد غير المسلمين، واعتبر أن المسلم هو من يحب "كل الوقت"، مؤكدا أن الحب من شعائر العبادة استنادا إلى الحديث النبوي "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
إلا أن خالد إبراهيم مساعد مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان يرى أن حظر الاحتفال بعيد الحب في السعودية هو ضرب لحق من حقوق الإنسان إذ يقول: "حرية التعبير وحرية التجمع من حقوق الإنسان التي يجب أن يتمتع بها المواطن السعودي بدوره وبشكل كامل وألا يتم انتهاكها من قبل السلطات".
ويضيف "الناس أحرار في عمل ما يعتقدون أنه يبعث السعادة في نفوسهم، وضمن حدود القوانين التي يجب أن تكون غير تعسفية ولا تصادر الحريات العامة للمواطنين".
يرى فائق منيف مؤلف كتاب "العاطلون عن الحب ينامون مبكرا" أن القبضة الحديدية لهيئة الأمر بالمعروف بدأت تتقلص، وأن الهيئة بدأت تعي ضرورة التأقلم مع واقع العالم.
ويقول منيف : "لقد أحسوا بدورهم بتغير المجتمع فأصبحوا يتجنبون ما فيه خلاف فقهي أو مجتمعي لذلك أعتقد أن الاحتفال الآن بعيد الحب أصبح أكثر وضوحا وظهورا مما كان عليه من قبل".
وعبر منيف عن أمله في أن تغير الهيئة الدينية بشكل جذري أسلوبها في التعاطي مع الاحتفال بعيد الحب، إذ يقول "الآن الهيئة لها رئيس جديد وتقوم ببعث محتسبيها إلى الخارج وتشجعهم على دراسة الإنكليزية وهو ما سيساعد في انفتاحهم على العالم بشكل جيد وسيساعد في الأخذ بالاستدلال بالعقل والنقل بدل الأخذ بالتشدد من باب سد الذرائع".
ودعا منيف الهيئة ورموز التيار السلفي في السعودية إلى تغيير الخطاب الديني، وفسر قائلا "لا أقصد تغيير الدين وإنما تغيير الخطاب وأن تكون هناك نظرة متصالحة مع الواقع ومستمدة من سماحة الإسلام".
وترى هناء الخمري وهي صحافية يمنية نشأت في السعودية وتقيم الآن في السويد، أن مواقف وأيدلوجيا الشرطة الدينية لا تمثل بالضرورة مواقف الشعب السعودي، وتقول : "التناقض الصارخ يكمن في أنه على الرغم من كل الآليات المؤسساتية التي تسعى للفصل بين الجنسين، يعرف الجميع حتى أولئك الذين ساهموا في تكريس الفصل أنك لا تستطيع أن تبني سياجا في قلوب الناس وتمنعهم من الحب. فالسؤال الباقي هو لماذا يرغب من هم في السلطة في خلق مجتمع متناقض؟”.
يقول فائق منيف إن تويتر أصبح واحدا من البدائل التي يلوذ بها المواطن السعودي للتغريد من أجل الحب، ويؤكد أن السعوديين في حاجة لهذا المتنفس من أجل إظهار مشاعرهم بعيدا عما وصفه بـ"الشحن الطائفي والسياسي"