الأخ أبوجهاد العالول، بين الفكر الثوري وقيادة الجماهير
تاريخ النشر: 07/03/17 | 18:50القيادي الفاعل هو الذي يصنع لنفسه سيرة ذاتية خاصة به، وليس بالضرورة أن يتشابه مع من حوله في تفاصيلها، وان كانت لا تخلو من مشتركات مع الكل، ومن بين هؤلاء القادة، الأخ محمود العالول “أبوجهاد” صاحب البصمة العسكرية والثورية والسياسية والتنظيمية في تاريخ الثورة الفلسطينية ومؤسسات السلطة الوطنية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، وبعد انتخابه عضوا في اللجنة المركزية للحركة في المؤتمر السابع نوفمبر 2016، انتخبت اللجنة المركزية نائبا لرئيس الحركة، وذلك بتاريخ 15 فبراير/شباط 2017 .
أبوجهاد هو القائد النموذج في مدرسة فتح، ومن مؤسسي المقاومة الشعبية الفلسطينية، يفترش الأرض ويزرع الأشجار ويقيم الخيام ويصمد طيلة الليل، في مواجهة قنابل المحتل ورصاصه وعنجهية الجنود، ويعتبر نموذجا للقيادة التي تتطلع لتفعيل طبيعة العلاقة بين القيادة والشعب، ونجده دائما مبادرا وصانعا للفكرة، فيعمل على تشكيل اللجان الفاعلة، ورسم السياسات، ومؤمنا بأن الشعب الفلسطيني جاهز لأي تضحية من أجل القدس وتراب فلسطين، وكما أن أن المقاومة بكل الوسائل حق مشروع للشعب الفلسطيني بحسب ما يضمنه القانون الدولي .
ولأننا لازلنا تحت الاحتلال، ولأن واقعنا مقسم بين الاعتقال والاستشهاد والصمود والنضال والحراك السياسي، فإن حياته مع الجماهير لا تخضع لحسابات ضيقة أو مواقع معينة، فمن تعامل معه عن قُرب يعرف أن علاقاته المباشرة يغلب عليها الطابع الأسري والتشاركي، فالاحترام والمحبة تلمسه من لحظة الدخول لمكتبه للمرة الأولى أو الالتحام معه في قرى المقاومة الشعبية او في المسيرات الميدانية أو في المهرجانات الوطنية.
ومن تاريخه الثوري والعسكري، توليه قيادة “الوحدة الخاصة” التي أسرت عام 1983 ثمانية جنود إسرائيليين، شكلوا ورقة رابحة لفتح أبان معركة الصمود في بيروت 1982، وتبعا لها تم اطلاق سراح الالاف من المعتقلين العرب والفلسطينين من المعتقلات الصهيونية، وبذلك شكل أبوجهاد الذراع العسكري القوي في حركة فتح ومسيرة النضال الفلسطيني، واستمر في نهجه الذي انتقل الى اسرته، وقد استشهد ابنه الأكبر جهاد، في 1/10/2000، بعد ان استهدفه جنود الاحتلال المجرم، وكان يومها الأخ أبوجهاد محافظا لمحافظة نابلس، وقال يومها “إبني جهاد واحدا من أبناء شعبنا، ونحن لن نساوم على الوطن، وسنقدم العالي والنفيس أرواحا وتضحيات حتى زوال الاحتلال.”
وبالعودة الى تصريحه الأخير الذي يتناول فيه بشفافية وصدق التوجه، علاقة القيادة مع الشعب، فإن محاولات البعض “بتحريف الكلام”، فهذا مرفوض وغير مقبول، ومستهجن، ونحن نعلم أن من اعتاد أن يجلد الذات أو يسجل انطباعات لا اساس لها، ويعتبرها من المسلمات، فهو مخطئ، فحديث أبوجهاد جاء من باب أهمية بذل المزيد من الجهد لتعزيز المسيرة الوطنية، والتعامل مع الهموم والاحتياجات والقضايا الوطنية والاجتماعية والانسانية بكل مسؤولية وشفافية، ولذا فما طرحه الأخ أبوجهاد هو دعوة للجميع، لنستشعر الأمانة الملقاة على عواتقنا جميعا تجاه وطننا الغالي وأن نتحمل المسؤولية ــ كل من موقعه وفي مجاله ــ ونسهم بالعمل الجاد والتفاني في أداء الواجب، فالأوطان لا تتقدم ولا تزدهر ولا تنتزع تحررها، وتحمي مكتسباتها إلا بوحدة الصف بين الشعب والقيادة، فالوطن والمواطن في قيم الأخ أبو جهاد، هما القامة الشامخة التي يجب أن تبقى عالية، وهما الأمن والأمان والاستقرار والمضي قدما في تحقيق أهدافنا وتطلعاتنا.
وعلى الصعيد الداخلي فإن الوحدة الوطنية في نهج نائب رئيس حركة فتح هي صمام الأمان والركيزة الأساسية لكل الوطن ولقضاياه وصموده، فهو ينادي دوما بإنهاء الانقسام ويركز جلَّ جهده لتحقيق المصالحة الوطنية.
د.مازن صافي / كاتب ومحلل سياسي – فلسطين