التناوب في المشتركة بين مصيرين
تاريخ النشر: 01/08/17 | 17:15في الوقت الذي تمر جماهيرنا مرحلة هي الأدق بالنسبة لحاضرها ومستقبلها ، والتي تمثلت بسن واقتراح قوانين غاية في الخطورة آخرها قانون القومية ، وتوجت بأبشع صور التمييز والعزل المتمثلة بضم أجزاء من مدننا وقرانا الى السلطة الفلسطينية ، وتماهي اليمين المتطرف في هجومه الأرعن على وجودنا ، وكأني به يأخذ الضوء الأخضر من أعلى الهرم في اسرائيل ، مستغلا عشوائية العمل العربي في المحافل السياسية والاعلامية الاسرائيلية.
تندلع المعركة بيننا وهذه المرة ليس حول كيفية التصدي لهذه المخططات التي باتت تهدد الوجود وليس مجرد موقف عنصري لمسؤول أو تمييز في ميزانيات أو الى ما هنالك من هذه القضايا الجانبية التي يتسابق على ابراز دورهم في حلها او طرحها اعضاء الكنيست الاسرائيلي العرب ، بل تشتد وطأتها وتتحول الى حديث الساعة في كل بيت ، وتتقزم أمامها كل تلك القضايا المصيرية بالنسبة لنا ، والجانبية بالنسبة للمتخاصمين، الذين يرون في دخولهم الى كنيست اسرائيل من عدمه هي القضية المصيرية ، وأنها مسألة حياة أو موت، الى درجة الوصول الى ما يشبه التهديد.
انها معضلة التناوب ، نعم التناوب في الكنيست الاسرائيلي ، اي ان يتنحى أحدهم عن القيادة لغيره ليواصل حمل الراية وينطلق الى جانب رفاقه ليعلو الصوت المطالب بوقف العنصرية والتمييز وتحقيق المساواة ، اي بمعنى أدق الانضمام الى الجوقة والغناء على نفس اللحن الذي ارتسم لنا منذ عقود.
أمام هذه القضية المصيرية التي سيخسر فيها البعض مجده ويغيب نجمه في أوج عطائه ، ويدخل الى الساحة متحمس آخر للعمل الجديد يعتزم الوصول الى المعركة الانتخابية القادمة وهو يتمتع بمكانة وحصانة ولقب وبكل الامتيازات التي تساعده بلا شك في تمرير اجندته والمشاركة في كل المحافل ، فلتتوقف قضايانا المصيرية وتنتظر ، فلتتوقف كل الاجراءات والممارسات ولتتعطل الاجراءات التنفيذية وتنتظر الانتهاء من المعضلة التي نحن بصددها والتي تشغل الرأي العام ، وهي ان نكون او لا نكون ، فالقضية متعلقة بمصير وهيبة وجودنا وكياننا.
لم اتحمس يوما الى فكرة الشراكة الشاملة ، بمعنى ان يتخلى الجميع عن برامجهم ويتصافحوا على مضض من اجل غاية في نفس يعقوب وليس ارادة شعب ، بل ان غالبية جماهيرنا تدرك اليوم ان التعددية هي الأساس لنجاح مشروعنا ، والى من يشكك في تجاوز نسبة الحسم ان ذهبنا فرادى نقول فلنذهب في معسكرين يكونان متفقان على فائض الأصوات ، بدلا من الشراكة الشكلية التي قد تتفكك امام ابسط واتفه الامور ، ان لم نقل انها مفككة بمفاهيم العمل المشترك.
ان الأزمة الحالية في مسألة التناوب خلقت حوارا جديا وشاملا في أوساط جماهيرنا حول مصداقية العمل المشترك ، ودفعت السواد الأعظم من أهلنا الى التفكير بجدية في مستقبل العمل السياسي الذي أرادوه عقلانيا يحفظ لهم الكرامة والمساواة بعيدا عن العشوائية والارتجالية والتحاصص والانهماك في الذات الحزبية والشخصية ، ما جعل الأرضية خصبة اكثر من أي وقت مضى لتسريع وتيرة سن القوانين العنصرية ضدنا استنادا لخطابنا المتهور.
وحرصا منا على أن تسود ثقافة العمل السياسي وتتطور ، نرفض أولا التحرك غير المسؤول الذي قد يجلب لنا الويلات خاصة في ظل المعادلات والموازين في الشرق الأوسط التي نخشى ان نكون نحن الضحية القادمة لايجاد حل للقضية الفلسطينية من خلال اعادة رسم الخريطة الجغرافية وتجزئة كياننا المتماسك وعزلنا عن بعضنا البعض من خلال جدران قد تكون حلا يوافق عليه المجتمع الدولي في خطة جديدة تسعى اليها اسرائيل لتقلل من الوجود العربي وابقاءه يتراوح بين 10% الى 15% ليتحول هذا الوجود الى هامشي لا قيمة له أمام الغالبية اليهودية ، مع الأخذ بعين الاعتبار زيادة عدد الاعضاء في الكنيست الاسرائيلي الى اكثر من مائة وعشرين كما هو الحال اليوم ، وبهذا يضمن صناع القرار في اسرائيل سهولة التعامل معنا كأقلية قومية طيلة ثلاثة عقود قادمة على الأقل ، هذا بالاضافة الى الاستمرار في سياسة الانتقاء بيننا للدمج وسهولة الضغط على الأقلية الاخرى التي ستتحول الى هزيلة ترتضي بالواقع من موقف الضعف.
تجنبا للسيناريوهات المطروحة لا بد من التوقف فورا عن مهزلة التناوب والصراع على القيادة المزعومة وجعلها هامشية ، والالتفات الى وضع خطة عمل مدروسة ومهنية عالية لتجنيبنا الخطر المحدق بنا وهذه المرة بوجودنا .
ومن هنا لا بد للجنة المتابعة من اخذ دورها السريع والعزوف هي ايضا عن نهجها التقليدي وتحمل المسؤولية ووضع حد للخلافات الجانبية ، لأن صوتها لم نسمعه منذ اندلاع ازمة التناوب وكأن الخلاف يحدث بين جماعات تتقاتل من خلف المحيطات والبحار.
كما ان لجنة الوفاق التي بشرت بولادة شراكة عربية هي الاولى من نوعها مطالبة اليوم بموقف حازم مهما كانت النتائج ، لأن جماهيرنا لا تريد ان تنصرف انظارها الى دخول فلان وخروج علان ، بل تريد عملا مشتركا لوقف سياسة الخطر الداهمة باتجاهها ، والا فليس من حق احد ان يلومها بتصرف عقابي نشهد ارهاصاته حاليا.
بقلم: محمد السيد/ رئيس حركة كرامة ومساواة