الأديب الشاعر حنّا أبي حنّا في مركز أبحاث المثلث
تاريخ النشر: 06/03/17 | 6:54استضاف مركز أبحاث المثلث وجمعيّة الزّهراوي الشاعر الأديب حنّا أبو حنّا، “زيتونة فلسطين”، في كفر قرع في لقاء ضمن سلسلة المحاضرات للعام 2017. عُقد اللقاء مساء الخميس 23 شباط، 2017 وحضره نخبة من المثقفين والمهتمين بالشعر والأدب والتاريخ والثقافة عامة، من كفر قرع والمنطقة إجمالًا.
الدكتورة تغريد يحيى- يونس افتتحت اللقاء مرحبةً بالحضور، وقدّمت المحاضر الضيف معرّفةً به، وهو الغنيّ عن التعريف، منوّهة إلى أهميّة اللقاء به بصفته أحد شعراء الجيل الأول للمقاومة بعد النكبة، وبصفته أديبًا وباحثًا في الأدب. من ضمن إنتاجه الغني عرّفت بأبرز أعماله الشّعريّة ومؤلفاته الأدبيّة النثرية ودراساته الأدبيّة. وقد أشارت د. يحيى- يونس إلى ثلاثيّة سيرته الذاتيّة : “ظلّ الغيمة” (الصادرة عام1997 )، “مهر البومة” (الصادرة عام 2004) و “خميرة الرّماد” (2004). وفي التركيز على “ظلّ الغيمة” قالت: “تشتبك حياة الصبيّ “يحيى” في الكتاب، وهو حنّا أبي حنّا، بالرواية والتاريخ السّياسي والاجتماعي لشعبه وبلاده فلسطين، وتتشكل تجربتُه الفرديّة بكامل جوانبها على تفرّدها جرّاء اشتباكها بالتجربة والتاريخ والثقافة الجمعيّة لشعبه ووطنه. يقوم أبو حنّا من خلال شخصيّة “يحيى” على استرجاع الزمان والمكان الفلسطينييْن كما خبِرهما طفلَا وصبيّا وفتى وشابًا. في سيرته الذاتيّة يستحضر الفضاء الفلسطيني بمُدنه (أسدود – حيث تعلّم في الكتّاب) وقراه، المهدّمة والمهجّرة منها والناجية، ويستحضر الشوارع والساحات والأسواق والمعالم الأخرى، كلّها بأسمائها العربية الفلسطينية, تلك الحاضرة وتلك المستأنسة بالمستقبل -“جامع الاستقلال”، وإن تمخّض التاريخ دون ذلك وَحْشَة. وهو يورد قصص ناسها وشخوصِها التي حضرت في الحياة الشخصيّة يحيى (حنّا) وفي المشهدين والحراكين السّياسي والثقافي لفلسطين, ويأتي على الأحداث التاريخيّة السياسيّة المفصليّة (ثورة 1936- 1939) والمناخيّة (سنة الثلجة) والجيولوجية (سنة الزلزلة 1927). وللطير والحيوان والنبات والجماد في ذلك نصيب. يقف على الحياة والعلاقات الاجتماعية ونماذج الناس ويستذكر التقاليد والعادات الشعبية (الضيافة لسبع ليال مثلًا)، والعقائد الشعبيّة (تغيير اسم المولود، كرامات الأولياء)، ويشهد المشاهد الحياتية اليوميّة والموسميّة، والطقوس والمراسم المختلفة (استقبال المولود/ة)، ويعرّف على المهن والحرف (القابلة/الدّاية, “مطهر لولاد” والدلّال، والتطريز الفلسطيني)، وعلى ألعاب الأطفال، وكيفيّة قضاء أوقات الفراغ لدى الكبار من الرجال. وللمرأة في سيرته مكان ومكانة (الأم والجّارة والشخصيّات النسائية الأخرى)، وله فيها رأي تقدّميّ بامتياز، كما في قضايا ومواقف أخرى، جاهر به ومارسه”. وجاء في تقديمها أنّ : “العالم العربي يرتسم في “ظلّ الغيمة” امتدادًا متواصلا جغرافيًّا وثقافيًّا، تربط المواصلات العامة من حافلات وقطارات بين أجزائه، ويتنقل أناسه بين أقطاره على نحوٍ طبيعيّ”.
وخلصت إلى أنه: “بقراءتنا له، يوصلنا أبو حنّا بكل هذا وأكثر مشفوعًا بجماليّة لغويّة وأدبيّة وملكة كتابة رشيقة إنسيابيّة وأسلوبيّة مشوّقة. ونظرًا لكلّ هذا، برأيي، ترتقي سيرته الذاتيّة تحديدًا في “ظلّ الغيمة” لتندرج عربيًّا في مصاف “الأيام” لطه حسين، وفلسطينيًّا في مصاف “رحلة جبليّة رحلة صعبة” لفدوى طوقان”.
في محاضرته تحت العنوان “في أدب السّيرة الذاتيّة: “ظلّ الغيمة نموذجًا” تناول الأديب حنّا أبي حنّا حيثيّات ومواقف وثيمات وقضايا منتقاة من هذا الجزء من سيرته الذاتيّة، منوّهًا لسياقاتها ودلالاتها وأهميتها، ومن أبرزها التكامل والالتحام بين أطياف الشعب الفلسطيني تاريخيا واجتماعيا وثقافيا، كما شهدت تجربته والينابيع المعرفيّة واللغوية والثقافية التي نهل منها في الكُتّاب في أسدود، والقرآن الكريم أوّلها، والإنجيل والنصوص الدينيّة المختلفة الأخرى، والفكر الوطني، مذكّرًا بضرورة الإبقاء على نموذج التكامل والالتحام هذا. وقد ركّز الأديب حنا أبي حنّا على ضرورة الانكشاف على اللّغة العربية منذ الصغر ومعرفة أصولها، ودراستها، والتمسّك بها، وعلى ضرورة المطالعة كآلية لذلك ولبلوغ التماهي مع لغتنا العربية وهويتنا.
وبرّوح هذه التوصية، اهتم بتلقي أسئلة الحضور التي تتحاور مع الكتاب في محور اللقاء، وطرح بنفسه تساؤلات أمامهم تمدّ جسور الحوار باتجاهين، كما يُلزم تعريف الحوار الحق، غيرَ مفصحٍ عن المعاني التي رمى إليها في المواضع المختلفة، مُبديًا انفتاحًا وقبولًا لمختلف تحليلات وآراء القراء، معبرًا عن تشوّقه لمعرفة ذلك، معتبراً أن من شأن اجتهادات القراء والمحللين أن تغني النّصّ الأدبي. وقد أفضى اللقاء إلى نقاش أشمل في اللغة العربية في سياق الأقليّة الفلسطينية في دولة إسرائيل والهوية والمعرفة والعولمة، عبّر فيه الحضور النوعيّ عن اهتماماته وهمومه بهذه الموضوعات وبموضوعات تتصل بها.
اتّسم اللقاء بشيء من الحميميّة مردها عفويّة الضيف وتفاعله مع الحضور والحنينّة (النوستالجيا) التي خيّمت على الأجواء. وفي ذات العفوية تمنّى عليه الدكتور محمود أبو فنة من بين الحضور، أن يكون مسك الختام شعرًا. من باقة كبيرة من دواوينه وكتبه ودراساته التي أحضرها معه مشكورًا هدية لمركز أبحاث المثلث- جمعية الزهراوي اختار أبو حنا بالتلقائية والحنين ذاتهما قصيدتين. إحداهما “عنوان القصيدة” قصيدة في صديق متميز من مرحلة شبابهما ارتبطت سيرته هو الآخر بسيرة شعبه ووطنه فهُجّر جرّاء النكبة من مجيدل واستقر في سوريا وانقطعت أخباره. والقصيدة تخلّد ذكرى الصديق بعد أن تلقى أبو حنّا خبر وفاته حين بحث عنه خلال زيارته هناك.
اختتم اللقاء بالامتنان والتقدير لحضور الأديب حنّا أبي حنّا ولقيمة إسهامه للحراك الثقافيّ والأدبيّ في الداخل وبعامة، وبالتمنّيات له بطول البقاء ودوام العطاء.
في لفتة طيّبة قدّم الأستاذ منصور عثامنة للأديب حنّا أبي حنّا ألبوم صور وصورة بالبازل من إعداد طلاب
شاركوا في مسيرة الكتاب التي يركّزها.
وفي هذه الفرصة، ألفت إلى الفعاليات الثقافيّة في مركز أبحاث المثلث وأدعو كم إلى متابعتها والمشاركة فيها، حيث يمكنكم معرفة موضوعاتها ومواعيدها المحددة في الإعلانات حول ذلك في صفحة المركز في فيسبوك.
الدكتورة تغريد يحيى-يونس
زميلة بحث – مركز أبحاث المثلث
شكرا جزيلا.