أم الفحم تنزف
تاريخ النشر: 28/03/17 | 16:32ارتفاع وتيرة اعمال العنف التي تعصف بمدينة أم الفحم مؤخرًا ما هي الآ دليل قاطع على دخول المجتمع الفحماوي في أزمة اجتماعية جعلت المواطن يعيش في دوامة وحالة من القلق المتزايد، والخشية من الآتي نتيجة إنعدام الأمن والأمان.
ما يحدث في ام الفحم هو حالة جديدة لم تعهدها المدينة سابقًا، حالة من الصدمة النفسية التي تفاقمت نتيجة ضربات مفاجئة ومؤلمة لم تعتاد عليها،ولا تميز تاريخها الناصع الذي بُنيّ وأسس على متانة النسيج المجتمعي ووحدة المصير المشترك.
الانهيار المجتمعي الذي تشهده المدينة في الوقت الحالي خطيرًا، وهو ليس وليد الصدفة فقد دُبر للمدينة في دهاليز مظلمة بهدوء وتخطيط عميق ومدروس بدقة وإتقان. مخطط خبيث أفرغ المدينة من أولي الأمر فيها الذين حافظوا على نسيجها المجتمعي على مدار عشرات السنين بحكمتهم وقوة تدبيرهم وإصلاح ذات البين قبل حلول الليل، وكما يقال بالعامية ” بيجبروها قبل ما تنكسر”، والويل ثم الويل لمن تسول له نفسه بالخروج عن مسار قومه، ولكن ما حدث في العقدين الأخيرين أن تبدلت الأحوال، وغزّت المدينة ظواهر وآفات من انتشار المخدرات والسلاح غير المرخص، والأهم انعدام التسامح، وسيطرة الشباب على الشارع، مما جعل الرصاص والأنفراد باتخاء القرار سيدًا للموقف وبديلًا لحكمة الكبار وفنجان القهوة الفحماوي الذي ميز “الصلحة الفحماوية”، ففي الوقت الذي كانت لا تغمض فيه عيون الكبار حتى إصلاح ذات البين، لا تجد اليوم تقريبًا من يحارب على ارض الواقع وبشكل فعلي وصادق لفض اي خلاف أو نزاع وأصبحنا نكتفي بشعارات وكلمات الاستنكار والنحيب على مصير البلد من على صفحات التواصل الاجتماعي، وتوجيه الاتهامات بالتقصير للشرطة والسلطة المحلية.
نعم الشرطة تتحمل مسؤولية كبيرة بحالة الفوضى في البلد وانعدام الأمن والأمان للمواطن، وتقصيرها واضح جدًا وهنا يأتي دور السلطة المحلية التي يتوجب عليها وضع هذا الموضوع على رأس سلم الاولويات والانطلاق بحملة واسعة النطاق والضغط بكثافة واستمرارية على الشرطة ووزارة الأمن الداخلي بواسطة وسائل ديموقراطية وحراك شعبي، ولا ضير من استغلال موقع ابن ام الفحم عضو الكنيست يوسف جبارين، للمساعدة والتوجيه بهذا الشأن، وطرح قضية فوضى السلاح وسلامة المواطن للبحث والنقاش في أروقة الكنيست ايضاً. ولكن المسؤول الأول والأخير هو نحن، اي الوالدين بسبب مسؤوليتهم الكبيرة بتربية أولادهم، فالتربية السليمة هي الأساس لبناء مجتمع سليم ونظيف من العنف.
لا يوجد ادنى شك بأن فوضى السلاح هي آفة خطيرة، وان الرصاص اعمى يستهدف كل المواطنين دون استثناء، لا يفرق بين هذا وذاك، ولا يرحم المستهدف اوالبريء، وخير دليل على ذلك ما حدث صباح هذا اليوم مع د.زياد محاميد الذي اصيب بجراح بالغة دون ذنب اقترفه عندما كان متواجدًا صدفة اثناء إطلاق النار ، وما حدث للدكتور زياد محاميد قد يتعرض له اي مواطن في كل لحظة وفي أي مكان آخر، وفي هذا السياق ومن هنا اقول بان من يظن ان مجتمعنا ما زال بخير وان الغد افضل، هو مخطئ، فالواقع هو عكس ذلك، فكلنا نرى بان كرة الثلج تتدحرج بسرعة فائقة نحو الهاوية ولا عائق يعترض مسارها، ولكن، اذا تحلينا بالصبر،استحضرنا الشحاعة، وامتلكنا الجرأة والتصميم، والأهم العمل بشكل جماعي وتفضيل المصلحة العامة على الخاصة، فبألامكان أحداث التغيير المرجوُ، وإعادة ام الفحم إلى سابق عهدها، وعلينا أن نتذكر بأن القول يجب أن يقترن بالفعل والتضحية، وان
المشكلة لا تكمن في السلاح وإنما باليد التي تحمل السلاح..!
سعيد بدران