الأديب حنا أبراهيم يستضيف أعضاء الصالون الأدبي

تاريخ النشر: 16/08/17 | 15:51

*قام أعضاء الصالون الأدبي في قرية دير الأسد بزيارة الروائي والشاعر والصحفي حنا ابراهيم في بيته المتواضع في قرية البعنة للتعرف عليه عن كثب، ومحاورته حول نتاجه الأدبي، وتهنئته بعيد ميلاده التسعون الذي سيصادف قريبا.
شارك في الزيارة كل من: دانا أمون، حسن أمون، غزل أسدي، سيرين أسدي، كمال ابو زيد، عدن صفي، آمنة عمر نعمة، مريم صنع الله وزينة صنع الله وبمرافقة الكاتبة ميسون اسدي مؤسسة الصالون الأدبي.
وتواجد في اللقاء الكاتب والباحث سهيل عيساوي ابن قرية كفر مندا ليحظى بزيارة الكاتب في بيته حيث تربطهما اواصر الصداقة منذ أمد بعيد.
افتتح اللقاء وتولى عرافته كمال أبو زيد الذي اعطى نبذة عن حياة الكاتب وابداعاته وقام النقاد الصغار بتوجيه الاسئلة على خلفية ما قرأوه من قصص قصيرة واشعار الكاتب حنا إبراهيم، وأجاب الكاتب على جميع الأسئلة برحابة صدر وأثنى على اهتمام الصغار بالأدب والادباء بشكل عام.
وقد اختار اعضاء الصالون الادبي قراءة القصص التالية للكاتب: ذنب قديم، المتسللون، ريحة الأرض، عن الانسان السعيد، تحية العيد، ريبورتاج وبعض من قصائده الشعرية.
سؤال: ما المعنى والغاية من وراء قصتك المتسللون؟
– حول قصة المتسللون، يقول الكاتب: هي قصة خيالية مبنية على الواقع، ففي قرية دير الاسد كان شاب اسمه مصطفى الرافع، شاب قبضاي ولم يكن معه بطاقة هوية اسرائيلية، فبعد نكبة 1948، كان يسافر الى لبنان ويعود ومعه اناس من اهل الدير بدون بطاقات هويات ويرجعهم إلى البلاد فكمن له شرطي يهودي يدعى ابو خضر وقتله رميا بالرصاص في قرية دير الاسد وكتبت الجرائد ان هؤلاء المتسللين يأتون مع سلاح ويعودون بلا سلاحهم، اي انهم يعطون سلاح للعرب للقيام بثورة ضد اليهود، فعندها كتبت قصة عنوانها المتسللون وهم ناس مطرودين من بيوتهم فقراء لاجئون وعائدون إلى بلادهم ولا سلاح معهم.
سؤال: في قصتك ريبورتاج هل الصحفي هو أنت؟
– نعم هو أنا، كل القصص التي كتبتها لها اساس من الواقع، فأنا اكتب حتى اثقف شعبي، وأنا أحب جميع قصصي. وقصة المحاجر التي عمل بها اهل قريتي البعنة ودير الأسد، فقد كنت عندما اجد عمل في المحاجر اهيّص كثيرا وأعمل من طلوع الشمس حتى مغيبها وبعدها اعمل في فروع الحزب وتطوعا دون مقابل وفي قصة “ريبورتاج” انا بطل القصة، لما كنت حجار كان شريكي محمود اعمر ابو عبد الرحمن من دير الاسد، وكان مخاوي ابي، كنا شباب نقطع الصخور ونصنع منها الرخام وبيتي بنيتة من الحجارة التي قطعتها من المحجر واستوحيت هذه القصة عن القهر السياسي والاجتماعي من العمل في المحاجر.
سؤال: هناك قصة تتحدث بها عن شجار وقع بين سكان قريتين، هل القصد قريتي دير الاسد والبعنة وما القصة وراء هذا الشجار القديم؟
– عدو أهل البعنة ليس اهل الدير بل من أخذ أرض كرمئيل وصادر اراضي البعنة والدير، فقد حدث الشجار عندما دهس سائق من قرية البعنة وهو فريد ابن خالي، شابين من قرية دير الاسد وهما أعز اصدقاء عندي، ارادا الانتماء الى الحزب الشيوعي وكان علي الالتقاء بهما لتعبئة استمارة الانتماء للحزب، فكانت مصيبتي كبيرة كمصيبتهم لأنهم اصدقائي، عملاء المخابرات طلبوا من امرأة ان تدب الصوت وأملوها ما تقول، ومثلما طلبوا منها فعلت: يا فلاحين يا أهل البلد يا شباب.. ان نصارى البعنة ذبحوا أحمد العبدالله بالفواريع.. فقاموا شباب الدير بالهجوم على قرية البعنة وحرقوا اربعة بيوت للنصارى في قرية البعنة وأظن ان البوليس اطلق الرصاص على احد المهاجمين وهو محمود الشاكر ابن قرية دير الاسد وقتله لإشعال نار الفتنة بين القريتين المتجاورتين، لانهم خططوا لمصادرة أرض كرمئيل ولم ينجحوا بذلك لأننا كنا ننزل رجالا ونساء بالمئات والالوف، البعنة والدير ونحف ننزل على اراضينا ونقول لليهود: استرجوا اطلعوا!!
عند الهجوم نزلت وحسبت حالي صديق للكل والناس تصيح ارجع يا مجنون، ولا يمكن ان انسى ما حدث حينها بين القريتين.. عشرات الرجال تركض، سألت أول من قابلته وجيه الرشيد: شو القصة؟ فقال فلان وفلان دهسهما فريد واعطوك عمرهما.. سمعت أحدهم يركض ورائي وكان الراكض ابو سرور صديقي من دير الاسد، وقال: يا رفاق هناك جُهل بدهم يحرقوا بيوتكم.. وكان ابو سرور ابن عشرون سنة وعندها عرفت ان الدنيا بألف خير اذا الشاب يتكلم بعقلانية فالدنيا بألف خير ومن يومها وانا وابو سرور اصحاب، او هو اخ لي لم تلده امي وكان يقول لي “يا خيّا” إلى أن مات وكتبت له قصيدة رثاء.. تدخلت الجاهات واصطلحنا وبانت الحقيقة وأن الحق ليس على السائق الذي قتلهما ولكن عملاء المخابرات استغلوا هذه الحادثة، وراحت الارض.. أهل البعنة لم يكن معهم سلاح واذا كان احدا معه سلاح يكون من المتعاونتين مع الشرطة، وكانت الدير والبعنة بلد واحدة.. فهم اليهود انهم لن يحصلوا على اراضينا الا بذبحنا، وهذه بهدلة لليهود، ذبح هتلر 6 مليون يهودي، والآن اليهود يريدون ذبح العرب، هذه عزارة ما بعدها عزارة، وهذه طريقة ما بتوفي معهم، بدهم طريقة أخرى فالشرطة بدأت تعمل على توتر الوضع.. اضرموا الخلاف بين اهل الدير والبعنة ووقع الشجار بينهم، ب15/8/1961 وصودرت اراضيهم في 10/10/1961 والقانون ينص انه خلال 60 يوم اذا لم يكن هناك اعتراض للمحكمة العليا تضيع الارض، لم نستطع الاجتماع بسبب الخلاف بين القريتين.
سؤال: هل ما زلت تكتب؟
– كتبت الكثير، انا اهدي الكتب والمعظم لا يقرأ، لمن سأكتب الآن، الناس لا تقرأ، اهديت كتابي لصديق وبعد مرور عام اتصل بي، وقال اهديتني كتاب منذ عام وفي الآونة الاخيرة مرضت واردت ان اتسلى فقرأته بعد مرور عام واعجبني جدا جدا. الكتابة لا تحل مشاكل الشعب ولكن يمكنها تجنيده.
سؤال: بعد ان مررت بتجارب حياة كثيرة من هو الانسان السعيد؟
– الانسان لا يمكن ان يكون سعيد لوحده، يجب ان يكون شعبة ايضا سعيد، عندما صادروا ارضنا لا يمكن ان اكون سعيد وحتى الآن لم يعوضنا بقشة والقضية ما زالت في المحاكم.. اذا كان الناس سعداء من حولك فانت سعيد، اما اذا كان هناك بطالة وجوع واحتلال لا يمكن ان تكون سعيدا، بنيت بيتي من الغروزة للسقف انا بنيته، كان ابي فلاح وأكل من كيسه، من قمح أرضه وزوجتي ابنة خالي وهي تحملت معي المشاق، تزوجت في سن 21 عاما وعندي 3 اولاد و 3 بنات وانا سعيد بقسمتي وما حظيت به.
سؤال: ريحة الارض نشمها في معظم كتابتك؟
– انا حجار وبلاط ومعمرجي وموسرجي وأول عربي عمل في المجاري ولي يدين من ذهب ولكنني لم أجد عمل حتى اصبحت رئيس مجلس محلي، واستطعت ان اتجول واسافر براحتي. جُعت بكل معنى الكلمة ولم يحضنني حزبي الذي انتميت له.. شعب عايش كل واحد همه نفسه، استولى الانجليز على بلادنا. صارت ثورة لم يكن سلاح ولا قيادة. كل واحد يشتري برودته من كيسه. باع ابي فدان واشتري بارودة وشارك في ثورة ال 36. لم يأخذ قرش من أحد. متنا من الجوع كنا عندما امي تطبخ مجدرة نبات شبعانين، هذا الوضع يجعلك تيأس، لأنّ خيرات البلاد للإنجليز، لماذا يعطون أرضنا لليهود.. اعطوا الانجليز لليهود نصف البلاد، الم يكفيهم ذلك، الواحد يجب ان يعرف التاريخ وموقعه من التاريخ، قسم منا مشى مع العدو، وانا مشيت مع الحزب الشيوعي دخلت الحزب وهو غير مرغوب به عند اليهود، 30 سنة ولم احصل على تسهيل للحصول على العمل، قالوا لي: اترك الحزب وخذ الوظيفة التي تشاء.. عملت في شركة السوليل بونيه بناء وبلاط، واحبوا عملي، عملت بقوة اربعة عمال. قدمت طلب للبوليس حتى أحصل على وظيفة، دبرت عشرة ليرات ورشوت البوليس الانجليزي لأحصل على عمل، درست قوانين الشرطة وحفظتها كلها عن ظهر قلب، وبعد اربعة أشهر من انهائي للتعليم، استدعوني اعلم قانون في مدرسة الشرطة حتى نهاية الانتداب الانجليزي في البلاد. بدأت العمل في الشرطة الانجليزية سنة 1945وانا ابن 17 سنة ولكنني زيفت جيلي فانا طويل القامة. كنت معلم قانون في سن 18 عام وكلهم اكبر مني وكنت اعلم وكان رجال الشرطة من العرب ضمن البوليس الانجليزي. التحقت بالحزب الشيوعي لأنه اعطى حل ان نقبل بتقسم البلاد.. عام 1948 عدوا سكان الجليل وكانوا 155 الف وأنا كنت من بين من عملوا احصائيات لأهل الجليل. لا يريد بن غوريون، عرب في البلاد، رفض اعطائهم هويات، بل ل %80 سمح بتصاريح الاقامة الموقتة و 20% من العرب -جماعة اليهود يأخذون هوية، وممكن طرد اصحاب التصاريح عند تجديدها. كنا اربعة شيوعين في البعنة رمزي الخوري، جمال موسى نديم موسى، جمال ونديم ليسوا من البعنة هم من أبو سنان وسكنوا في حيفا وعندما سقطت حيفا رجعوا الى بلد امهم البعنة، نحن انتبهنا لهذه الشغلة، اقنعنا الناس بأن نذهب لمحكمة العدل العليا. لم ننجح في مجد الكروم وجديدة والمكر بأقناع أحد ليقدموا شكوى، وافقوا في مجد الكروم وعندما احضرت وكالات المحامي رفضوا التوقيع عليها. في البعنة منعنا الناس من اخذ هويات حمراء، سنذهب الى محكمة العدل العليا. خاف واليهود في تلك الفترة ان يكون عندهم صيت عاطل، يريدون طرد الفلسطينيين بطريقة لبقة وليس كما فعل بهم هتلر.. نجحنا في المحكمة وحصل اهل مجد الكروم والبعنة والدير على الهوية الإسرائيلية وبقينا في اوطاننا. لم تصفق لنا الزعامة ولم ترفع من شأننا ولا من قيمة حنا أبراهيم ونحن البعنة الحمراء ليس بزعامة الحزب الذي انتمت له بل بعملنا وكدنا ونشاطنا.
كيف أصبحت رئيس المجلس في قرية البعنة؟
– عندما كنت رئيس مجلس البعنة لمدة 5 اعوام، عائلتي لم تصوت لي، لأنني ناسبت الاسلام، فعائلتي اعتبرت هذه الخطوة ليست في مكانها، غير صحيحة، وقسم من عائلتي كان داعم لأحزاب الحكومة، فأعطت الحكومة لعائلة الياس 8 نمر تاكسي بشرط أن يبتعدوا عن حنا ابراهيم، وكان الحصول على رخصة تاكسي في تلك الايام كمن يربح في هابيس في يومنا. حصل اولاد خالي وهم 5 اخوة خمسة على نمر التاكسي، وفعلا ابتعدوا عني ورغم ذلك نجحنا في الانتخابات وصار اسم البعنة الحمراء. نعم عائلتي لم تكن بصفي، ولكن كل البلد صوتت بجانبي ارادوا ان اكون رئيس بالتزكية.
قصيدتك الى اخي خلف الخط الاحمر، من هو اخوك؟
– هذه القصيدة اخذت عليها وسام القدس من ياسر عرفات، اخي هو الفلسطيني في كل مكان، نحن الفلسطينيون اخوة وشعب واحد، نحن نعيش في اسرائيل وآمل ان تقام دولة فلسطين، حتى الآن هم ضائعون شعورنا تجاههم شعور الاخ لأخوه. نحن لن نترك اسرائيل لأنها ارضنا، يريد اليهود طردنا وعلينا التشبث بالأرض، قبل قام اسرائيل وزعنا مناشير لنوافق على التقسيم سنة 1946. رفض العرب التقسيم ولكن نحن كشيوعين وافقنا عليه وزعنا منشور في الليل. كتب المنشور الاحزاب الشيوعية في العراق ولبنان وسوريا وعصبة التحرر الوطني في فلسطين. احضرنا المنشور من حيفا الى كفر ياسيف انا ونديم وكمال غطاس، وفي منتصف الليل وزعناه في الجليل 1000 نسخة فحواها: يا عرب اقبلوا بالتقسيم.. فاعتبرونا خون وفسدوا عننا اننا نوزع المنشور..
من شجعك على الكتابة؟
– عندما كنت تلميذ في ثانوية عكا، كان معلمي اسمه يعقوب من قرية البقيعة، يعطينا مواضيع انشاء وهو من شجعني بدأت اكتب منذ سنة 1948 كنت اكتب في جريدة “الاتحاد” وتعرفت عليها. كانت امي تشعل قنديل نمرة اربعة ليضيء ليلنا وكانت امي تعترض على إضاءته، فاطلع اقرا على السطح على ضي البدر. كنت احب القراءة وما اقرأه يسجل في دماغي.. لا تغير الكتابة التاريخ، بل توثقه ، الكاتب لا يفيد شعبه بكتابة القصة، ولكن العمل بجد مثلما فعل اوائل المسلمون حين أسسوا الدولة الاسلامية، النبي والصحابة بنوا امة من قبائل تتقاتل إلى ارقى أمة في ذاك العصر، يا ريت نتعلم من تاريخنا..
أنا شيوعي وغير منتظم حزبيا
– كنت عضوا في الحزب الشيوعي إلى أن تم فصلي بعد أن اتهموني بأنني أجلس مع أعداء الحزب مثل صليبا خميس الذي تم فصله من قبل، وأن ابنتي تكتب في صحيفة معادية وغيرها من السخافات.. طلبت محاكمتي إذا أخطأت، لكنهم فصلوني دون ذنب اقترفت، وصرت كما قال الشاعر: “إذا غَضِـبَـتْ علـيـكَ بـنـو تـمـيـمٍ…حَسِبْـتَ الـنـاسَ كُلَّـهُـمُ غِضَـابـا”.. ولكن فصلي من الحزب، لم يجعلني فكريا غير شيوعي، فأنا شيوعي وغير منتظم حزبيا.
حنا ابراهيم كاتب من بلدنا
اختتمت اللقاء الكاتبة ميسون أسدي وقالت: لم أدر كيف أعبّر عن مشاعري وأنا أقرأ قصصك، هل أحزن وأشاطر أبطالك همومهم، أم أفرح لأنني اكتشفت كاتب أستطيع أن أقدمه للعالم وأقول بكل فخر: هذا الكاتب من بلدنا.. أم أكتف بالنشوة التي غمرتني وانا أنتقل من كلمة إلى كلمة من ما خطت يداك؟
شيء واحد رغبت في فعله بشكل مؤكد، وهو أن أقدم لك باسم جميع أبطال قصصك، وخاصة النساء منهن، ابتداء من سعدية سيئة الصيت، التي رفعتها إلى مقام الأبطال، وانتهاء بالعروس وداد التي ستحبك أكثر بعد أن قدمت لها اعتذارك أمام جميع البشر.. باسم جميع هؤلاء، نشكرك ولا نخجل إذا تحدثت باسمنا وإلينا نساء ورجالا وأطفال وعجائز.. فأنت أفضل من يمثلنا بكلماتك التي تصلح لتكون أغنية شعبية يغنيها كل محب وغيور على وطنه..
باسمي وأسم أعضاء الصالون الأدبي في دير الأسد، نتقدم بأسمى آيات الشكر لك على استضافتك لنا
وقدم اعضاء الصالون للكاتب هدية وهي عبارة عن رسمة كاريكاتير رسمها له الفنان المصري سمير عبد الغني، وهو فنان مصري، ولد في1967عضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للكاريكاتير واتحاد الكاريكاتير الأوروبي. نشرت رسومه في العديد من الصحف والمجلات منها كاريكاتير، “روز اليوسف”، “الأهرام”، و”المصري اليوم”. وحاز على الجائزة الاولى لأحسن رسام كاريكاتير من نقابة الصحافيين 2007.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة