في اليوم العالمي للاجئ: الأمم المتحدة لم تنصف الفلسطينيين
تاريخ النشر: 19/06/17 | 17:44وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين في العام 2017 إلى حوالي 8 ملايين لاجئ بعد أن كان في العام 1948 حوالي 935 ألف يشكلون حوالي ثُلثيْ الشعب الفلسطيني. حين اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بتاريخ الرابع من كانون الأول/ديسمبر من العام 2000 باعتماد العشرين من شهر حزيران/يونيو من كل عام يوماً عالمياً للاجئ، من المفترض أن تكون قد استحضرت بألا يكون هناك تمييز في التعاطي بين لاجئ وآخر، خاصة وأن روح إعلان اليوم العالمي للاجئ مُستوحى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لتاريخ 10/12/1948 الذي نص صراحة على تساوي حقوق الإنسان بغض النظر عن اللون أو الجنس أو المعتقد، فهل أنصفت الأمم المتحدة حقوق اللاجئ الفلسطيني الإنسانية والسياسية سواء بعد هذا التاريخ أو قبله؟
على المستوى الإنساني أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة وكالة “الأونروا” وفق القرار الأممي رقم 302 لتاريخ 8/12/1949، إذ جاء إنشاء الوكالة بناءً على توصيات لجنة “الإستقصاء الإقتصادي في الشرق الأوسط” والتي عُرفت ببعثة الأمريكي “جوردون كلاب” وتم تكليفها من قبل الجمعية العامة بالقيام بدراسة للأحوال الإقتصادية للبلدان العربية، وتوجيه النصح والإرشاد لبرنامج التنمية المناسب لاستيعاب – ولنضع خطين تحت كلمة إستيعاب – اللاجئين الفلسطينيين وقدمت تقريرها بتاريخ 16/11/1949، وقد أوصت اللجنة بتشكيل صندوف لدمج اللاجئين ميزانيته 49 مليون دولار تدفع منه أمريكا 70% لإقامة مشاريع تنموية في فترة لا تتعدى 18 شهر، وجاء القرار 393 الصادر عن الجمعية العامة بتاريخ 12/12/1950 ليكون أكثر وضوحاً لهدف إنشاء الوكالة الإغاثي والإنساني كمقدمة لهدف سياسي، فقد أسندت فيه الجمعية العامة للأونروا مهمة العمل على دمج اللاجئين الفلسطينيين في إقتصاديات المنطقة – ولنضع خطين آخرين تحت كلمة دمج – بجانب تقديم الخدمات الإغاثية لهم، مما يعني عملياً توطينهم في الدول المضيفة وبأن لا عودة لهم.
أما على المستوى السياسي فالجريمة بحق الفلسطينيين قد ارتكبت في وضح النهار وعلى رؤوس الأشهاد، حين أنشات الأمم المتحدة الكيان الإسرائيلي فوق أرض فلسطين وفقاً للقرار 181 لتاريخ 29/11/1947 في إنتهاك صارخ لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وبالتالي التسبب بتشريد 935 ألف فلسطيني تحولوا إلى لاجئين، إذ لا يحق للأمم المتحدة أن تُنشِئ دولة جديدة، أو أن تُلغي دولة قائمة دون إستشارة أصحاب الأرض الأصليين، فقد أوصى القرار بتقسيم فلسطين إلى دولتين واحدة عربية بنسبة (42،88%) وأخرى يهودية بنسبة (55،47%) وأن تبقى مدينتي القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية بنسبة (0،65%)، إلا أن الإحتلال أتى على 78% من أرض فلسطين في العام 1948، وسكتت المنظمة الدولية سكوت الموافقة والدعم.
أفرغت الجمعية العامة للأمم المتحدة محتوى “لجنة التوفيق الدولية حول فلسطين” والتي أُنشئت بناءً على مقدمة القرار 194 لتاريخ 11/12/1948 الذي أكد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين والتعويض واستعادة الممتلكات، وتم تشكيل لجنة من فرنسا وأمريكا وتركيا على أن تضع اللجنة آليات تطبيق القرار إلا أن اللجنة قد تم تعطيل دورها منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي حتى الآن.
حتى العام 1994 بقيت الجمعية العامة للامم المتحدة تصوت لصالح تطبيق القرار 194 وقد وصل عددها 134 مرة، لكن بعد الإعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي وفق توقيع إتفاق أوسلو للعام 1993 تم توقيف التصويت لا بل وتوقف التداول السياسي للقرار في المنظمة الدولية، وعملياً هي محاولة أخرى لتفريغ القرار من أهميته على المدى البعيد
لا تزال المنظمة الدولية ومنذ التأسيس تخضع للعبة موازين القوى وسياسة الكيل بمكيالين في التعاطي مع قضية اللاجئين وحقهم في العودة، وبدا واضحاً وبدون أدنى شك بأن ملعب الساحة الدولية هو للأقوياء فقط، وبالتالي لن يكون هناك إنصاف وعدل لإنتزاع الحقوق أو تكريسها إلا إذا امتلك الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي ومعهم أحرار العالم من القوة ما يمكنهم من صناعة ضغط مؤثر في المنظمة الدولية، وإلا سيبقى الملعب ساحة مفتوحة للاعب واحد وبالتالي الإستمرار في سياسة الهيمنة والإلغاء واللاإنصاف..!
علي هويدي – كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني – بيروت في 19/6/2017