فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى
تاريخ النشر: 08/03/14 | 23:22قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) "فاطر: 5"
لما رأيت كثير من اناس إلا من رحم ربي في هذه الأزمنة قد تهافتوا على الدنيا تهافت الوحوش على الفريسة.. لما رأيت ذلك احببت أن اذكر إن نفعت الذكرى، وما ينتفع بالذكرى إلا المؤمنين.
أخي الحبيب تأمل مع هذا الحديث العجيب:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الدنيا لأربع نفر عبد رزقه الله مالاً وعلمًا فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان. فهو بنيته، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً، ولم يرزقه علمًا، يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علمًا فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان. فهو بنيته، فوزرهما سواء" (أخرجه الترمذي وسنده صحيح).
أخي الحبيب بالله عليك.. أي الطريق ترغب التوجه إليه، فالسلامة في الطريق الأول والثاني حيث جمعتهما النية الصادقة، وأما الثالث والرابع فهما إلى الشقاء.
تخيل نفسك أخي وقد تطايرت الصحف ونصبت الموازين ونوديت باسمك على رؤوس الأشهاد، أين فلان ابن فلان؟ هلم إلى العرض على الله، وقد وكل بأخذك ملائكة فقربتك إلى الحساب لا يمنعها اشتباه الأسماء، وهي تتخطى بك الصفوف إلى ربك للعرض عليه والوقوف بين يديه، وقد رفع الخلائق إليك أبصارهم وقد طار قلبك واشتد رعبك لعلمك أين يراد بك تخيل نفسك وفي يدك صحيفة مخبرة بعملك، لا تغادر بلية ولا مخبأة، فكم من بلية نسيتها ذكرها، وكم من سيئة أخفيتها أظهرها، وكم من عمل ظننت أنه سلم لك وخلص فرده عليك في ذلك الموقف فيا حسرة قلبك، ويا أسفك على ما فرطت فيه من طاعة ربك. يوم تعرض عليه للحساب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه؛ فاتقوا النار ولو بشق تمره" وفي رواية: "ولو بكلمة طيبة" (متفق عليه).
أخي، اعلم أنك إذا لم تدرك أشراط الساعة فقيامتك العاجلة موتك، فإذا حانت ساعة الوفاة كان زمن الاستدراك وقد قال تعالى: (فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ) أي: فمن أين لهم إذا جاءتهم الساعة أن يتذكروا ويتوبوا؟ فكذلك عند صرعة الموت لا عثرة تُقال ولا توبة تُنال، وهذا طريق الجنة وطريق النار، فانظري أي الطرق تسلك؟ وأين تذهب؟..