إبقاء الكلمات على أسماء أصحابها
تاريخ النشر: 04/08/17 | 0:54لا أعرف سببًا لترجمة كلمة أجنبية سُميت باسم صاحبها، فكلمة (بنطلون) هي على اسم
رجل دين كاثوليكي إيطالي اسمه (بانتالوني) عاش في القرن الرابع في فينيسيا، وقد كان تاجرًا بخيلاً.
وكان أن أطلِق هذا اللفظ على السروال الذى يرتديه من يمثل على المسرح دور التاجر الإيطالي البخيل.
كان الممثل يرتدى سروالاً جديدًا فى شكله، إذ لم يكن هذا اللباس شائعًا، حيث أننا نضع كل رجل في جانب منفرد من اللباس- يمينًا ويسارًا.
يقال إن المسرح ضج بالضحك طويلاً على منظر اللباس الجديد- الذي نراه اليوم مألوفًا جدًا.
لماذا نحظر الكلمة بالعربية كما هي (بنطلون)- وهي في عدد كبير من لغات العالم، وهي تحمل اسم صاحبها؟
إنها أولى من لفظة (السراويل)، التي هي في الأصل فارسية (شَـلْوار).
بنطلون- هي الشائعة، ومن أحب أن يقرّبها للصوت العربي- بِنطال، فلا بأس!
ساندويتش:
كنت قرأت أن “الساندويتش” كان يأكله مقامر اسمه جون مونتاغو (نحو 1765م) حتى لا يترك طاولة القمار ولو لدقيقة، ويقال إنه هو الذي استخدم الكلمة.
في رأيي- ليس خطأ أن نبقي الكلمة على أصل تسميتها- ما دامت شائعة في أكثر من لغة؛ ولا بأس من استخدام كلمة (شطيرة)، فهي ملائمة، وقد أقرها مجمع اللغة العربية.
أقرها المجمع (شطيرة، وجمعها شطائر) وليس كما افتُريّ على أعضاء المجمع أنهم ترجموها-
“شاطر ومشطور وبينهما طازج”، ومنهم من تجنّى ليدخل كلمة ليصعّبها أكثر، وقال:
“…..وبينهما كامخ”- أي إدام= ما يوضع على الخبز من طعام.
فمعجم (الوسيط) لم يورد إلا “شطيرة”، وهي التي عرَّفها المجمع بأنها “خبزة تشق ويوضع فيها الإدام”، وكتب بجوار التعريف “محدثة”- أي أنها من الكلمات التي استحدثت في العصر الحديث، ولم تكن للعربية بها سابق عهد.
شاعت عبارة “شاطر ومشطور وبينهما طازج/ كامخ” تهكمًا على المجمع بسبب ما يدّعون أنه يعقّد اللغة.
نقل الكاتب إبراهيم عبد المعطي متولي في موقع “الجمعية الدولية لمترجمي العربية” كلمة للعقاد نشرت في كتاب “هل تنتحر اللغة العربية؟” الذي ألفه رجاء النقاش، وإليكم ذلك:
يقول العقاد:
“وقد شاع في وقت من الأوقات أن المجمع يترجم كلمة “السندويتش” بالشاطر والمشطور وبينهما طازج، ولو شاع هذا عن دار للمجانين، لوجب على السامع أن يتردد فيه، وإنما اقترح المجمع كلمة “الشطيرة”، وهي ترجمة حسنة جدًا للكلمة الأجنبية -“سندويتش” التي لا يزيد معناها على اسم رجل كان يأكل هذه “الشطيرة” من الطعام بين حين وحين”.
يسوق الكاتب إبراهيم متولي رأي أنيس منصور أن عبارة “شاطر ومشطور وبينهما طازج” أطلقها الشاعر كامل الشناوي.
يقول أنيس في مقال بعنوان “الشاطر والمشطور والقهوشية” على موقع جريدة (الشرق الأوسط):
” أشهر ما نسب إلى المجمع اللغوي ما ابتدعه الشاعر كامل الشناوي عندما أراد أن يعرّف السندوتش فقال: “شاطر ومشطور وبينهما طازج”، وانتشرت هذه العبارة على أنها من إبداعات المجمع اللغوي مما أضحك الناس عليه”.
يضاف إلى ذلك الأنواع والأصناف التي من الطبيعي أن تبقى على أسماء أصحابها، فنحن نقول اليوم: اشترى مرسيدس- (بحذف المضاف- سيارة)، وسيارته ديزل، وأكل في الماكدونالدز…إلخ
ومن المنطق عدم التحفظ من هذه الكلمات، فهي مرتبطة بأسماء لها علاقة بها.
إليكم بعض ما جمعته في هذا الباب:
المرسيدس- السيارة المشهورة في العالم (مرسيدس)، وشعارها النجمة الثلاثية للاستخدام الثلاثي (أرض، بحر، جو)، فتعود إلى مرسيدس يلنيك ابنة إميل يلنيك الذي كان ينظم سباقات شركة دايلمر كرايسلر، منتجة السيارة، وبما أنه متفائل بمعنى اسم ابنته الإسباني= النعمة والبركة، فقد كان يسمي به سيارة السباق، وللفوز المتكرر أصبح اسم ابنته اسم أشهر وأفخم السيارات في العالم.
وبداهة فنحن لا نترجم كلمة (مرسيدس).
ومثلها (فورد)- السيارة الأميركية المعروفة- نسبة إلى المهندس والمخترع الأميركي هنري فورد الذي أنشأ في أوائل القرن العشرين شركة لصناعة السيارات تحمل اسمه، وهي من أكبر شركات صناعة السيارات.
كلاشينكوف- الرشاش الروسي المعروف- نسبة إلى مخترعه ميخائيل كلاشينكوف، وهذا الرشاش هو الرشاش الأشهر في العالم.
ذكرني ذلك باسم الرشاش (عوزي) فهو نسبة إلى مصمم الأسلحة الإسرائيلي جال عوزي، وقد ذاع صيته بابتكاره الذي حمل اسمه، واعتمده الجيش الإسرائيلي عام 1951.
ديزل (محرك ديزل) اخترعه المهندس الألماني رودلف ديزل (ت.1913م) وهو محرك الاحتراق الداخلي الذي يستعمل فيه الوقود النفطي الثقيل، أصبح منذ تسجيله عام 1892 منافسًا للآلة البخارية والتربين البخاري والمحرك الكهربائي، خصوصاً في الأعمال البحرية والقاطرات وعربات النقل والمولِّدات الكهربائية والمضخات.
فارنهايت (أنبوب قياس الحرارة) نسبة إلى دانييل فارنهايت (ت. 1736م) الذي اخترع أنبوبًا لقياس الحرارة، ورسم عليه سلم قياس، سماه فارنهايت على اسمه هو.
عدّل عالم الطبيعة أندرس سلزيوس (ت.1744م) سلم فارنهايت، فجعل درجة تجمد الماء صفرًا ودرجة غليانها مئة درجة، وقسم ما بينهما إلى مئة درجة سماها مئوية. ونحن نسيمها درجة سلزيوس على اسم صاحب السلم الجديد.
واط – وحدة الطاقة الكهربائية- نسبة إلى المهندس والمخترع السكوتلاندي جيمس واط (ت. 1819م).
الماكدونالدز- نسبة إلى Dick و Mac McDonald اللذين أقاما شبكة المطاعم سنة 1948.
وفي الملابس نجد مثل ذلك نحو (الشانيل) نسبة إلى سيدة فرنسية في عالم الموضة- كوكو شانيل.
هل تعرفون اسمًا لعربي أصبح عالميًا؟
سأضيفه إلى هذا المقال.
ملاحظة: كلمة (انتفاضة) دخلت المعاجم في لغات عالمية.
ب. فاروق مواسي