يوم المُعلّم بَحْ
تاريخ النشر: 16/08/17 | 2:36لم تكن عبلّين البلدة الوحيدة عام 1986 حين عيّنت واحتفلت به بيوم للمعلّم ، دعت فيه المعلّمين والمُعلّمات المتقاعدين والعاملين ، وأسبغت عليهم الثناء والمديح في حفلةٍ صغيرة تخللتها الموسيقى والغناء والكلمات والدّروع التكريميّة البسيطة بثمنها والكبيرة في معناها وأثرها ، ناهيك عن البوفيه الجميل والبسيط الذي جمع المعلمين بإلفة حوله، فرفَلَ المعلّمون وقتها بسربال الشموخ وتهادوا برداء المجد ولو لساعات، واستمرّ هذا النهج الجميل لسنوات عديدة انقطع حبله قبل اكثر من 10 سنوات وما زال منقطعًا.
سقى الله تلك الأيام….يوم كان للمعلّم وجود وهيبة ويوم وتقدير ؛ هذا المعلّم \ة الذي يتعب في بناء النفوس وزرعها بمنتور الاخلاق وزنابق المحبّة ورياحين العلوم.
والنتيجة نراها على أرض الواقع : ولا أريد أن أعمّم ، ولكن الأمر يحِزُّ بنفسي أنا الذي قضيت 37 عامًا في سلك التدريس ، هذه المهنة المُقدّسة ، ولو عادت بي الايام وخُيّرتُ لاخترت من جديد هذه المهنة دون سواها ، ألَم ينادي التلاميذُ الربَّ يسوع : يا معلّم.
نعم النتيجة نراها اليوم وعلى أرض الواقع : العنف ، المُسدّس ، المخدِّرات ، المطاردات البوليسيّة ، الاخلاق الباهتة ، ممّا أفرغ هذه المهنة من قُدسيتها ومن مضمونها ، فأضحى المُعلّم ” يمشي الحيط الحيط ويقول يا ربّ السُّترة”.
انّه لا يريد ان يزور بيت خالته ، ومركز البوليس ، وسين وجيم .. يهمّه أن يمرّ اليوم والشهر على خير ويقبض الرّاتب، فلماذا وجع الرأس ؟ حفظ فلان القصيدة أو لم يحفظها ، او قدّم علّان البحث أو لم يقدّمه ، فألأمر سيّان ” حِلّي عن ظهري بسيطة” ..كلّ هذا والسلطات المحليّة العربيّة كلّها أو في سوادها الأعظم في وادٍ آخَر، فلا تكريم للمعلّم ولا تقدير ، ولا ندوات أدبيّة ولا اجتماعية أو تربويّة، بل الأدهى فهناك من يتدخّل في التعيينات والتوظيف مستغلًا سلطته ، فيعمل جاهدًا على تعيين من يخصّه أو تخصّه حتى ولو أنّها ما زالت فجّة ولا تستأهل ، المهمّ القُربى من الصّحن ! وتمتّ بالقربى للمفتّش علّان أو للرئيس شعلان أو النائب صحيان ونعسان ، فالعائلة عادت من جديد ترفع رأسها ؛ ترفعه فوق حتى ولو فوق الانقاض والفشل والإحباط.
” تبكي كلّ الامهات ولا تبكي أمّي” يقولونها بصراحة… حقيقة هناك من يعتقد أن السلطات المحليّة “عِزبة ” خاصّة ..وهناك من يعتقد ان توظيف الطاقات بالحجر سيزهر معها البشر وستعبق النفوس بشذى التميُّز.
لا يا سادة ..دعونا نُوظّف طاقاتنا في المُعلّم أولًا فنكرّمه وندعمه ، وفي من يستأهل ويستحقّ ، وفي نفوس الطّلّاب أولًا أيضًا فنزرع هذه النفوس دفئًا ومحبّةً وأدبًا وأخلاقًا.
لا ابالغ ان قلت انّ القاصي والدّاني يعلم ويعي أنّ الشعوب تترقي وتتقدّم بالعلم والتربية والتعليم وبمدى تضحياتها في سبيله، فما نزرعه في التربية والتعليم سنحصده قريبًا وبعيدًا قمحًا جميلًا طيّب المذاق ، وحضارة نرفع بها رأسنا ونشمخ ونلحق ركب الانسانية الذي يعدو ولا ينتظر أحدًا، وما إكرام المعلّم الّا جزء من هذه الزراعة الجميلة في حقل المستقبل.
أترى هناك من يسمع في بلدياتنا ومجالسنا المحليّة أم انّ الآذان مملوءة بالطين والعجين ؟!!!
زهير دعيم