حِلّوا عنّا وخلّوا الضّبع يوكلنا
تاريخ النشر: 20/07/17 | 12:00نشرت صحيفة كَلْكلسيت الصادرة باللغة العبرية ، والتي تُعنى بشؤون المال والعقارات ؛ نشرت قبل أيام قليلة خبرًا مُحزنًا وفاضحًا يحكي عن صفقة بيع قام بها البطريارك الاورثوذكسي اليوناني ثاوفيلوس الثالث لدوّار السّاعة في يافا – تل ابيب ( 6 دونمات) بمبلغ 5.2 مليون شاقل لشركة من جزر الكاريبي ، اضافة لصفقة بيع اخرى عبارة عن (700 دونم) في قيساريا الأثريّة الجميلة بمبلغ مليون دولار لشركة سينيت فينتروس ( 3.6 مليون شاقل ) ..يا بلاش..بتراب المصاري كما تقول جدتي..
.. والسؤال الذي يطرح نفسه وبلجاجة هو : مَن خوَّل هؤلاء الفرّيسيين حقّ بيع املاك الكنيسة ؛ أملاك الربّ بهذا السّعر البخس للدولة وللأغراب ؟ وأين يذهب هؤلاء القوم بهذه الأموال؟!!
ألم يقرؤوا عن الربّ يسوع أنّه عاش في القفر ولم يجد مكانًا يسند اليه راسه ! ..
من اعطاهم السّلطان أن يُبدّدوا املاك شعب الربّ ليركبوا المرسيدس ويعيشوا عيشة القياصرة ، ثمّ من سلّطهم علينا ؟.
يأتوننا بافواج من صغار أطفال اليونانيين ليتربّوا في كنائسنا واديرتنا ومن ثمّ ليتسلّطوا على الاملاك والكنيسة والرتب الكهنوتيّة، يأكلون كلّ شيء ولا يتركون لشعب الربّ الّا الفتات من المناصب والاموال والقيادة ..
أيكونومس !!!!..هل سمعتم بها ؟ انّها رتبة كهنوتية صغيرة اقصى ما يصل اليها كاهن عربيّ مهما علا كعبُه.. آه نسيت هناك مطران عربيّ مسؤول عن سبسطية قرب نابلس ( ولمن لا يعرف سبسطية خربة قرب نابلس لا يتعدّى مساحتها الكيلومترين مربعيّن خالية تقريبًا من الناس)…
أعرف انه مكتوب : ” رئيس شعبك لا تقل فيه سوءًا” ولكن وصل السّيل الزّبى ، وما عاد في قوس صبرنا من مُنزِع !، فبيع الأراضي وبوتيرة متسارعة وباسعار باخسة وبعثرتها دونما رقيب لا تخدم الكنيسة ولا تخدم الله ولا شعب الله ..تخيّلوا معي 700 دونمًا في قيساريا ؛ المدينة الأثرية الجميلة التي تُقبّل شواطيء البحر المتوسط ، هناك بمقدورنا ان نبنيَ بلدة جميلة وخلّابة لشبابنا المسيحي الاورثوذكسيّ ، الذي يذوق الأمرّين في البحث عن بيت يأويه هو وزوجته – هذا إن تزوّج أصلًا – ..حقًّا نستطيع ان نبني هناك في قيساريا بلدة مسيحيّة اورثوذكسيّة يتنفس فيها شبابنا هواء البحر ويتلذّذون بالأسماك ويعيشون التاريخ والمجد الروماني المجيد.. ولكن هيهات فالقائمون على هذه الاراضي لا يهمّهم الشباب الاورثوذكسيّ ولا يهمهم الاوضاع والضيقات التي يمرّ بها الشباب الاورثوذكسي ، بل يهمّهم التلّذذ والتمتّع وبيع ما لم يتعب بجمعه جدودهم.
قرأت مرّة عن الغبن الشبيه الذي لحق بأهلنا الاورثوذكس في انطاكيا ومناطق اخرى من سوريا ، كيف وقفوا وقفة واحدة و ” تمردوا” ونفضوا عنهم هذا الاستعمار البغيض واعلنوها صرخة مُدوية : لا نريدكم ..نحن ادرى بشعابنا وأحقّ بأراضينا .. نحن نعشق يسوعنا حقًّا ونذوب به حُبًّا ، فكّوا عنّا ..ارحلوا.
ورحلوا…. واليوم انطاكيا واملاك كنيسة انطاكيا للانطاكيين ، ناهيك عن ان البطريارك والمطارنة كلّهم من اهل البلاد .
آه نسيت ان اقول ان اهلهم هناك في اليونان وقبرص يوحّدون الاعياد مع الغرب انصياعًا لأوامر السوق الاوروبيّة المُشتركة ، وامّا عندنا فالامر مختلف..لا للتوحيد … رغم انّنا نعلن وفي كلّ يوم أحد قائلين …” وبكنيسة واحدة جامعة مُقدّسة رسوليّة ”
ما هذا الصمت المطبق الذي يصيب المجالس المليّة الاورثوذكسيّة في البلاد ؟!!
ما هذه السكينة الشبيه بالموت ؟ ما هذا الضعف المستشري في اوصال كهنتنا ؟ عالمين ولامسين الوهن الرّوحيّ الذي يصيب الكنيسة الاورثوذكسيّة في البلاد ، فبالكاد يعرف الاورثوذكسيّ الخلاص والفداء ويعيشهما ؟ وكيف يعيشهما وهم هم إيّاهم يقفون على باب الملكوت فلا يدخلون ولا يدعون غيرهم يدخلون.
صرخة اصرخها من قلب نقيّ لعلّها تجد آذانًا تسمع ، ولعلّها وعساها تجد صدىً فتقول : نحن للرب ، وأرضنا واملاكنا الارضيّة والسماوية لنا ..
صرخة اطلقها بحرارة لعلّ السماء تسمع وتستجيب.
زهير دعيم