العفو الدولية:الولايات المتحدة تنتهك حقوق الإنسان
تاريخ النشر: 29/03/17 | 0:00قالت منظمة العفو الدولية إن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة تؤججان الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، التي تسببت بمعاناة مدمرة للمدنيين من خلال عمليات نقل للأسلحة بمليارات الدولارات إلى المملكة العربية السعودية، وتطمس، إلى حد كبير، كل أثر لجهودهما الإنسانية لمواجهة الأزمة.
فمنذ بدء النزاع قبل سنتين، في مارس/آذار 2015، ورّدت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، مجتمعتين، أسلحة تزيد قيمتها على 5 مليارات دولار أمريكي إلى السعودية، التي تقود التحالف العسكري في اليمن. وهذا يزيد بأكثر من 10 أضعاف عن التقديرات لما أنفقته وزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ووزارة التنمية الدولية البريطانية، أو خصصتاه في موازنتيهما، كمساعدات إلى اليمن على مدار السنتين الفائتتين، البالغة قيمتها 450 مليون دولار أمريكي.
وفي هذا السياق، أكدت لين معلوف، مديرة البحوث بالمكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت، أن “سنتين من النزاع قد أجبرتا ثلاثة ملايين شخص على الفرار من ديارهم، ومزقتا حياة آلاف المدنيين، وتركتا اليمن فريسة لكارثة إنسانية يحتاج ما يربو على 18 مليون يمني معها بصورة ماسة إلى المعونات. ومع ذلك، وبالرغم من المساعدات الدولية التي قدمت إلى البلاد بملايين الدولارات، فإن العديد من الدول قد أسهمت في معاناة الشعب اليمني بمواصلة توريد أسلحة بمليارات الدولارات”.
وأضافت قولها: “لقد استُخدمت الأسلحة، التي قدمتها فيما مضى، دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في ارتكاب انتهاكات جسيمة، وساعدت على اندلاع كارثة إنسانية في البلاد. كما واصلت هذه الحكومات منح رخص لعمليات نقل جديدة للأسلحة في الوقت الذي كانت خلاله تقدم المعونات للتخفيف من الأزمة نفسها التي أسهمت في خلقها. وما برح المدنيون اليمنيون يدفعون ثمن صفقات الأسلحة هذه، التي تفضح مدى نفاق الدول من خلال هذه الصفقات”.
إن على المجتمع الدولي التحرك فوراً لفرض حظر على تصدير الأسلحة، ومباشرة تحقيق دولي ذي مصداقية في الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع.
ومضت لين معلوف إلى القول: “يتعين على جميع الدول، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، أن توقف على الفور تدفق أي نوع من الأسلحة يمكن أن يستخدم في ارتكاب جرائم الحرب، أو سواها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني، في اليمن”.
فالمملكة المتحدة، الدولة الطرف في “معاهدة تجارة الأسلحة”، والولايات المتحدة الأمريكية، التي انضمت إلى المعاهدة، تقوِّضان، بمواصلتهما تزويد السعودية وشركائها في التحالف بالأسلحة لاستعمالها في اليمن، روح هذه المعاهدة.
أزمة إنسانية
يعتمد ما يقدّر بنحو 18.8 مليون شخص في اليمن على المساعدات الإنسانية، وهم بحاجة ماسة إلى الطعام والماء والوقود والمأوى للبقاء على قيد الحياة. وقد حذرت الأمم المتحدة من أن سوء التغذية قد وصل حداً من التفاقم بحيث غدت البلاد على حافة المجاعة.
وقد لقي ما لا يقل عن 4,600 مدني مصرعهم وجرح ما يربو على 8,000 غيرهم منذ بدء التحالف الذي تقوده السعودية قصفه الجوي في اليمن، في مارس/آذار 2015، الذي اندلع بعده نزاع مسلح شامل في البلاد.
الانتهاكات على أيدي جميع أطراف النزاع
وثّقت منظمة العفو الدولية، على مدار السنتين الفائتتين، طيفاً واسعاً من الانتهاكات للقانون الدولي ارتكبته جميع أطراف النزاع، ووصل في بعض الحالات إلى مستوى جرائم الحرب. فقد شن التحالف الذي تقوده السعودية عمليات قصف جوية بلا هوادة، أدت إلى مقتل وإصابة مدنيين، وتدمير المنازل والممتلكات والبنية التحتية، جراء هجمات عشوائية وأخرى استهدفت الأعيان المدنية.
كما وثَّقت المنظمة، خلال بعثات بحثية قامت بها إلى اليمن، ما لا يقل عن 34 ضربة جوية قامت بها طائرات التحالف الذي تقوده السعودية، وانتهكت فيها على نحو باد للعيان القانون الدولي الإنساني، فأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 494 مدنياً، بمن فيهم 148 طفلاً، على مساحة ست محافظات (صنعاء وصعدة وحجة والحديدة وتعز ولحج). واستعملت في بعض عمليات القصف الجوي هذه أسلحة من صنع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.
واستعمل أعضاء التحالف في هذه الهجمات كذلك ذخائر عنقودية محرمة دولياً-من صنع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والبرازيل-شملت محافظات صعدة وحجة وصنعاء. ووثّقت منظمة العفو حالات كان بين من قُتل فيها من المدنيين وبترت أطرافهم أطفال تفجرت بهم ذخائر صغيرة غير منفجرة خلفتها وراءها الهجمات التي استخدمت فيها هذه الأسلحة العشوائية بطبيعتها.
كما قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق 30 هجوماً عشوائياً شنته القوات الموالية للحوثيين والقوات المناهضة لهم، واستخدمت فيها نيران المدفعية أو الهاونات أو الصواريخ في كل من عدن وتعز، جنوب البلاد، وأدت إلى مقتل 68 مدنياً.
وقامت القوات المعارضة للحوثيين في تعز كذلك بمضايقة العاملين في الخدمات الطبية وتهديدهم، فأغلقت مستشفيات وعرّضت المدنيين للمخاطر بوضع قوات ومواقع عسكرية لها بالقرب من المرافق الطبية.
وقصفت جماعة الحوثيين المسلحة وحلفاؤها بصورة عشوائية مناطق مدنية في مدينة تعز، وأطلقت نيران مدفعيتها بصورة عشوائية عبر الحدود مع المملكة العربية السعودية، فقتلت وجرحت مدنيين. كما جمعت منظمة العفو الدولية أدلة تشير إلى أن جماعة الحوثيين المسلحة قد جنّدت أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 15 سنة في صفوفها كجنود أطفال، على خطوط التماس.
وفضلاً عن ذلك، شنت سلطات الحوثيين حملة قمعية ضد حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وبدعم من قوات الأمن، قامت بعمليات اعتقال تعسفي واختفاء قسري وتعذيب، وأغلقت مقار منظمات غير حكومية. وقبضت تعسفاً ودون وجه حق على منتقدين ومعارضين لها بينهم صحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، وأخضعت بعضهم للاختفاء القسري أو للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الحجز.