إحتفال بأم الفحم بصدور كتاب للشيخ رائد صلاح
تاريخ النشر: 15/05/17 | 17:53نظم مساء الأحد، احتفالا في قاعة المدرسة الأهلية بأم الفحم، لمناسبة إصدار كتاب “العيش في السجن معزولا” لمؤلفه شيخ الأقصى، الشيخ رائد صلاح، وغصًت القاعة بالحضور من مختلف البلدات العربية، وألقيت في الاحتفال كلمات، بين يدي الكتاب، لعدد من المتحدثين. كما وقّع الشيخ رائد صلاح إهداءه على عدد من النسخ التي وزعت على الحضور.استهل الاحتفال بتلاوة من القرآن الكريم تلاها الشاب عبد الكريم محاجنة، وتولى عرافة الاحتفال، الإعلامي توفيق محمد جبارين، مرسلا تحياته لأسرى الحرية الذين يخوضون إضرابا عن الطعام منذ 29 يوما ، وحيا جبارين الأسرى المعتقلين بسبب نصرتهم للقدس والمسجد الأقصى المبارك وكل أسرى الحرية من أبناء شعبنا.وتطرق عريف الاحتفال إلى محطة استوقفته في كتاب الشيخ رائد صلاح، حين تحدث عن معاناة والدته أثناء سفرها لزيارته، لكنه (الشيخ رائد) استدرك قائلا: “ولكن أمي هي واحدة من آلاف الأمهات الفلسطينيات ممن يقطعن المسافات منذ عشرات السنين، من أقصى الجليل والخليل والضفة وغزة العزة لزيارة أبنائهن، وأمي واحدة منهن”. ثم كانت كلمة بلدية أم الفحم، ألقاها السيد بلال ظاهر، نائب رئيس البلدية، مرحبا بالحضور، وحيا فيها الشيخ رائد صلاح على مواقفه ومسيرته في دعم قضايا شعبنا الفلسطيني وفي مقدمتها قضية القدس والمسجد الأقصى، وقال إنه يتشرف بأن يقرأ كتاب الشيخ رائد بما يضمه للعديد من المواقف والمحطات في حياة الشيخ ومنها تجربة السجن.
أحمد محمد شريم، رئيس اللجنة الشعبية في أم الفحم، حيا الشيخ رائد صلاح على جهده في كتابة الكتاب، لافتا إلى أنه يضاف إلى وثائق الحركة الأسيرة في السجون الإسرائيلية، وأكد أن الكتاب يشكل جزءا من حياة عاشها الشيخ ويعيشها كل أسرى شعبنا.وأشاد شريم بقدرة الشيخ رائد على السرد الدقيق لحياة الأسرى داخل السجون، وكأنه يرسم، وتحدث عن الروح الوحدوية التي بثها صاحب الكتاب وحديثه عن علاقات صداقة وأخوة ربطته بأسرى من مختلف الفصائل الفلسطينية رغم التباينات الفكرية والسياسية بينهم.وقال الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات، في مقدمة كلمته: “لا شك أن العيش داخل السجن والزنزانة، ليست أمنية، ولا يسعد الإنسان به إذا حصل، لأن الحرية شيء ثمين جدا، ولكن عندما تصبح المقارنة بين ان اكون حرا او ان اكون سجينا من أجل فكرة ومن أجل مبدأ ومن أجل شعب ومن اجل مقدسات ورسالة وأمة، عند ذلك لا يصبح السجن شيئا مكروها، عندما تصبح المقارنة بين خدمة الفكرة والدين وبين الحرية، تتقدم الأولى على الثانية، فالشهيد يقدم روحه والأسير يقدم حريته من أجل مشروعه وأمته ودينه، والغريب أن أسيرنا يصبح مجرما في نظرهم (المؤسسة الإسرائيلية)، بينما الذي هو في المفهوم السياسي لص وجاسوس يتحول إلى بطل مثل جوناثان بولارد، الذي تجسس على دولته أمريكا، حوّلوه إلى بطل، وكذلك نتان شيرانسكي تحول من جاسوس اسرائيلي في روسيا إلى أسير صهيون، ثم أصبح وزيرا في الحكومة الإسرائيلية، لماذا سجينهم بطل واسيرنا مجرم!!، من الواضح أن الواقع الذي تعيشه الأمم والشعوب يجعل تغيير المصطلحات أمرا سهلا، وفق الموازين القائمة”.
المحاضر الجامعي والمدير الأكاديمي لـ “مدى الكرمل” الدكتور مهند مصطفى، استعرض في مداخلته محطات عدة استوقفته في الكتاب، وأكد أن الكتاب يضاف إلى أدب السجون وهو يغنيه بكل أبعاده الفلسطينية والإنسانية، ونوّه إلى ما قاله الشيخ رائد في مقدمة كتابه وأن “الأسرى ليسوا أبطالا لأنهم داخل السجون فقط، بل لأنهم تمسكوا بالثوابت رغم السجون”.وقال إن هذه المقولة مهمة في بعدها الإنساني حين يكتبها أسير فلسطيني، وبالتالي فالكتاب “إنساني” بهذا المعنى، حيث أن كل تفاصيله تتحدث عن علاقات انسانية حتى مع السجّان، واكد مصطفى أن هذا البعد في الكتاب مهم في مرحلة تسعى المؤسسة الإسرائيلية إلى نزع إنسانية الفلسطيني بعد أن تجاوزت بمراحل وجهها العنصري إلى ما هو أقبح.وأكد أن الشيخ رائد سعى من خلال الكتاب إلى تعزيز المفهوم الإنساني، حتى بالحديث عن السجّانين من الدروز، حين تحدث عن أهمية مخاطبتهم بما فيهم من بذرة خير بهدف إعادتهم إلى بعدهم العروبي والفلسطيني. وأضاف مصطفى أن في الكتاب انتقال من الشأن اليوم إلى الشأن السياسي، وأن عملية الدمج كانت دائمة عبر صفحاته، فهو يدمج بين الشأن الشخصي وموضوع الأسرى، ويناقش مواقف الشيخ رائد السياسية، ومنها ما كتبه عن قوله لمحققي المخابرات في أن الحرب ليست على الحركة الإسلامية وإنما على الإسلام، وقال الدكتور مهند “أنا شخصيا من خلال دراستي في السنوات الأخيرة، ومتابعتي لصعود اليمين في اوروبا او هنا في هذه البلاد، وصلت إلى نتيجة مفادها أن الحرب هي فعلا على الإسلام، فمشكلة الفرنسيين ليست مع داعش أو مع مواقف متطرفة وخطاب متطرف، ولكن مشكلتهم مع الوجود الإسلامي في فرنسا أو اوروبا، وقد كتبت عن ذلك بحثين، ووصلت إلى هذه النتيجة التي تجلّت بصورة واضحة خلال السنوات الأخيرة”.وقال الدكتور مهند، إنه ينتظر كتاب الشيخ رائد القادم، الذي أشار إليه في الكتاب، والمعنون بـ “إضاءات على ميلاد الحركة الإسلامية”، منوّها إلى أن الشيخ يتطرق بورقتين إلى كتابه العتيد، وفيه قراءة نقدية عميقة للحركة الإسلامية، ويضم العديد من المراجعات، وبالتالي فالكتاب القادم يشكل تحولا مهما.
ثم تحدث الباحث صالح لطفي، مؤكدا في بداية مداخلته، أن كتاب الشيخ رائد “العيش في السجن معزلا”، يقرأ في الأساس بسياق تحليلي وهو جزء لا يتجزأ من أدب السجون والمعتقلات الفلسطينية، وهو كتاب يقع في مسمى “الأدب العالمي” للسجون والمعتقلات، مشيرا إلى أن الكثير من العلماء والمفكرين والسياسيين عبر التاريخ كتبوا عن تجاربهم في المعتقلات كسجناء رأي.
ولفت لطفي إلى أن الكتاب يشكل وثيقة نابضة لوضع الأسير الفلسطيني في السجون سواء كان سياسيا او جنائيا، وكشف عن كثير من الحقائق في مسيرة الحركة الأسيرة، منها طبيعة العلاقة القائمة بين السجّان والسجين والنظرة العنصرية العقدية التي جعلت السجّان اليهودي يعامل الأسير الفلسطيني بإقصاء وينتهك كل حقوقه الإنسانية.
وشدّد على أهمية الكتاب في الحديث عن معركة الإرادات التي يخوضها الأسرى مع السجّان من أجل انتزاع أبسط الحقوق، وحالة الثبات والصمود والحزن التي تسيطر على أجواء الأسرى في مواجهة ظلام السجون.
وكانت الكلمة المركزية لصاحب الكتاب، الشيخ رائد صلاح، مرحّبا بالحضور وشاكرا لهم تلبية الدعوة، وتحدث بداية عن كتابته لـ 4 كتب أخرى، تحت الطبع، وهي: كتاب “مطارد مع سبق الإصرار”، وكتاب “إضاءات على ميلاد الحركة الاسلامية”، وكتاب “من صيد السجون”، والكتاب الخامس عبارة عن ديوان شعر سيصدر عن جمعية “أنصار الضاد” وهو بعنوان “الربيع العربي”.وبين يدي الكتاب، قال الشيخ رائد: “في هذا الكتاب اجتهدت أن انقل صورة حية وأرسم بقلم وبكلمة وليس بألوان، رسمت الأسير منذ بداية يومه كيف يستيقظ من النوم إلى أن ينام بعد منتصف الليل، واجتهدت ان أضيف البعد التحليلي حول علاقة الاسرى مع بعضهم وعلاقتهم مع مديرية السجون، وحاولت ان اكشف عن امور كانت مخفية، ولعلها حتى الآن للكثير من أبناء شعبنا، عن حياة الأسير كإنسان يحق له أن يبنى عالمه الخاص داخل سجنه، وأن يتمتع فيه بحقه أن يأكل وأن يشرب وأن ينام وأن يتلقى العلاج ويشعر بكرامته ويحافظ على إنسانيته، وحقه في الإضراب عن الطعام عندما يغلقون في وجهه كل الأبواب، مثل: إضراب أحد الأسرى، مريض السرطان، وكيف أضرب 40 يوما من أجل ان ينال حقه في العلاج، تحدثت عن الأسير الذي يقيد بقيدين في قدميه وقيدين آخرين في يديه ويربط قيد بينهما، حين يريدون نقله إلى خارج السجن، تحدثت في الكتاب عن الأسير الذي يضعونه داخل قفص عندما ينقلونه للقاء أهله، كتبت عن هذه الحالات والكثير الكثير غيرها”.
وتحدث الشيخ رائد صلاح عن أصعب لحظات سجنه، حين صادر السجّان الدفاتر التي كتبها، وظن أنها لن تعود، كما تطرق إلى لحظة اعلانه الاضراب عن الطعام لينال عددا من حقوقه.وتابع: “اسميت الكتاب بالوثيقة النابضة، لأنه فعلا وثيقة تنبض بحياة الأسير بكل تفاصيها، كذلك ذكرت في الكتاب ان هذه الوثيقة يجب أن تضاف إليها العديد من الوثائق لتجارب أسرانا في السجون، ويوجد في هذا الجانب نقص كبير، فهذا تاريخ ليس ملكنا ولكنه تاريخ كل الحركة الأسيرة الفلسطينية ومعاناتها في السجون جراحها وآلامها وآمالها، أحزانها وأفراحها”. وأكد الشيخ رائد أن أعظم علاقة يمكن أن يبنيها الأسير، هي مع الله جلّ جلاله، مختتما: “أسرانا أبطال لأن لغة السجون لم ولن تخيفهم ولم تجعلهم يتنازلون عن الثوابت، اسأل الله الفرج القريب لكل أسرى الحرية وعشاق الأقصى، وأن ينتصر إضراب الحرية والكرامة على السجّان الإسرائيلي”.
من طه إغبارية