الدكتوراة الفخرية تجارة وهمية
تاريخ النشر: 14/03/17 | 16:30حقيقة امتنعت سابقًا عن الكتابة عن ظاهرة من ظواهر المسخرة التي بدأت تغزو الساحة الأدبية المحلية، وحولتها لمهزلة الآ وهي منح لقب الدكتوراة الفخرية من مؤسسات وجامعات أجنبية، ولا أنكر أن هناك شخصيات تستحق وبجدارة، ولكن حين يرفق اسمهم بآخرين مٌنحوا هذه الشهادات زورًا وبهتانًا، يقلل هذا من مقامهم ومكانتهم التي بنوها بجهدهم على الساحة الأدبية المحلية والعربية ايضًا.
ذكرتني هذه المأساة المجتمعية بمأساة المسرحية السنوية المسماة اختيار شخصية العام، وحقًا لم أكن أرغب بالكتابة عن هذه الظاهرة المبكية المضحكة في الوقت ذاته، ليس خشية من أحد وانما احترامًا لبعض الشخصيات التي أجلّها واقدرها، وكنت أرى فيها نقطة الضوء والامل في خضم الظلام الذي يطغى على المشهد الأدبي المحلي، ولكن ما دفعني للكتابة وأثار حفيظتي مؤخرًا اقدام البعض على إستهبال الجمهور حيث تعدّت وقاحتهم كل حدود منطق التعامل الاخلاقي، وبداوا باطلاق لقب دكتور على هؤلاء وبدون رادع أو خجل وأمام الملأ وامام الشخصيات الاعتبارية والتي وللأسف الشديد لم تحرك ساكنًا ولم تحتج على هذا التجاوز اللا مسبوق.
وبما أن القلم الحر هو امانة في يد حامله، رأيت بهذا التصرف خروجًا على الذوق الرفيع والأمانة المجتمعية، وقمة الاستهتار بالجمهور أولًا، وبفئة الأكاديميين في مجتمعنا الذين كدوا وتعبوا على مدار ست سنوات تقريبًا وانفقوا من اجل التتويج بهذا اللقب مئات آلاف الشواقل، وحصدوا ثمار جهدهم بجدارة واستحقاق..
ولكن بلغ السيل الزبى، ولم يعد للتجاهل متسعًا سيما واننا ان أردنا بناء مجتمعًا سليمًا ومحصنًا علينا أن نبادر الآن وليس غدًا لوُضع حدًا لهذه المهازل التي اخذت تنتشر في مجتمعنا، وعليه ومن منطلق المسؤولية الكبيرة والثقيلة التي نحملها تجاه مجتمعنا، لا بد أن نخرج بحملة تعرية وكشف كل هذه الالاعيب ومقاطعة تجارها وفضحهم أمام القوم، وان نوقف هؤلاء اللاعبين بمشاعر اللاهثين وراء الشهادات والألقاب الوهمية والمساهمة بالتصدي لتردي الحركة الأدبية المحلية المستمر بسبب هؤلاء الدخلاء..
كنت ومنذ الصغر اعرف ان الدكتور الحقيقي يحظى بالهيبة والوقار وينحني له المجتمع احترامًا ولكن كم احزنني الحال الذي وصلنا إليه حيث تسمع أن فلانًا أو فلانة قد ارفق لاسمه لقب دكتور، وكل هذا على مرآى ومسمع الكثير من حملة هذا اللقب الحقيقيين الذين اشتعل رأسهم شيبًا في سبيل تحقيق ذلك على مدار نحو ست سنوات بينما يبرز أحدهم حاملًا هذا اللقب الفخري بدون تكاليف وربما في وقت لا يتجاوز مسافة الطريق ما بين ام الفحم وحيفا..
وإذا كان هذا وضع ادبنا المحلي فأقول وبلا تردد تبًا لهكذا أدب، وطز بهيك لقب..
ويا أمة ضحكت من جهلها الأمم..!
سعيد بدران