أعراس جزائرية
تاريخ النشر: 22/04/17 | 20:50حضرت هذا الأسبوع ثلاثة أعراس، وبعد أن هنأ الزائر الجميع، وقام بما يجب أن يقوم به ، يبدي الان جملة من الملاحظات السريعة، وهي: ما زال المجتمع الجزائري متشبثا بعادة رفع العلم الجزائري فوق السطوح كتعبير عن الفرح بإعلان الزواج. وهذه العادة الحسنة توارثها المجتمع الجزائري منذ أمد بعيد، وكانت يومها الأسر الجزائرية ترفع قطعة قماش فوق البيت كإعلان للزواج من جهة، ومن جهة ثانية حين يمر عابر السبيل ويرى قطعة القماش يعلم أن هناك عرسا فيتجه مباشرة إلى بيت الفرح، فيستريح ويأكل ويشرب كغيره من الضيوف، وهو في كامل العزة والأنفة، وتلك خصال حميدة يشكر عليها المجتمع الجزائري.
أسمع بعد ساعة من صلاة العشاء، زغاريد نسوة وأصوات السيارات، فعلمت أن أهل العريس يحتفلون بالقميص، والمعروف في الجزائر بـالقْمٙجٙة. وما زال الجزائري يحافظ على هذه العادة، وإن خفّت حدّتها في السنوات الأخيرة، ولم تصبح علانية بالشكل الذي كانت عليه من قبل. وهي عادة جزائرية تعبّر عن الفرح والابتهاج بالعذرية، والطهر، والنقاء، والوفاء، والأخلاق السامية التي ما زال الجزائري من رجال ونساء يتمسكون بها ويفتخرون بها، ويعلنون ذلك في عزة وإباء. وقد قرأت منذ سنوات في كتاب “الفتاوى” للمفتي أحمد حماني رحمة الله عليه، وهو يشيد بهذه العادة الجزائرية بالذات، ويدافع عنها بقوة، ويثني عليها.
أقول للشباب الذين التقيت بهم في الأفراح الثلاثة: تزوجوا وأنتم مقبلون على الدنيا متشبثون بها، فالزواج الناجح الذي تدفعه جمرة الحب، وخفقان قلب، وإقبال لا يعرف التردد. وقد حضرت العام الماضي عرسا، كان العريس في الخمسين من عمره، فكان العرس باردا خافتا، فالضيوف من نفس سن العريس، وافتقر المجلس لروح الشباب، وخفته، ونشاطه، ولعلّ هذا المشهد من أبرز ما يميّز عرس الكبير في السن، عكس الشاب حين يتزوج وهو مقبل بعنفوانه وأمواجه.
من العادات الحسنة التي غابت عن المجتمع ورأيتها هذه المرة وتستحق الإشادة، وهي عقد الفاتحة بالتعبير الجزائري في نفس اللحظة التي تزف فيها العروس لبيتها، فيجتمع النسوة في بيت والرجال في بيت، ما يدل على الحشمة والوقار، ويعقد الرجال القران الشرعي بحضور ولي العريس والعروس، والأقارب، والشهود، والإمام، ويختم المجلس بالدعاء، ثم تناول الفطور، والإعلان الشرعي على تمام الزواج وكماله. وهذه عادة تستحق التشبث بها، ودعمها ونشرها، لأنها تجمع الأقارب، والأحباب، وغير مكلفة للأسرتين، ويشهدها الجميع، وهي أفضل بكثير من أن يخصص لها يوم مستقل، حيث ترتفع التكاليف دون سبب، ولا تؤدي الهدف المرجو منها.
والملاحظة التي ظلت تلفت الانتباه منذ السنوات الأخيرة، أن المناسبات بشكل عام والأعراس بشكل خاص، أصبحت تشهد وبشكل جلي واضح، سيطرة المرأة على العرس، حيث يتعدى الشؤون الخاصة بالنساء وما يتعلق بهن، إلى تفاصيل تتعدى الرجال ومهمة الرجال في أكثر من حالة، ليس هذا مجال التفصيل، وربما ستكون هناك مناسبة للتطرق لهذه النقطة.
معمر حبار