لماذا بكت العجوز وماذا قلت للغزالة؟؟
تاريخ النشر: 04/05/17 | 11:20إنها تلك القصة التي يرويها الكاتب العراقي الدكتور محمد أحمد الراشد حيث يقول: (كنت ابن عشر سنين يومها، وكانت لنا في بغداد جارة يهودية، وكانت صديقة لأمي.وحينما جاءت الأخبار عبر المذياع تتحدث عن انتصار اليهود على الجيوش العربية عام 1948، وعن النكبة التي حلّت بالشعب الفلسطيني الذي هُجّر إلى الدول العربية المهاجرة، فجاءت تلك العجوز إلى بيتنا ورأيتها وهي تبكي وتولول. قالت لها أمي: لماذا تبكين وتولولين؟ قالت: لقد سمعت في المذياع أنهم أعلنوا قيام دولة لليهود في فلسطين.فقالت لها أمي: ولماذا تبكين إذن، ومن يتوجب عليهم البكاء هم نحن، لأن التي ضاعت هي أرض أهلنا، ومن شردوا وهجروا هم إخواننا الفلسطينيون؟!
قالت العجوز اليهودية: نعم، إن ظاهر الأمر ما تقولين، ولكن هؤلاء لا يفهمون التوراة، أما أنا فأعرف، وكان أبي يقرأ في كتبنا ما كتبه الأحبار والكهّان من أنه إذا قامت لليهود في فلسطين دولة، فإن هذه الدولة لن تعمر أكثر من أربع وسبعين سنة، ولن تقوم لنا بعدها قائمة! يا ويلنا! إن قومي لا يفقهون!!
قد يقول البعض إنه حديث عجائز ولا قيمة له. ولكن لأننا في الذكرى 69 لنكبة شعبنا الفلسطيني التي نعيش مرارتها وآلامها هذه الأيام، بينما يحتفل الإسرائيليون، ويقيمون الأفراح، ويعيشون نشوة استقلالهم وإعلان دولتهم، فإن كل المؤشرات، وبعد 69 سنة من عمر الدولة، فإنها قد دخلت سريعا في مأزق وإشكالات ومخاطر قد يصبح من خلالها حديث العجوز اليهودية العراقية مادة للتفكير، أو أن يصبح كيف ومتى؟!!!
إنه، وبغض النظر عن الرقم قالته تلك العجوز، ومع أن خمس سنوات متبقية لاستكمال دورة الأربع وسبعين سنة قد لا تحمل أية إشارة ودلالة لإمكانية تحقيق نبوءة الأحبار، الذين كان يتحدث عنهم أبوها وكان يقرأ في كتبهم، هذا في نظر وتقييم من ينظرون إلىالأشياء نظرة مجردة أو نظرة من خلالبريق القوة والهيمنة والغطرسة التي تعيشها إسرائيل، مقابل حالة التفكك والشرذمة والوهن التي يعيشها الفلسطينيون والعرب والمسلمون، الأمر الذي يجعل ما قالته هُراء، ومن يكتب عما قالته فإنه سطحي ويعيش على الأوهام والغيبيات.
ولكن ولأنني مقتنع بحقيقة ما عليه إسرائيل، ليس من أقوال العجوز العراقية ولكن من أقوال عجائز الأمن ودهاة العسكرية الإسرائيليين، الذين يعرفون أكثر من غيرهم ما عليه إسرائيل ومستقبلها، أدلل على ذلك بما قاله بعضهم:
قال الصحافي المعروف يارون لندن في كتاب مذكراته، الذي صدر نهاية العام 2014: (إنني أُعدُّنفسي لمحادثة مع حفيدي لأقول له إن نسبة بقائنا في هذه الدولة لن يتعدى50%.ولمنيغضبهم قولي هذا فإنني أقول له إن نسبة 50% تعتبر جيدة، لأن الحقيقة أصعب من ذلك).
وقال مئيردغان؛ رئيس جهاز الموساد السابق في تصريحات نقلتها عنه صحيفتا”يديعوت أحرونوت” و”هآرتس” يوم 27 / 2 / 2015:(إنني اشعر بخطر على ضياع الحلم الصهيوني).
وقال يوفال ديسكين؛ رئيس جهاز الشاباك السابق في مقالة له في ملحق صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوم 20 /5/2015 وكان بعنوان (نهاية البداية أم بداية النهاية)، وفيه يتحدث بسوداوية قاتمة عن مستقبل المشروع الصهيوني، ويختم مقالته بالجملة التي ذكرت.
وقال روني دانييل المحلل العسكري للقناة الثانية الإسرائيلية مساء الجمعة 20/5/2016: (إنني غير مطمئن أنأولادي سيكون لهم مستقبل في هذه الدولة، ولا أظن أنهم سيبقون هنا).
وقال المحلل السياسي المعروف أمنون أبراموفيتش مساء الجمعة 30/9/2016، وهو نفس اليوم الذي دفن فيه شمعون بيرس رئيس دولة إسرائيل فقال: (إنني لا أدري هل جاء هؤلاء الزعماء من دول العالم للتعزية بشمعون بيرس أم للتعزية بدولة إسرائيل).
وأماأفراييمهليفي؛ رئيس جهاز الموساد السابق فقال في صحيفة “هآرتس” يوم 30/9/2016: (نحن على أبواب كارثة. إنه ظلام ما قبل الهاوية) {חושך על פני תיהום. בקרוב יהיה כאן תוהו ובוהו}.
فهل أقوال عجائز الأمن والسياسة الإسرائيليين تصدّق ما قالته العجوز اليهودية في بغداد؟ ندع ذلك للأيام !!! فخمس سنوات حتى بلوغ الذكرى 74 للنكبة ليس ببعيد!!!
غزالة؛الوزيرة المغرورة
إنها وزيرة القضاء الإسرائيلية أييليتشاكيد من حزب (البيت اليهودي) اليميني، والتي سُئلت عما قاله الشيخ كمال خطيب حول ملابسات تعيين قاضية في المحكمة الشرعية الإسلامية، وقد قلت يومها إن اعتبارات سياسية وليست شرعية،وإنها صفقات مشبوهة كانت ذات ثقل في ذلك القرار،حيث محاولة الوزيرة الادعاء باحترامها للمرأة المسلمة وللمسلمين، في الوقت الذي يبادر حزبها لتمرير قانون منع الأذان، وكل من يقتحمون المسجد الأقصى المبارك هم من متطرفي حزبها.
كان رد الوزيرة بأن الشيخ كمال خطيب هو من الحركة الإسلامية التي حُظرتوأخرجت عن القانون، وإن الحركة الإسلامية تلك لم تعد تمثل المجتمع العربي في الداخل.
يبدو أن غزالة شاكيد (معني أييليت العبرية هو غزالة) تعيش نشوة التصفيق والثناء عليها من أوساط الداخل الفلسطيني، ممن نسوا حقيقة أن هذه الغزالة تخفي في داخلها قلب ذئب مفترس. إنها نشوتهم بترقية وتعيين رجالاتهم في سلك القضاء. أم أن سياستها في الأقصى ومنع الأذان شيء، وهذا شيءآخر؟؟!!
وبالعودة لما قالته الغزالة المغرورة، التي كانت وحزبها مع القرار الظالم بحظر الحركة الإسلامية يوم 17/11/2015، حيث ظنت بأن قرار حظرها للحركة الإسلاميةوإخراجها عن القانون يعني نهاية هذا المشروع وموته وتشييعه.
إن الحركة الإسلامية ومشروعها، بغض النظر عن الاسم واللافتة، كانت قبلك وقبل حزبك وقبل دولتك وقبل المشروع الصهيوني كله أيتها الغزالة المغرورة، وإنه سيظل كذلك بأمر الله وقوته .
إن مشروعنا أكبر من اسم ومن لافتة ومن عنوان ومن شخص أيًّا كان، بل إنه أكبر من التاريخ وأوسع من الجغرافيا؛أيتها الغزالة الجاهلة بقراءة التاريخ.
إن الحركة الإسلامية مثل شعر الوجه؛ كلما حلق كلما نبت أقوى مما كان،أيتها الغزالة المغرورة. هكذا قال المرحوم الدكتور نجم الدين أربكان ردا على قرار حظر حزبه حزب “الفضيلة”، وبعده حزب “الرفاه” على يد عتاة العلمانية في تركيا.تماما كما فعلتِأنتوحزبك وحكومتك بالحركة الإسلامية.
إن الحركة الإسلامية وإن المشروع الإسلامي قد أوجدا جيلا يؤمن بالإسلام، ويدعو له، ويمهد لنصرته. إنه كما قال المرحوم سيد قطب، ردا على قرار حظر الحركة الإسلامية في مصر على يد جمال عبد الناصر في العام 1954 وعام 1965: (إن جيلا زرعته يد الله لن تحصده يد البشر).
أيتها الغزالة المغرورة في حزب (البيت اليهودي) في حكومة نتنياهو؛إن التاريخ يقول إن حكومة فرنسا الاستعمارية قد كلفت وزيرا سمته”وزير المستعمرات”، كان وظيفته مسخ وتشويه الهوية الإسلاميةلأهل الجزائر عبر مشاريع الفرنسة تحت غطاء التجديد والحداثة.وكان أن نقل، بل سرق وخطف رجالاتُه مجموعة من الفتيات الجزائريات الصغيرات، وأوكل مجموعة مهمتها تعليمهن الثقافة الفرنسية والعادات والانفتاح، حتى يظهرن يوما على خشبة مسرح باريس، احتفالا بنجاح تجربة الاستعمار الفرنسي في الجزائر بمسخ الهوية الثقافية لفتيات ونساء الجزائر.
كانت الصدمة قوية أن هؤلاء الفتيات قد أدركن الغاية وفهمن الهدف، وبسرية تامة استطعن الحصول على الزي الشعبي الجزائري، وبدل الظهور على المسرح بالميني واللباس الفاضح فقد خرجن عندما فتح الستار باللباس الشعبي الجزائري.وبعد الذهول والصدمة من السياسيين والوزراء والعسكريين الحاضرين، وبعد اللوم والتقريع للوزير، الذي اعتبروه قد فشل في مهمته، وإذا به يرد عليهم بقوله: (وماذا افعل إذا كان القرآن أقوى من فرنسا؟).
أيتها الوزيرة المغرورة في حكومة إسرائيل: وسيأتي اليوم القريب تقولين أنت وحزبك وحكومتك: وماذا نفعل إذا كان القرآن،وإذا كان الإسلام أقوى من إسرائيل؟!
لأنك ستدركين عندها أنه لن ينفعك، وأنك موهومة ومغرورة يوم ظننت أن الحركة الإسلامية قد غاب فكرها وروحها ومشروعها وصوتها، وأنها لم تعد تمثل الوسط العربي، وأن فرحتك هي فرحة لن تتم، كما قال المثل (ويا فرحة ما تمّت).
المحمدان الخالدان
إنه محمد خالد إبراهيم؛ ابن قرية كابول، والذي أطلق سراحه يوم 20/4/2017 بعد أحد عشر شهرا قضاها ظلما في اعتقال إداري في سجون المؤسسة الإسرائيلية.
وإنه محمد خالد جبارين؛ ابن مدينة أم الفحم، والذي أطلق سراحه يوم أول من أمس الأربعاء 3/5/2017 بعد أربعة عشر شهرا قضاها ظلما في سجون المؤسسة الإسرائيلية.
كان اعتقال محمد إبراهيم من غير تهمة ولا جناية ارتكبها، اللهم سوى حبه اللامحدود للقدس، وتعلقه بالمسجد الأقصى. وقد افتضح هذا الحب عبر كتابات محمد إبراهيموتردده الكثير على المسجد الأقصى.
وكان اعتقال محمد خالد جبارين بعد شهرين تقريبا من قرار حظر الحركة الإسلامية واعتبار الرباط في الأقصى جناية وتهمة يعاقب عليها قانونهم الظالم. نعم، لقد كان حدث اعتقال محمد خالد جبارين في ذروة وأوج الاستهداف للمشروع الإسلامي كله،الأمر الذي أشغلنا عن محمد خالد جبارين في بداية الأمر، فعذرا أيها الأخ الحبيب.
أمَا وقد منّ الله عليكما أيها الحبيبان،أمَا وقد صبرتما وصمدتما في وجه جبروت الجلاد والسجان الإسرائيلي فلا نكصتما ولا تراجعتما،أمَا وإنه الشرف الذي نلتماه بارتباط اسميكما بالمسجد الأقصى والقدس الشريف.
ويشاء الله ويقدر تشابه أسماء محمد خالد إبراهيم ومحمد خالد جبارين، فأنتما محمودان في الأرض وذكركما خالد في السماء بإذن الله تعالى.
محمد خالدإبراهيم ومحمد خالد جبارين؛أنتما في أعيننا وعيون شعبكم أبطال ولستما خارجيْن عن القانون.
المحمدان الخالدان نحبكما ونطبعها قبلة على جبين كل واحد منكما.
رحم الله قارئا دعا لنفسه ولي ولوالدي بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
الشيخ كمال خطيب