“أمسية ثقافية” بالنادي الثقافي في حيفا
تاريخ النشر: 08/05/17 | 17:30باسم خندقجي أسير فلسطيني ومثقف موسوعي، يكتب من خلف القضبان بظروف مستحيلة فتصل كتاباته مهرّبة من عدة أسطر كل مرة وتجمع في بيت آل الخندقجي في جبل النار لتخرج مكتملة في كتاب. وتواصلا مع أسرى الحرية، أقام نادي حيفا الثقافي يوم الخميس الفائت أمسية ثقافية مع إبداعات الكاتب والشاعر الأسير الفلسطيني باسم خندقجي : “طقوس المرة الاولى”، “أنفاس قصيدة ليلية”، “مسك الكفاية” و مؤخرا “نرجس العزلة”.مؤهلا بالحضور، افتتح الأمسية رئيس النادي المحامي فؤاد مفيد نقارة، ومعلنا تضامننا مع إضراب أسرى الحرية ومطالبهم الانسانية.تقدم بعدها بشكره للمجلس الملي الأرثوذكسي الوطني في حيفا برئاسة السيد يوسف خوري لرعايتهم الدائمة لأمسيات النادي الثقافية وشكره للناشطة الثقافية خلود فوراني سرية والمحامي حسن عبادي- من أعمدة النادي الثقافي.
تولت عرافة الأمسية بلغة أنيقة ومهنية تامة، الشاعرة فردوس حبيب الله مقدمة لمحة عن الكاتب وكتاباته .وفي باب المشاركات، قدمت د. لينا الشيخ حشمة مداخلة تحليلية معمقة ومشوقة لرواية (مسك الكفاية- سيرة سيدة الظلال الحرة) ، معرفة إياها برواية تاريخية في فترة العباسية، حيث يكشف فيها الكاتب النقاب عن دولة لم يستتب لها الحكم إلا بالدم. كتب الرواية لمحاربة التغيير والقمع فنجح كروائي بكشف العيوب والتي من مهمته عدم التستر عليها.وأضافت أن الكاتب أعاد التاريخ في رواية بأبعاد رمزية، كتب الحاضر بأحداث الماضي، فحاضرنا امتداد طبيعي لأحداث الأمس. وروايته ضد قمع الانسان في كل زمان وكل مكان. وتطرقت د. لينا إلى أمور عديدة في الرواية وأبعادها، منها التضاد، التّناص، المونولوج والسرد… لكتابة حداثية ذات انفتاح على دلالات متعددة .
وختمت أن الرواية أغاظت الأنثى داخلها، ودعت خندقجي أن يكتب عن قمع الأنثى آلاف المرات. تلاها د. صالح عبود بمداخلة مميزة له تناول فيها المجموعتين الشعريتين “طقوس المرة الاولى” و “أنفاس قصيدة ليلية”. وبلغته الشاعرية بامتياز، استهل كلمته بقصيدة خاصة نظمها للأسير الشاعر بعد قراءة مجموعتيه.
يرى د. عبود أن تجربة قصيدتي خندقجي ترتبط بتجربة شديدة الخصوصية، هيَ تجربةُ السّجنِ والأسرِ بما تحملهُ من دلالاتِ القمعِ والتّعذيب والتّضييقِ، وهيَ تجربةٌ نضاليّةٌ ترفعُ رايةَ مقاومةِ الأسرِ والاستبدادِ فَتنتصرُ للحرِّيّةِ والإنسانيّةِ بالكلمةِ والسِّحرِ الحلالِ، في أحوالٍ تكتنفُ الأسيرَ وَتغتالُ فيهِ حركتَهُ وَتُسْلِمُهُ إلى صَدى السّكونِ..وأضاف، يوشكُ باسمُ الخندقجيُّ أنْ يعالجَ حالتَهُ النفسيّةَ في سجنهِ بِداءٍ هوَ غايةُ كلِّ من رامَ انعتاقًا من ذاتهِ الحبيسَةِ في ضَنكِ يومِها، سَجينًا كانَ أم مُحرَّرًا، إذ قَمعَ وجعَهُ الظّاهرَ بِوجعٍ لذيذٍ يَستصرخُ من خلالِهِ غَزَلًا وَشوقًا لامرأةٍ تُعيدُ فيهِ أُنسَهُ التّائِهَ في صقيعِ الليالي المغمضَةِ وغربةِ النفسِ المتأرجحةِ بينَ قريبٍ يَنزعُ الدّمعَ منَ العيونِ نَزعًا، وبعيدٍ يَجمعُ فيهِ الشّجونَ جَمعًا..كانت بعده مشاركة للكاتب والمربي سهيل عطالله، فقدم قراءة في رواية مسك الكفاية، فكانت نقدية ممتعة وهادفة استهلها باعتزازه بشموخ وكبرياء باسم خندقجي في سجون الاحتلال، باسم الأسير جسدا الحر فكرا.
وفي روايته أشاد بدو (الخيزران) بطلة الرواية، شجرة شامخة سامقة عصية على الانكسار، شجرة ممتدة بجذورها، وظلالها الحرة. وبدور الرجال المغاوير المتسربلين الفروسية والأصالة في زمن عزّ فيه الوفاء وشحت الشهامة وهوت المروءات.ختم المداخلا ت المحامي حسن عبادي بقراءة له في رواية “نرجس العزلة” فجاء في كلمته أن حبه لامرأة الهوية والدهشة الحيفاوية التي يشتهيها في روايته “نرجس العزلة” حمله على قرار العزلة الحارقة ومن ثم قّراره ألا يزور حيفا لأجلها كما زار قرطبة ليصير شاعر بلا مدينة … بلا وطن… بلا شعر … وها هو يحلق فوق سمائها متحديًا قضبان سجّانيه، لأن حيفاه تبقى حديقة الرب السرية المعدة مسبقًا للعشق ، هي الوطن كله، لم تكن كامرأة البدء، كانت امرأة الهوية والدهشة، والبلاد كل البلاد، هي المدينة الصامدة الحزينة التي تنتظر عشاقها المشردين في الأرض رغم الذل والعنصرية والاحتلال وهي التي تسكنك امرأة من وطن ووطن بلا امرأة. وبمبادرة وكلمة مؤثرة منه في الختام، دعا د. محمد هيبي لالتقاط الصورة الجماعية يتوسطنا كرسي محفوظ لباسم خندقجي، الحاضر فينا بقوة، كلمة وفكرة وروحا. باسم يقاوم بالكتابة، يكتب كي يقاوم ويحيا خارج السجن بكتاباته، فهو ابن بار لشعب يحب الحياة وثقافة الحياة، رغم قسوة الاحتلال والظلم.
أعدت الخبر: خلود فوراني سرية