بيان صادر عن مؤسسة المحاكم الشرعية
تاريخ النشر: 28/04/17 | 9:21لقد تم بعون الله اختيار كوكبة جديدة من القضاة الشرعيين، وذلك لتعزيز العمل القضائي في المحاكم الشرعية ولتسهيل الاجراءات القضائية واختصار مدة التقاضي، بغية أن يسهم ذلك في الاصلاح بين الناس أولاً، وفضّ الخصومات بالحق والعدل بينهم، وفقاً لشرع الله ثم بما يحقق مصالح العباد ثانياً.
لقد انتخبت لجنة تعيين القضاة الشرعيين، التي انعقدت مؤخراً، القاضي الدكتور اياد زحالقة قاضياً في محكمة الاستئناف الشرعية، وكذلك المحامية هناء خطيب والمحامي محمود عازم والمحامي ثروت مدلج والاستاذ سالم الصانع قضاة في محاكم البداية الشرعية. إن المحاكم الشرعية بهذه التعيينات تكون قد ضاعفت كوادرها القضائية تماماً، في أقل من عامين، الأمر الذي نسأل الله ان يعود نفعه على المسلمين جميعاً في هذه البلاد.
جدير بالذكر أنه خلال هذه التعيينات تم تحصيل ملاك اضافي لتعزيز محاكم البداية الشرعية، حيث حصلنا، في اللحظة الأخيرة، على ملاك لقاضٍ ثانٍ يعين في محكمة بئر السبع الشرعية، وذلك بغية مواجهة الضغط المتزايد على هذه المحكمة، ولاعطاء أهلنا في النقب حقهم غير منقوص، من خلال استنفاذ ميزانيات تم تخصيصها من أجل ذلك.
كما وجدير بالذكر أيضا أنه من خلال هذه التعيينات جرى تعيين امرأة مسلمة قاضية في المحاكم الشرعية، وذلك في سبق تاريخي محمود بإذن الله تعالى. أن مؤسسة المحاكم الشرعي، وهي ترتضي تعيين قاضية شرعية، لتعي تماما الخلاف الفقهي في المسألة. فقد ارتأينا اختيار ما أجازه فقهاء المذهب الحنفي والمذهب الظاهري وابن جرير الطبري، برواية البعض عنه وانكار آخرين ذلك، في جواز تعيين المرأة في منصب القضاء على الرغم من عدم إجازة ذلك في باقي المذاهب.
يذكر هنا، ومن خلال دراستنا الشرعية لهذه المسألة، أن المحاكم الشرعية في البلاد، كبلاد إسلامية أخرى محيطة بنا، مأمورة بالنهج على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، وذلك وفقاً لمجلة الأحكام العدلية الصادرة عن سلطان المسلمين العثماني. إن تعيين قاضية شرعية ليس بدعا من الأمر، حيث أن هناك دولاً اسلامية قد سبقتنا بتعيين امرأة في منصب القضاء الشرعي، وكذلك فعلت السلطة الفلسطينية، حيث عينت ثلاث قاضيات في محاكمها الشرعية قبل سنوات.
في هذا السياق جدير بالذكر أنه على مدار عهود سابقة، كان قد فتح الباب لتعيين امرأة في محاكمنا الشرعية ولم يعترض عليه أحد من قضاة الشرع ولا رؤساء محكمة الاستئناف الشرعية السابقين. لا بل وعلى مدار سنوات عديدة خلت تقدمت متنافسات ليحظين بهذا المنصب الرفيع، الأمر الذي يؤكد مشروعية هذا التعيين، بناء على ما ذكر أعلاه.
إن مؤسسة المحاكم الشرعية إذ رأت أن هذا الاختيار هو للناس أوفق وبهم أرفق، فإنها وما زالت تحترم الآراء الفقهية الأخرى المخالفة في هذه المسألة، إلا أنها ما زالت تتوقع من خالفها أن يحترم اجتهادها في إطار المنهج الفقهي الذي يلزمها، بحيث لا يحجر احد على أحد الأخذ باجتهادات فقهاء الأمة السابقين واللاحقين، واجتهاد الأمة رحمة لا يجوز تضييقها بحال من الأحوال، ولكل مجتهد نصيب. كما تأمل مؤسسة المحاكم الشرعية ، تلاقي دعم شعبها وأهلها كما لاقته دائما لأنها منهم ولهم.
من المهم أيضا أن نعلم أهلنا في هذه البلاد أن لجنة تعيين القضاة قد أقرت في اجتماعها الأخير المذكور تخصيص ملاك اضافي لقاضٍ خامس في محكمة الاستئناف الشرعية، مما سيعزز مكانة هذه المؤسسة تعزيزا غير مشهود من قبل وعلى مدى عقود سابقة. وفي هذا الخصوص ستقوم وزيرة القضاء قريباً بنشر اعلان عن الحاجة لتعيين قاضٍ شرعي خامس في محكمة الاستئناف الشرعية.
إننا بذلنا وما زلنا نبذل جهوداً كبيرة وجبارة من أجل القيام بواجبنا تجاه ديننا وأهلنا وجمهور المتقاضين من المسلمين في البلاد، وها نحن نعمل باستمرار على رفع الأداء وتحسين الخدمات للجمهور في كافة المجالات القضائية والادارية.
لقد بات ملحوظا تقدم جهاز القضاء الشرعي في كافة مجالات عمله، وتلقى محاكمنا الشرعية الاستحسان والترحيب الكبيرين لدى عموم المسلمين. ورغم ذلك فإننا منفتحون على كل نقدٍ بناء غير مغرض ولا مريض، يُساهم في تطوّر وتطوير جهاز القضاء الشرعي في البلاد، الذي صار ملئ السمع والبصر. وفي ذات الوقت نرفض كل توجه مغرض من أيّ طرف كان للمس والنيل، بشكل مباشر أو غير مباشر، من هذه القلعة الحصينة التي بقيت للمسلمين، والتي تمثل الامتداد الأخير لمؤسسات المسلمين في هذه البلاد عبر تاريخ طويل.
إن محاولة ابعاد المسلمين محاكمهم الشرعية وعن التقاضي بموجب أحكام الشرع الحنيف، من خلال استغلال قضايا خلافية، هي محاولة مشبوهة وسوف يلفظ شعبنا الواعي كل من تسول له نفسه أن يخوض في هذه الفتنة.
إننا في المحاكم الشرعية سنبقى محافظين على وجودنا وبقائنا وتحقيق هدفنا الأساس وهو الاحتكام لشرعنا الحنيف وترسيخ التعامل بين المسلمين وفقه، بما يُرضي الله تعالى. وإننا على عهدنا ووعدنا مع ربنا ومعكم ما استطعنا الى ذلك سبيلاً.
“وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ”