لواعج سفر .!
تاريخ النشر: 12/06/17 | 21:31حضَّرت حقيبتي
ووضعت فيها كل أملك
من سراب الطفولة
وتجليات الصبا
وعزمت على السفر
فتناهت إليَّ رنات أجراس
تقترب من أسماعي
فذكرتني بغمزات زهرات الربى
ومجونها المفضوح مع قطرات الندى
وأنفاس أمي تخرج خبز طابون
“مقحمش ” كالقمر
فأرجعت حقيبتي الى مكانها
وأجلت السفر
حملت حقيبتي
ووضعت فيها لهاث أمي
وبكاءها في آخر الليل
مع قطرات الندى
وأثقال السهر
فتناهت الى أسماعي أجراس
تحمل حكايات بيتنا العتيق
ووشوشات نار الشتا
وجعجعات جاروشتنا
تدور حول الرحى
فأرجعت حقيبتي إلى مكانها
وأجلت السفر
حملت حقيبتي
وعزمت على السفر
ووضعت فيها سراج الكاز والفتلة
وحكايتة مع ظلمة الليل
منتظراً رحيله على أحرِّ من الجمر
لتعود شمس النهار من السفر
وأنين أبي يتسلل
من بين غطاءات الظلام
يشكو من خيانة الدهر
أتلام أرضنا فاتحة أفواهها
تصرخ الى الأعالي
أنا عطشى .. أنا عطشى
جف ريقي من الهجر
فتناهت الى أسماعي
رنات أجراس تأتي من بعيد
تحمل معها:
زغاريد الحساسين على أعالي شجرتنا
وعبقات الرياحين على ضفاف نبعتنا
وعتابا الفلاحين على أطراف زرعتنا
ونفحات تجليات تراب حكورتنا
وطقطقات تواشيح مزراب خشتنا
والرسومات الحمرعند غياب شمستنا
فأرجعت حقيبتي الى مكانها
وعدلت عن السفر
حملت حقيبتي وعزمت السفر
ووضعت فيها :
صحائف رسائل سلمى
المصبوغة من زرقة عينيها
وقهرها المحفور بالكحل على
صفحات خديها
فتناهت الى أسماعي أجراس
تشظت من صوت سلمى
أنا سلمى .. أنا سلمى
عدت من بوادي وَأْدي
أحمل على كتفي بدايات النهار
ورميت كفني رميَ الجِمار
يا حبيبي ..
إرجمِ تذكرة القطار ..إرجِم تذكرة القطار
فأرجعت حقيبتي
وودعت السفر..
بقلم : يوسف جمّال – عرعرة