التقيؤ في نهار رمضان

تتبادر إلى أذهان المسلمين مع حلول شهر رمضان المعظم من كل عام العديد من التساؤلات عن أهم مفسدات الصوم ومنقصات أجره، إلا أن الدخول في الصيام بالفعل والمرور بتجربة الامتناع عن تناول الطعام والشراب حتى زوال الشمس قد يأتي بالمزيد من التساؤلات. يتعرض الصائم أحيانا إلى بعض الاضطرابات في المعدة نتيجة التغير المفاجئ لطريقة تناول الطعام، خاصة من لا يعتادون على الصيام في غير أيام رمضان، الأمر الذي قد يتسبب في رغبة التقيؤ خلال ساعات الصيام، وهنا يطرح بعض المسلمين تساؤلا عن مشروعية التقيؤ العمد خلال الصيام.

يؤكد علماء الدين أن التقيؤ المتعمد نتيجة التعرض لآلام في المعدة أو للإصابة بمرض أمر محرم دينيا ويعتبر سببا مباشرا لإبطال الصوم، وعلى المسلم عندها القضاء عن الإفطار في هذا اليوم، إلا أن الإمساك عن الطعام بقية اليوم أمر واجب.

أما إذا تقيأ الصائم دون إرادته بخروج الطعام من جوفه دون تعمد فعليه أن يحاول منعه قدر الإمكان، فإن لم يستطع فعليه إخراجه من فمه وعدم المجازفة بإعادة بلعه لأن ذلك يعد خرقا للصوم، أي إفطارا عنه، ويجب على المسلم في تلك الحالة التكفير، أما إذا ما خرج الطعام من الفم فالصيام عندها لا بأس به وعلى المسلم إكمال صيام اليوم دون قلق وصومه مقبول بإذن الله.

قد يكون السبب الأول والأهم في تعرض الصائم لاضطرابات معدية أو معوية أثناء الصيام إفراطه في تناول الطعام بعد انقضاء فترة الصوم، الأمر الذي يعد منافيا للهدف الأساسي من الصوم. لا يمانع الإسلام تناول الاستكفاء من الطعام بعد زوال الشمس، إلا أن الأمر له قواعده، فبدلا من الإسراف في الطعام حتى النوم، هناك وسيلة أفضل، وهي تأخير السحور. عند تناول الصائم سحوره قبل الفجر مباشرة ليصلي بعدها ويذهب لمزاولة عمله هناك فرصة كبيرة لهضم الطعام والاستفادة من الطاقة الناتجة عن الغذاء أطول فترة ممكنة خلال اليوم. عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً " رواه البخاري ومسلم. لعل في هذا الحديث ما يثبت أن تأخير السحور أمر مستحب وواجب لضمان انقضاء الصوم بسلام دون تعرض لمشكلات في الهضم قد تتسبب في التقيؤ.