تقرير حول تمثيل العرب بالإعلام العبري

تاريخ النشر: 07/04/17 | 10:13

عقدت جمعية سيكوي، هذا الأسبوع، مؤتمرا أكاديميا مهنيا حول تمثيل المواطنين العرب في الاعلام العبري، في جامعة تل أبيب، وذلك بالتعاون مع موقع “العين السابعة” وقسم الاعلام في الجامعة.
وجاء هذا المؤتمر، بمرور عام على انطلاق مشروع “مؤشر التمثيل” المعني برفع نسبة المحاوَرين العرب في الاعلام العبري، وشارك فيه العشرات من الباحثين والمختصين والعاملين العرب واليهود في مجال الاعلام، إلى جانب النشطاء والطلاب.
الباحث والمحاضر د. دانئيل دور، رئيس قسم الاعلام في الجامعة، افتتح المؤتمر بكلمة استعرض من خلالها مدى التغييب للمواطنين العرب في الاعلام العبري والانعكاسات الخطرة لذلك، وأشار إلى كم كبير من الأبحاث التي عنيت بهذا المجال وعدد كبير من المشاريع والمبادرات التي حاولت تغيير هذا الواقع لكنه أكد أن لمشروع “مؤشر التمثيل” الذي تعمل عليه سيكوي وقعا مميزا وفاعلية ملموسة بسبب الضغط المثابر والمهني على وسائل الاعلام.
بدورها أكدت رونق ناطور، المديرة العامة المشاركة لجمعية سيكوي، بأن انطلاقة هذا المشروع في جمعية سيكوي، جاءت بناء على تقييم المخاطر الجمة التي يتسبب بها تغييب العرب عن الاعلام العبري كونه يتسبب بالمس بالعلاقات ما بين اليهود والعرب ويؤدي تفشي الآراء المسبقة والتعامل النمطي مع المواطنين العرب، وخاصة في حالة الجماهير العربية في البلاد في ظل استمرار الاحتلال وتفشي العنصرية. ناطور أكدت بأن المشروع رفض الاكتفاء بالاحتجاج أو بتوفير أدوات العمل المساعدة للإعلاميين إنما يعتمد على ممارسة الضغط المباشر على متخذي القرارات، وأفادت بأن العمل ضمن هذا المشروع سيستمر في العام القادم أيضا وستدرس إمكانيات تفعيل ضغط جماهيري أكبر على وسائل الاعلام.
أورن فرسيكو، المحرر في موقع “العين السابعة” ومعد التقارير الدورية التي تنشر في الموقع، أكد على أن نشر المعطيات يتم بمهنية عالية، وتوجه بالشكر إلى الشركاء في المشروع، وإلى شركة “يفعات” التي تعمل على جمع المعطيات وتحليلها كونها مختصة بدراسة الاعلام الإسرائيلي، وأكد فرسيكو على أهمية هذه المشاريع المهنية والتوسع بها.
د. فرنر بشرا، مدير مؤسسة فريدريخ أيبرت في إسرائيل ورحيل ليئال، المديرة العامة لصندوق إسرائيل الجديد، قدما تحيتي ممولي المؤتمر مؤكدين أن تمويل هذا المؤتمر يأتي نظرا للنتائج الهامة التي تم احرازها خلال الأشهر الأخيرة من نجاح مشروع “مؤشر التمثيل”.

“مؤشر التمثيل” والتوازن ما بين العصي والجزر!
الجلسة الأولى للمؤتمر كانت تحت عنوان “رصد بالأرقام: عام على مؤشر التمثيل” تولت إدارتها المحاضرة والباحثة في جامعة تل أبيب د. عنات بلانط، وشارك فيه درور زرسكي، محرر برنامج “لندن كيرشنباوم” الاخباري في القناة العاشرة، خلود مصالحة، الباحثة في مركز اعلام والمحررة في موقع بكرا، رونيت كناتي، محررة برنامج “ما بوعير” في إذاعة “جالي تساهل” وعيدان رينغ، مدير قسم النشاط الجماهيري والمدير المشارك لمشروع مؤشر التمثيل في جمعية سيكوي.
زرسكي، محرر “لندن كيرشنباوم” والذي يعتبر من أكثر البرامج اشراكا للمحاوَرين العرب، أشاد بالآليات التي يستخدمها مشروع مؤشر التمثيل من خلال النشر الأسبوعي لجداول البرامج وقال “كلاعب كرة قدم في الحارات، كلما رأيت جدولا أردت أن أكون في رأسه، ومن هنا فإننا تبذل جهودا جدية من أجل احتلال رأس هذه القائمة.”
مصالحة، استعرضت المعطيات التي نشرها على مدار الأعوام السابقة مركز اعلام والتي تبين أن حضور المواطنين العرب لم يتعد الـ 2% حتى في وسائل الاعلام التي تعتبر “يسارية”. كما انتقدت بشدة تغييب الاعلام العبري للاعلاميين العرب كمراسلين وفي مواقع اتخاذ القرار.
ولفتت مصالحة الانتباه إلى أن الاعلام العبري لا يكتفي بتغييب المواطنين العرب، إنما يقوم بالتسبب لهم بحالة من الاغتراب وتصويرهم ليس فقط كمهمشين إنما كغرباء عن المشهد العام.
كناتي، قالت ان الصحافيين يهمهم الحصول على ردود حول عملهم والرصد الاسبوعي من قبل مؤشر التمثيل، وخاصة عند الاطراء، يشكل محفزا حقيقيا لها كإعلامية باستضافة محاوَرين عرب.
وحول ما يدور خلف الكواليس اعترفت كناتي بأن ردود فعل المستمعين تؤثر إلى حد كبير على الإعلاميين، وتوقفت عند الحملات المنظمة التي يقوم بها نشطاء اليمين بوتيرة مرتفعة في هذا المجال، وفي المقابل قالت بأنها على مدار أكثر من عشر سنوات لم تتلق أي اتصال احتجاجا على تغطية تتعلق بالمواطنين العرب.
رينغ، استعرض سيرورة تطور مشروع مؤشر التمثيل، وأكد أن سيكوي مصرة على الاستمرار وتفعيل أدوات أخرى، من خلال التوازن ما بين عصيّ الضغط وجزر منح الأدوات المهنية للإعلاميين، وأشار هنا إلى موقع “إي-ليست” الذي أقامته جمعية “آنو” بالتعاون مع سيكوي ويضم كوكبة كبيرة من المختصين العرب.

* ما خلف الأرقام: كيف ننتج إعلاما منصفا؟”
الجلسة الثانية كانت تحت عنوان “ما خلف الأرقام: كيف ننتج إعلاما منصفا” وأدارها أورن فرسيكو من “العين السابعة” وشارك فيها، هشام نفاع المحرر في صحيفة “الاتحاد”، عيران زنغر، مراسل صوت إسرائيل بالعبرية للشؤون العربية، علي واكد، مدير شبكة “آي24” باللغة العربية، والذي عمل لسنوات طوال مراسلا لشؤون العالم العربي في موقع “واينت” التابع لصحيفة يديعوت أحرونوت، وأمجد شبيطة، مدير الاعلام العربي في سيكوي.
شهدت الجلسة نقاشا مثيرا، خاصة عندما وجه نفاع، انتقاده الحاد للاعلام الاسرائيلي عموما وبالذات لخانة ما يسمى بالمراسل للشؤون العربية وتساءل كيف لصحفي واحد أن يغطي بمهنية وعمق كافة قضايا المجتمع والعالم العربي بدءا بالأخبار الجنائية، مرورا بالقضايا الاقتصادية والمهنية ووصولا إلى الصراعات الإقليمية؟ وأكد أن هذا الشكل من التغطية يؤدي بالضرورة إلى التسطيح وتعزيز الأفكار النمطية، وبدوره رفض زينغر هذه الادعاءات وأكد أنه من الطبيعي أن يكون هنالك مختص لقضايا المواطنين العرب، وأما اجابته حول السؤال لماذا يكون هذا المختص يهوديا فقط أثارت ردودا واسعة إذ قال أن دخول العربي عالم الصحافة العبرية محدود بسبب اللكنة الثقيلة وخوف المشغّلين من انخفاض نسب المشاهدة ولكون المراسل اليهودي يستطيع تقديم التغطية بشكل أكثر قربا وتفهما للمتلقي اليهودي.
شبيطة رد على ادعاءات زنغر بالإشارة إلى أن تجارب السنوات السابقة أكدت بأن هنالك صحافيين عرب اندمجوا بالاعلام العبري ليس بناء على المؤهلات إنما لقربهم من السلطة وتملقهم من الخطاب الإسرائيلي.
بدوره، تحدث واكد باسهاب عن تجربته وقال أن المراسل العربي يضطر إلى بذل جهود مضاعفة بالنسبة للمراسل اليهودي ليصل إلى نفس مكانته، وأشار إلى أنه حتى في حالة التوافق ما بين المراسل العربي مع هيئة التحرير فقد يتعرض لملاحقات وتقييدات من قبل السلطات الاسرائيلية، وخاصة في حال تغطية شؤون العالم العربي والقضية الفلسطينية.
وأما عن غياب المواطنين العرب من الاعلام العبري فقد أكد نفاع بأن هذا يؤدي إلى خسارة فادحة للمجتمع الإسرائيلي برمته، فيما عبر زنغر عن قناعته بأنه هذه الحالة ستتغير، وسيتمكن المواطنون العرب من اختراق هذا المجال كما اخترقوا مجالات أخرى، فيما قال شبيطة بأنه من الضروري تفعيل ضغط جماهيري عربي على وسائل الاعلام مؤكدا أنه يجب إعادة هذا النقاش إلى خانته الصحيحة وهي تحميل الاعلام مسؤوليته الاجتماعية، المهنية والأخلاقية. وهنا أكد أن مواجهة الاعلام الإسرائيلي تتطلب الكثير الإصرار والمثابرة والتحدي، وأن هذه مهمة صعبة إلا أنها ممكنة في حال كان العمل مهنيا إلى حد قادر على احراج متخذي القرارات.
وفي القسم الأخير من المؤتمر فتح المجال للجمهور بطرح الأسئلة وتقديم الملاحظات، حيث تم تقديم الاقتراحات العينية لخطوات عملية على المستويين القريب والبعيد لرفع حضور المواطنين العرب في الاعلام العبري.
من الجدير بالذكر أن مشروع “مؤشر التمثيل” الذي يعنى برصد حضور المواطنين العرب في الاعلام العبري، كمًا وكيفًا، ونجح خلال العام المنصرم بالمساهمة باحداث ارتفاع ملحوظ بنسبة المحاوَرين العرب من 2.5% في مطلع العام 2016 إلى 3.5% في نهاية العام ذاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة