الصبر على الإبتلاء
تاريخ النشر: 12/09/17 | 14:40بسم الله الرحمن الرحيم
فيخبر سبحانه أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن ، ليتبين الصادق من الكاذب ،
والجازع من الصابر ، وهذه سنته تعالى في عباده ،
كما قال سبحانه : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) محمد/ 31 ،
وقال عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) [الملك/ 2
فتارة بالسراء ، وتارة بالضراء من خوف وجوع ؛ فإن الجائع والخائف كل منهما يظهر ذلك عليه ،
قال تعالى : ( بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ) أي : بقليل من ذلك ؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله ،
أو الجوع ، لهلكوا ، والمحن تمحص لا تهلك .
( وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ ) أي : ويبتليهم أيضا بذهاب بعض أموالهم ،
وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية ، وغرق ، وضياع ،
وأخذ الظلمة للأموال من الملوك الظلمة ، وقطاع الطريق وغير ذلك .
( وَالأنْفُسِ ) أي : ذهاب الأحباب من الأولاد ، والأقارب ، والأصحاب ،
ومن أنواع الأمراض في بدن العبد ، أو بدن من يحبه ، ( وَالثَّمَرَاتِ )
أي : الحبوب وثمار النخيل والأشجار كلها والخضر ، ببرد ، أو حرق ،
أو آفة سماوية من جراد ونحوه .
فهذه الأمور، لا بد أن تقع ، لأن العليم الخبير أخبر بها ،
فإذا وقعت انقسم الناس قسمين : جازعين وصابرين ، فالجازع ،
حصلت له المصيبتان ، فوات المحبوب بحصول هذه المصيبة ،
وفوات ما هو أعظم منها ، وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر ،
فرجع بالخسارة والحرمان ، ونقص ما معه من الإيمان ،
وفاته الصبر والرضا والشكران ، وحصل له السخط الدال على شدة النقصان .
وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب ، فحبس نفسه عن التسخط قولا وفعلا ،
واحتسب أجرها عند الله ، وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له ،
فهذا قد صارت المصيبة نعمة في حقه ، فلهذا قال تعالى : ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )
أي : بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب .