"في حضرة الغياب" بين الرفض والقبول..!
تاريخ النشر: 13/08/11 | 4:01منذ بدء عرضه مع بداية الشهر الفضيل، على شاشات عدد من الفضائيات العربية منها فضائية “فلسطين”، يثير مسلسل “في حضرة الغياب”، الذي يتناول سيرة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش جدلاً كبيراً وواسعاً بين المثقفين والإعلاميين الفلسطينيين والعرب في الداخل والخارج.
فهنالك من رأى ان هذا المسلسل، الذي أنتجه الفنان السوري فراس ابراهيم ويؤدي فيه شخصية درويش هو مسلسل هزيل وهابط يسيء لمحمود درويش، سيد الكلام والرمز الثقافي والوطني الفلسطيني. وثمة من وصفه بـ”المهزلة” و”الرداءة” الفنية وطالب بوقف عرضه على فضائية فلسطين والفضائيات الأخرى.
وبالمقابل هنالك من قال ان المسلسل هو محاولة لتكريم درويش ، رغم الاداء الضعيف لفراس ابراهيم في الحلقات الاولى ، التي بثت حتى الآن . في حين من رأى بانه لا يمكن الحكم على المسلسل من بداياته ، وانه يجب التريث والتمهل ومتابعة حلقات المسلسل حتى النهاية وبعد ذلك الحكم عليه بـ”الاعدام” او بـ “اطلاق سراحه”. .!
باعتقادي المتواضع أن مسلسل “في حضرة الغياب” هو كأي مسلسل آخر في ميزان النقد والتقريظ يلقى قبولاً أو رفضاً، ومن حق كل إنسان أو مثقف إبداء رأيه والجهر به وإنتقاد دور واداء هذا الممثل أو ذاك، أو الإعتراض على النص والمضمون والفكرة والطرح أو القبول بهما. وعليه لا حاجة ولا ضرورة لكل هذه الشوشرة الاعلامية والضجة المفتعلة ضد هذا المسلسل الذي يبقى في إطار المحاولة والتجربة، رغم ضعف أداء الممثل الذي يتقمص شخصية درويش، والأخطاء اللغوية التي وقع فيها أثناء قراءاته لأشعار درويش.
وهذه الضجة في الواقع نابعة من تقديس شخصية شاعرنا الكبير الراحل محمود درويش كرمز ثقافي ساطع، وهو كغيره من اعلام الفكر والادب والفكر والفلسفة لم يكن ولن يكون فوق النقد والمساءلة يوماً.
أما المطالبة بوقف ومنع عرض المسلسل فيندرج في إطار الإكراه والمس بحرية الكلمة والتعبير والرأي، التي ابتدأت بحرق كتب الفيلسوف العربي القرطبي إبن رشد ووصلت حتى مصادرة “قول يا طير” التراثي من قبل سلطة “حماس”. تلك الحرية التي دافع عنها درويش طوال حياته، رافضاً الإكراه ومنادياً بحرية الابداع والحرية الفكرية كجزء من الديمقراطية وحرية الرأي والحوار الديمقراطي العقلاني والحضاري الهادف. ولنتريث قليلاً لنحكم اخيراً على هذا المسلسل.
شاكر فريد حسن.