قطّاع طريق النصيحة
تاريخ النشر: 25/03/17 | 0:05النصيحة بها صَلاح الدين والدنيا ؛ لأنَّه بها ينشآن ابتِداءً، وبها يُقَوَّمان إن اختَلاَّ؛ فهي عين الدين والدنيا الحارِسة؛ ولذا قال المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الدين النصيحة))[رواه مسلم55]؛ يعني: جِماعه وأصله وفرعه.
هي العِبادة التي يَتعدَّى نفْع صاحِبها إلى غيره، وتَرجِع بالأجر عليه ما بلَغت المراد، ويعظم الأجرُ ما امتَثَل المنصوح لها وانقاد، وهي الجِهاد الأكبر الذي تقاتل فيه النفوس العواصي، وتضرب بها رؤوس الشهوات التي هي أمنع من معاقد الرؤوس، وبها تنزل أمداد النِّعَم، كما تنزل أمداد النصر.
ولو كان مع صحَّة النصيحة سلامةُ طريقها، وعدم اغتِيالها دون وصولها إلى أذن صاحبها، لحصل مقصود الناصح في المنصوح، ولصلَحت البشرية وامتَنَع الفساد.
ولكنَّ الكلام يُظْلَم، كما تُظلَم النفوس؛ بل أشد، وكما أنه لِطُرُق الناس وأموالهم قُطَّاع، فللنصيحة قُطَّاع طريق يعتَرِضون طريقَها، ويمنَعون خيرَها، وهم العقبة الكُبرَى في تخلُّف المصالح أن تتمَّ أو تثبت، وكثيرٌ من الناس إنما يُقلِع عن زلَّتِه حياءً ألاَّ يجد مُوافِقًا إن أقام عليها، مع حبِّه لها، وتمنِّيه العودة إليها، فإن وجد مَن يُفسِد على الناصح نُصْحَه، فهذه نعمة النفس التي جاءت بلا مقدار.