لا تفسدوا فرحة النصر
تاريخ النشر: 27/07/17 | 13:13عادة ما تنتهي المعارك حتى ينبرى الناس، كل ليمجد بطولاته وليعرض عضلاته، لينسب هذا النصر لنفسه، مختزلا بذلك دور الآخرين، اما بدافع الانتصار للنفس أو للحزب أو الجماعة، مما يقلل من قيمة النصر الحقيقي ومن قيمة المعركة والتضحيات التي بذلت لأجل تحقيق النصر.
معركة الأقصى هذه الأخيرة ابرزت نوعا أخر من الإرادة مختلفا كل الاختلاف عن الإرادات السابقة، حيث برز من خلالها التآخي والتآلف والتكاتف الذي لطالما ،تتوق إليه الأمة الإسلامية والعربية حيث تمخض عن هذه الإرادة النصر الذي ينعم به الأقصى الآن وترقص بسببه فرحا قلوب كل المسلمين ، نعم كل المسلمين على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم.
معركة الأقصى أو قل مدرسة “الأقصى” أثبتت للقاصي والداني أن الأمة الإسلامية قادرة على التوحد عندما تشعر بأن الخطر يداهم مقدساتها كأمة، حيث لم تدحر بهذا النصر المؤزر أعداء الإسلام والمسلمين فحسب بل دحرت ما قيل يوما ما، أن قضية فلسطين هي قضية الفلسطينيين وحدهم، وأثبتت عكس ذلك تماما، حيث أكدت أن لأقصى هو صميم قضية فلسطين والأقصى قضية كل المسلمين بطبيعة الحال فهو مسرى نبيهم عليه الصلاة والسلام جميعا، مما يجعل قضية فلسطين قضية كل المسلمين أيضا، زد على ذلك أثبتت في الوقت ذاته بأن الشعب الفلسطيني هو حامي قلب الأمة الإسلامية ليس بمجرد الرباط في أراض الرباط بل بالبذل والعطاء على الرغم من قله الإمكانات.
فكل المسلمين في العالم ساهموا في تحقيق هذا النصر فكل من استشهد وكل من شد الرحال وصلى بالقرب من البوابات أو في أي بقعة في القدس وكل من دعا وكل من بكى وكل من تألم بدافع الحب والوفاء للأقصى ساهم مساهمة تامة ومساوية مثله كغيرة، فكل ساهم بمقدوره واستطاعته.
فيا حبذ لو ترفعنا في كل المراحل وفي هذه المرحلة التي تجلى وظهر فيها شعبنا وأمتنا في أجمل ألوان التآخي والتكاتف الالتحام عن نسب هذا النصر لهذا أو ذاك، ورأينا في أنفسنا كتلة واحدة، أمة واحدة، وعن اللجوء لاستخدام المزايدات والتناكف حتى لا نفسد بأي شكل من الاشكال فرحة هذا النصر على أمتنا، فحري بنا أن ننظر إلى الصورة من زاويتين الأولى زاوية أننا قادرين على التوحد والالتفاف حول ألمنا وهمومنا، فأقصانا يجسد ألمنا وهمنا كأمة، والزاوية الثانية أننا قادرين بوحدتنا وحبنا لأقصانا ولبعضنا البعض كمسلمين على تحقيق النصر.
مرة أخرى، لا تجعلوا أقلامكم ومنشوراتكم وخطاباتكم تفسد هذه الفرحة من خلال عرض العضلات والبطولات ونسب هذا النصر لهذا الشخص أو ذاك لهذه الفئة أو تلك لا بل هذا النصر هو ملك للأمة كلها، ولنجعل هذا النصر مدرسة نستمد منها الحب لبعضنا البعض والنظر لبعضنا البعض على أننا أخوة نكمل بعضنا البعض وإن اختلفت مناهجنا ومشاربنا فكنا أخوة يجمعنا الاسلام الحنيف فلا تفسدوا على الاقصى فرحة النصر.
بقلم ابراهيم ابو صعلوك