السورة- معنى الكلمة
تاريخ النشر: 16/06/17 | 1:31السورة من القرآن هي مجموعة من الآيات الكريمة، تؤلف نصًا واحدًا. عدد السور في القرآن الكريم 114 سورة.وردت لفظة (سورة) وجمعها (سُوَر) في القرآن الكريم، في معنى التَّحدِّي للْعرب، وذلك بِقَولِه تعالَى: {قلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ}- هود،13، وقَوله: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}-الْبَقَرَة، 23 وبداهة فإن الآيتين نزلتا بعد سور سابقة، حتى يُسوَّغ هذا التحدي. جاء فِي الْقرْآن تَسْمِية سورة النُّور بِاسْمِ: سُورة، وذلك في قَوله تَعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْناها}- النُّور،1- وهي خبر لمبتدأ محذوف- أي هذه سورة.
ملاحظة: لم تكن فصول التَوراة والإنجيل وَالزَّبور مسمَاة سُوَرًا عند العرب في الْجاهليَّة، ولا في الإسلام، بل لم أجد كلمة (سُورة) بهذا المعنى في أدبيات العصر الجاهلي.
سورة:ثمة أكثر من تفسير لمعنى الكلمة، وكيف اشتقت.في مقدّمة القُرْطُبي الضافية لكتابة المميَّز في التفسير وقف الشيخ على تفاصيل تتعلق بالقرآن ودراسته، فتناول ترتيب سور القرآن وآياته وشكله ونقطه، ومعنى السورة والآية والحرف، وهل هناك ألفاظ فيه خرجت عن لغات العرب، ومعنى الإعجاز..إلخ
سأقتبس منه بعض ما أورده وجمعه لمعنى (سورة).قال القرطبي في تفسيره “الجامع لأحكام القرآن”، ج1 ، ص 47- 48:”معنى السورة في كلام العرب الإبانة لها من سورة أخرى وانفصالها عنها، وسميت بذلك لأنه يرتفع فيها من منزلة إلى منزلة:قال النابغة:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ سُورَةً ** تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ
أي : منزلة شرف، ارتفعت إليها عن منزل الملوك”.
وقيل: سُميت لشرفها وارتفاعها- كما يقال لما ارتفع من الأرض- سُور.
والسور حائط المدينة الذي يحيط بالبيوت، قال جرير:
لَما أتى خبرُ الزُّبَيرِ تواضَعَتْ *** سُورُ المدينةِ والْجبالُ الخشَّعُ
على ذلك سميت “سورة” لإحاطتها بآياتِها، واجتماعها كاجتماع البيوت بالسُّور.
وقيل: سُمّيت بذلك لأنها قُطعت من القرآن على حِدة، من قول العرب للبقية أو فضلة، فعلى هذا يكون الأصل- سُؤْرَة بالهمزة، ثم خُفّفتْ، فَأُبْدِلَت واوًا لضمّة مَا قَبلها. وقيل: سميت بذلك لتمامها وكمالها، من قول العرب للناقة التامّة- سُورَة.وجمع سُورة- سُوَر، وسُور، ويجوز سُورَات وَسُوَرَات”.
أما في “لسان العرب” لابن منظور (مادة سور)، فهو يوضّح بأن السورة هي المنْزلة من البناء، ومنه سورة القرآن، لأنها منْزلة بعد منزلة مقطوعة عن الأخرى.يقول ابن سِيدَه: سميت السورة من القرآن لأنها درجة إلى غيرها، ومن همزها (سًؤرة) جعلها بمعنى بقية من القرآن وقطعة.أما ابن الأعرابي فيقول: السورة- الرِّفعة، وبها سميت السورة من القرآن أي رفعة وخير.السورة من القرآن معناها الرفعة لإجلال القرآن- قال ذلك جماعة من أهل اللغة.
(انظر الآراء المختلفة في “لسان العرب”).
هناك من المستشرقين من رأى أن الكلمتين سور، وسورة- من أصل آرامي.أما “السورة” فهي كلمة (شُورْتا) الآرامية – تعني مجموعة مرتبة جنبًا إلى جنب أو مرتبة عموديًا، (وهذه تذكرني باللفظة العبرية التي تستقي كثيرًا من الآرامية: שורה- (شورا- بمعنى صفّ سرب). مهما يكن فالقرآن استوعب ألفاظًا من لغات أخرى، فجعلها جزءًا من العربية، وصدق قوله تعالى {إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا}- يوسف، 2.هذا الموضوع- “هل في القرآن كلمات أعجمية؟” أثار نقاشًا بين علماء العربية على اختلاف عصورهم، وقد أوجزه القرطبي في تفسيره بصورة منصفة (ص49) م.ن.
من أخطائنا:من أغرب ما قرأت في صحيفة ما أن المحرر كان يكتب عن السورة (صورة في القرآن)، وكرر ذلك، وقد نسي أن صورة بالصاد تعني الشكل- قال تعالى: {في أي صورة ما شاء ركّبك}- الانفطار، 8. وقد توسعت دَلالة (صورة) إلى معانٍ حقيقية ومَجازية.