مجرمي أفريقيا ومجرمي العرب الكلمة الفصل
تاريخ النشر: 18/02/14 | 23:50على ضوء ما يصلنا من أنباء متسلسلة وسيل من الصور المفزعة للجرائم الوحشية التي تُرتكب على أيدي مليشيات مجرمة ضد المسلمين في أفريقيا الوسطى تذكرنا بما حصل مؤخراً (ولا يزال يحدث) للمسلمين في بورما (ما تعرف بميانمار)، لنقول أن العالم الذي وقف متفرجاً آنذاك لا يزال صامتاً يتفرج الآن، ولعلها ليست صدفة وليست قلة حيلة للعالم إزاء ما يحدث بقدر ما هو إسترخاص وإستباحة للدم المسلم في كل مكان، لأسباب نفهمها جيداً وأهمها: أن الإعتداء على الدم المسلم لا يكلف المعتدي أي شيء، لا على المستوى العسكري ولا على المستوى السياسي ولا حتى على المستوى القانوني، فكل من يستبيح دماً مسلماً ينجو بفعلته دون أي أدنى عقاب يردع كل مجرم يفكر في فعل الشيء نفسه. حتى بلغ الدم المسلم من الهوان الذي جرأ عليه حتى رعاع القوم في أفريقيا حتى بتنا نخشى العدوان من دول لم نسمع بها من قبل ولا نستطيع أن نجدها على الخارطة لهامشيتها على طاولة السياسة، الحضارة والإقتصاد العالمي، فيا ويلتنا، ما الذي يجبر أمة يقارب تعدادها ملياري مسلم، وتبلغ مساحة أراضيها من مشارق الأرض حتى مغاربها، على تجرع هذا الذل والهوان؟ كيف تقبل هذه الأمة أن يقتل أبنائها ويعتدى على حرماتها وهي إما عاجزة كسيرة وإما لاهية منغمسة في الملهيات والملذات غافلة عن أن ما يصيب هؤلاء ليس ببعيد أن أي دول من دولهم، فجزارينا كُثر، إما منا وإما من أعدائنا، وهم لا يتوقفون عن سن سكاكينهم وتحضيرها للحظة قد يضطرون فيها لمواجهتنا والإنقضاض حينما تلوح لهم الفرصة السانحة.
وفي هذا المقام لا ننسى أن نقول أن إستخفافنا بدماء أنفسنا شجع الأعداء على التطاول عليها (على دمائنا) وعلى إستباحتها، فهذا الإفريقي الذي ترعرع في الأدغال يمارس تصرفات الوحوش التي عاش معها في حين أن هذه الوحوش تورعت عن إفتراسه عندما كان طفلاً في حينه لتعففها عن إرتكاب جريمة بهذا الحجم لما لهذه الوحوش من من قيم (حيوانية) تمنعها من هذا الإنحطاط، فيما لا يتورع هذا "الإنسان" عن القيام بممارسات تستنكرها الحيوانات ولا تقبل بها. لذا، عدا عن الحاجة لأن تقف الأمة مع نفسها وتتضامن مع جرحها في كل مكان علينا أن لا ننسى أيضاً بأننا مطالبون نحن كمسلمين أن نكف أيدينا وبأسنا عن بعضنا البعض، فكفى للمجازر التي ترتكب بحق من تبقى من الشعب السوري المظلوم، كفى تطاولاً على الدم المصري تحت غطاء "حماية الديمقراطية" تارة والتحريض على الدم الفلسطيني وإستباحته من طرف ثلة إختطفت الإرادة الشعبية المصرية لتمكن لأنفسها وتطلق لنفسها العنان في إستئصال الحلم الإسلامي سواء على الصعيد الداخلي (المصري) أو على صعيد التضييق على أهل غزة المحاصرين من الجهات الأربع بلا ذنب إقترفوه سوى أن بعض المجرمين الذين يعملون بثمن رخيص (وربما بلا ثمن) لصالح الإستكبار العالمي الذي يريد أن تبقى هذه الأمة مشتبكة مع نفسها ومع الآخرين وأن تبقى مخضبة بدمائها لكي لا تقوى على المواجهة والمطالبة بحقوقها المشروعة، كفى تحريضاً على الدم اليمني الطاهر تحت مسميات طائفية أهدافها لا تعدو عن مكاسب فئوية دنيوية رخيصة، وآن الآوان أن تفهم كل دول النفط ودول أصحاب الكروش المتضخمة بأموال البترول وثروات الشعوب والأمة الإسلامية أن ضخ الأموال لتحريض الناس على الإقتتال وتدمير دولهم ومقدرات دولهم لن يحمي عروشهم، ولن يؤخر في نهايتهم المحتومة حينا تدق ساعة الحقيقة، عليهم أن يفهموا جيداً أن إعلامهم وأموالهم وكل أدوات التجميل التي يستعملونها في محاولة تجميل الباطل لن يجدي نفعاً، وأن كل محاولات تبرير أفعالهم بالدفاع عن الإسلام والعقيدة هي محض أكاذيب مفضوحة ومدحوضة، فكل من قتل مسلماً بريئاً أو مول قتله وساعد عليه في أفريقيا الوسطى أو في بورما أو في سوريا سيان في ميزان الله، كلهم مجرمون، كلهم سفاكي دماء تمردوا على شرع الله ودينه، وحُق عليهم أن ينالوا الخزي في الدنيا والآخرة، سيان، لا فرق بينهم.
إن جزاري الشعوب أينما كانوا لن يستطيعوا النأي بأنفسهم حينما يستيقظ الضمير الإسلامي الحقيقي الذي حالياً يرى ويسمع ويحفظ، وحتماً ستكون هناك جردة حساب معهم كلهم، عربهم وعجمهم، مسلمهم وكافرهم، سيقام ميزان العدل على جماجمهم، وسيُسقوا من ذات الكأس التي جرعوها للمستضعفين، للأطفال، للنساء، للرجال، للأرامل، للثكالى، للمسفوحة دمائهم بلا ذنب إرتكبوه، لن تمروا بلا عقاب، ليس فقط لأننا نرى أن الشعوب لن تصبر كثيراً على هذا الظلم، بل لأننا على يقين أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى لنفسه أن ينجو أمثال هؤلاء بأفعالهم دون أن يبطش بهم فيجعلهم عبرة جديدة للأجيال القادمة، وهذه اللحظة تكاد تحين، ولن يطول إنتظارها، هذا ظننا بالله رب العالمين، وحسبنا.
نقطة. ولم ينتهي الأمر بعد، بل هي البداية، وللحديث في الأيام القادمة بقية بإذن الله، الكلمة الأخيرة في هذا الصراع دائما لله، وقد قيلت هذه الكلمة منذ الأزل. لا نزيد.