ملاحظات عن (كاد)
تاريخ النشر: 18/03/17 | 2:31هل يصح القول:
يكاد اللاعب أن يفوز
عمد بعض اللغويين إلى تخطئة إدخال (أن) حرف النصب المصدري بعد (كاد)، والصواب في رأيهم أن نقول: يكاد اللاعب يفوز، ودليلهم في ذلك قوله تعالى:
{يكاد زيتها يضيء}- النور، 35.
{إن الساعة آتية أكاد أخفيها}- طه، 15
(انظر مثلاً: زهدي جار الله: الكتابة الصحيحة، ص 307)
ويستشهد جار الله بالشعر على نحو:
وأسقيه حتى كاد مما أبثّه *** تجاوبني أحجاره وملاعبهْ
وثمة مئات من الأبيات مما يدعم حُجّته كما رأيتُ.
لكنا إزاء كثرة كثيرة أخرى من نماذج ترد فيها (أن) قبل الفعل، ولا نستطيع أن نلغيها، ففي الحديث الشريف:
“ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت أن تغرب الشمس”- صحيح مسلم، رقم 631.
وقول الشاعر:
كادت النفس أن تفيض (تفيظ) عليه *** إذ ثوى (غدا) حشوَ رَيطةٍ وبُرودِ
رؤبة:
رَبع عفاه الدهر طولاً فامّحى *** قد كاد من طول البِلى أن يَمحَصا
(أي أن يدرس)
في تصفحي ديوان ابن الرومي حصرًا وجدت كذلك:
إن هذا من الأمور لأمر *** كاد أن لا يقوم في الأوهام
بل كاد من فرط الحميّة أن يرى *** فيما تقلّد رأي معتزلي
لما أتاني نعيُه بغتة *** كاد حجابُ القلب أن ينهتكْ
أخلص إلى القول بجواز استخدام (أن) أو حذفها، وعلى ذلك نهج علي الجارم ومصطفى أمين في كتاب (النحو الواضح) في موضوع “أفعال المقاربة” ج1 للثانوية، فورد في الكتاب:
“وقد يقترن بها على قلة”.
مسألة أخرى:
هل يصح القول:
يكاد لا يفوز؟
الأصوب هو استخدام النفي قبل الفعل، فنقول:
لا يكاد يفوز، ولا نكاد ندرك أهمية الموضوع.
هذا هو الأفصح، والأدق لغويًا، وفي القرآن جميع النماذج هي كذلك:
{ولا يكاد يُبين}- الزخرف، 52
{وجد من دونهما قومًا لا يكادون يفقهون قولا}- الكهف، 93.
{فمالِ هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثًا} – النساء، 78.
إذن فالنفي يدخل على فعل المقاربة (كاد)، فنحن لا ننفي الفعل أصلاً.
قلت هو الأفصح، لأن كتب اللغة واستخدامات (لا يكاد) هي التي نجدها بدءًا من الشعر الجاهلي فالقرآن، ثم الشعر في العصور الأولى.
ومع ذلك وجدت بعض النماذج النادرة نسبيًا، وفيها- (يكاد لا …)،
وأرى ألا نعمد إلى ذلك، بسبب لزوم المنطق في المعنى، ففي قولي:
“لا أكاد أفهم المسألة” فالتركيز على أنني لا أكاد، وتبقى مسألة الفهم حيادية موضوع الحديث،
بينما في قولي: “أكاد لا أفهم المسألة” يكون التركيز في النفي على عدم الفهم.
ب.فاروق مواسي